تربية وتعليم

خبيرة: التعلم باللغة الأم عامل أساسي في بناء شخصية الأطفال

أكدت أستاذة التعليم العالي بكلية العلوم والتربية التابعة لجامعة محمد الخامس، ماجدولين النهيبي، أن التعلم باللغة الأم يعد عاملا أساسيا في تحقيق “الأمن اللغوي” وبناء شخصية الأطفال وهوية الأجيال الناشئة. وأبرزت النهيبي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للغة الأم (21 فبراير)، ضرورة تنشئة الأطفال خلال السنوات الثلاث الأولى من عمرهم على تعلم لغتهم الأم أولا وإتقانها، قبل التوجه نحو اللغات الأجنبية التي يمكن تعلمها في روض الأطفال وعلى امتداد مختلف المراحل التعليمية.

وحذرت الخبيرة في التربية والتعليم من أن الحرص المبالغ فيه لبعض الآباء على تعليم أطفالهم اللغات الأجنبية في المراحل المبكرة من حياتهم، وإهمال تلقينهم لغتهم الأم، يمكن أن تكون له نتائج سلبية على هؤلاء الأبناء الذين قد يواجهون لاحقا اضطرابات لغوية، مشددة في هذا الصدد على ضرورة تجنب مخاطبة الآباء لأبنائهم في البيت بلغة أخرى غير لغتهم الأم، وترك مهمة تلقينهم اللغات الأجنبية للمدرسة.

وأضافت أن الأطفال الذين يتحدثون في البيت باللهجة الدارجة يكون من السهل عليهم تعلم اللغة العربية الفصحى في المدرسة لوجود تقارب كبير بينهما، بينما قد يجد أطفال آخرون ممن لم يحظوا بتلك الفرصة صعوبة في تعلم اللغة العربية واكتساب مهاراتها. وخلصت الخبيرة إلى التأكيد على أهمية اللغة الأم في تعزيز الشعور بالانتماء لدى الأجيال الصاعدة، مشيدة بحرص مغاربة المهجر على تعليم أبنائهم ومخاطبتهم بلغتهم الأم، سواء كانت دارجة أو أمازيغية، وتشجيعهم على التحدث بها، بما يسهم في توطيد صلتهم بوطنهم الأم وتعزيز هويتهم وإثراء شخصيتهم.

وفي السياق ذاته، أكدت أن قرار منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) الاحتفال بيوم عالمي للغة الأم ليس بالأمر العبثي، لكنه جاء لمنح الاعتبار للغة الأم التي تعتبر أساسية في تكوين وصقل شخصية المرء. وتحتفل منظمة (اليونسكو) في 21 فبراير من كل سنة باليوم العالمي للغة الأم، لتسليط الضوء على ضرورة زيادة الوعي بأهمية التعليم القائم على اللغة الأم، وللتذكير بأهمية هذا الرافد الثقافي والفكري الذي يشكل أساس وجود المجتمعات.

وأشارت المنظمة إلى أن احتفالات هذه السنة باليوم العالمي للغة الأم، التي ستقام تحت شعار “لغات بلا حدود”، ستسهم في تعزيز الحوار السلمي والإدماج الاجتماعي، معتبرة الاعتراف بالتنوع اللغوي والثقافي مساهمة في تعزيز وحدة المجتمعات وتماسكها، وأساسا لتحقيق سلام أكثر ديمومة ضمن المجتمع نفسه وفيما بين المجتمعات على حد سواء.

وبحسب منظمة الأمم المتحدة، فإن 43 في المائة من اللغات المحكية في العالم حاليا، والبالغ عددها أزيد من ستة آلاف لغة، معرض للاندثار، حيث تشير معطيات المنظمة إلى اختفاء لغة واحدة كل أسبوعين، آخذة معها تراثا ثقافيا وفكريا كاملا، ما يعرض التنوع اللغوي للخطر.

وحذرت المنظمة من أن التنوع اللغوي يتعرض لتهديد متزايد مع اختفاء المزيد والمزيد من اللغات، مشيرة إلى أن 40 في المائة من سكان العالم لا يحصلون على التعليم بلغة يتكلمونها أو يفهمونها، داعية الحكومات إلى وضع التعليم باللغات الأم ضمن أولوياتها.

وأكدت اليونسكو على أهمية التعليم ثنائي اللغة أو متعدد اللغات القائم على اللغة الأم في سنوات التعليم الأولى لما له من أهمية في بناء أسس متينة للتعلم، معتبرة أن استخدام اللغة الأم مع الأطفال الصغار في المنزل أو في التعليم ما قبل المدرسي يساعدهم على اكتساب مهارات القراءة والكتابة بلغتهم الأم على نحو سهل، وقد يساعدهم أيضا على اكتساب لغة ثانية (قد تكون لغة وطنية) في مرحلة لاحقة من تعليمهم المدرسي.

بالمقابل، أكدت منظمة الأمم المتحدة على إحراز تقدم في التعليم متعدد اللغات القائم على اللغة الأم مع تزايد الوعي بأهميته، لا سيما في التعليم المبكر، والالتزام المتزايد بتطوره في الحياة العامة.

ويقصد بالتعليم القائم على اللغة الأم بوجه عام استخدام اللغات الأم في المنزل وفي المدرسة. ويستحسن أن ترتكز عملية اكتساب الكفاءات اللغوية وتعلم القراءة والكتابة باللغة الأم على موارد مكتوبة تشمل على سبيل المثال لا الحصر المطبوعات والكتب التمهيدية والكتب المدرسية، لما لها من أثر في دعم التعبير الشفهي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *