جهويات

كلميم واد نون..فسيفساء سهر على تشكيلها أبناء الجهة

يتسم الحقل الثقافي بجهة كلميم واد نون بكونه فسيفساء سهر على تشكيله أبناء الجهة، من المهتمين بالفعل الثقافي، وذلك بالعمل على جعل الثقافة بالجهة بروافدها الحسانية والأمازيغية رافعة من رافعات التنمية المحلية وآلية من آليات إشعاعها .

وقد منحت دينامية الشباب الفاعل في هذا الحقل زخما ورونقا لهذه الفسيفساء، التي تحيل عليها مجموعة من التظاهرات الفنية والثقافية والأدبية التي تحتضنها أقاليم الجهة الأربع طيلة السنة، والتي يقف ورائها شباب يعملون على إضافة لبنات لتلك التي أسس لها الرواد الذين أضحوا مرجعا لا غنى له لهؤلاء الشباب لما راكموه من خبرات وتجارب في هذا المجال .

و تعددت أوجه تألق وإشعاع الثقافة بجهة كلميم واد نون، إذ تمكن عدد من الشباب، منهم من جعل السينما نافذة من النوافذ التي يطلون عليها على العالم ، كالفاعل والناشط في مجال الفن السابع يوبا أوبركا الذي يسهر منذ سنوات على تنظيم مهرجان للسينما والبحر بمير اللفت (إقليم سيدي إفني) الذي يبرز المؤهلات الطبيعية والسياحية للإقليم ، وكذا المساهمة في تنشيط الساحة الثقافية بالاهتمام بتيمة البحر ومواضيعه، نظرا لما يمثله البحر من ركيزة أساسية بالنسبة للمنطقة على الصعيد الاقتصادي (الميناء) والسياحي.

ومن المجال البحري لجهة كلميم واد نون، الى مجالها الصحراوي، مع (المهرجان الوطني للسينما والصحراء) بإقليم أسا الزاك، الذي يقف وراءه ثلة من شباب الصحراء المبدعين ينشطون في إطار (جمعية مهرجان آسا للسينما والمسرح) ، الذين عملوا منذ 2013 على التعريف بهذا الفضاء الذي أغرى، وما زال، العديد من المبدعين وطنيا ودوليا.

وعرف نفس الإقليم، هذه السنة، ميلاد تظاهرة سينمائية أخرى تمثلت في مهرجان تويزكي للرحل (الجماعة الترابية تويزكي بإقليم أسا الزاك)، بمبادرة من (جمعية تويزكي الرمث لحماية المجال) التي تضم شبابا يحمل هم تثمين الثقافة الحسانية كأحد مكونات الثقافة المغربية، عبر الحفاظ على إرث البدو والرحل وتسليط الضوء على حياتهم وأنشطتهم المتنوعة.

وبحاضرة الجهة، مدينة كلميم، ما زالت (جمعية الشباب المبدع) وعلى رأسها الشاب سليمان بوروين ، تواصل الحفر في اتجاهات أخرى باهتمامها سنة 2018 خلال الدورة السابعة ل(مهرجان واد نون السينمائي) بالعمق الافريقي عبر الاحتفاء بالسينما التشادية، آخذة بعين الاعتبار أن منطقة واد نون كانت تاريخيا محور التقاء بين شمال المغرب والثقافات القادمة من أوروبا والمناطق المجاورة لها في اتجاه إفريقيا.

ولأول مرة بالجهة، تعزز المشهد الثقافي ، مؤخرا، بافتتاح المقهى الثقافي “نون بوك” بمبادرة من (جمعية مبادرة القراءة للجميع) التي يشرف عليها شباب فاعل في الساحة الثقافية بكلميم.

ولا يمكن الحديث عن الثقافة والفن والإبداع بجهة كلميم واد نون دون الحديث عن عناوين التألق الكبرى المتمثلة في موسم طانطان ، وأسبوع الجمل بكلميم والموسم الديني لزاوية أسا وغيره من التظاهرات التي لا يمكن حصرها.

وبنظرة سريعة على هذه الفسيفساء، يبرز موسم طانطان، المصنف سنة 2005 من قبل منظمة اليونيسكو ضمن “روائع التراث الشفهي واللامادي للإنسانية والمسجل سنة 2008 بالقائمة الممثلة للتراث الثقافي اللامادي للإنسانية” ، والذي أطفأ سنة 2018 شمعته ال 14، كمنارة إشعاع جهة كلميم واد نون، لاسيما مع حرص (مؤسسة ألموكار ) المنظمة له على الانفتاح كل سنة على ثقافات العالم بكل تلاوينها.

أما الموسم الديني السنوي لزاوية أسا “ملكى الصالحين” فقد اكتسى سنة 2018 أهمية خاصة بعد تصنيفه تراثا لاماديا وطنيا، ووضعه على لائحة اليونيسكو في أفق الاعتراف به تراثا لا ماديا للإنسانية في غضون السنتين المقبلتين.

وفضلا عن عبقه التاريخي والروحي والثقافي، تميز هذا الموسم منذ السنة الماضية بتنظيم مؤسسة (مؤسسة آسا الزاك للتنمية والفكر والثقافة) المشرفة عليه وبالتعاون مع جامعة ابن زهر بأكادير لملتقى الفرص حول التنمية المستدامة “كوب 2 (COP-D2) “.

ويسعى (مهرجان أسبوع الجمل)، الذي تنظمه جمعية مهرجان كلميم للتنمية والتواصل، الى أن يكرس نفسه كموعد سنوي للتبادل الثقافي والتلاقح الفني في أرقى تجلياته وتعبيراته بين مختلف المكونات الفنية محليا ووطنيا ودوليا.

ويعتبر “مهرجان أهازيج وادنون” عنوانا آخر وموعدا ثقافيا وفنيا مهما، لاسيما وأن تنظيمه (وزارة الثقافة والاتصال -قطاع الثقافة-) يأتي تفعيلا لمقتضيات المكون الثقافي من عقد برنامج تمويل وانجاز برامج التنمية المندمجة لجهة كلميم وادنون وفي إطار الاهتمامات الثقافية الرامية للتعريف بالأنماط المكونة للتراث المحلي بجهة كلميم وادنون ورد الاعتبار إليه.

وتبقى هذه التظاهرات كلها دليل على أن الثقافة والفن عناوين أخرى للدينامية التنموية التي تعرفها جهة كلميم واد نون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *