كواليس

بجواز فرنسي..الباكوري كان ينوي الهروب إلى السعودية

تتطور الأحداث في قضية المدير العام للوكالة المغربية للطاقة الشمسية، مصطفى الباكوري، بعد منعه من مغادرة التراب الوطني، بعدما كان متوجهاً للإمارات قبل أسبوعين.

وكشفت مصادر مطلعة أن مصطفى الباكوري، المدير العام للوكالة المغربية للطاقة الشمسية (مازن)، ورئيس جهة الدار البيضاء، والأمين العام الأسبق لحزب الأصالة والمعاصرة، كان يستعد لمغادرة التراب الوطني بشكل نهائي وليس سفر عمل فقط.

مَنْع الباكوريِّ -الذي يشغلُ أيضاً رئاسة أكبر جهة في المغرب، وهي جهة الدار البيضاء- أثارَ الجدلَ، واختلفت الروايات حوله، لكن الأمر المؤكد أن المنع كان بأمر قضائي، بسبب مخالفات في تسيير الوكالة المغربية للطاقة الشمسية، وهو أكبر مشروع يراهن عليه المغرب، ويحظى بدعم ملكي مباشر.

وأضافت هذه المصادر أن “الباكوري كان فعلاً متوجهاً إلى الإمارات في سياق مؤتمر دولي حول الطاقات المتجددة، لكنه في الواقع استغلّ هذا الحدث الطاقي الدولي ليغطي به خروجه من المغرب”، حسب قولها.

وأضافت المصادر في حديثها ل”عربي بوست”، والتي طلبت عدم الكشف عن هويتها، أن “مصطفى الباكوري رتّب أموره ليبدأ حياة جديدة خارج المغرب، كما أنه كان يستعد لبدء عمل جديد مع أحد أمراء العائلة الحاكمة في السعودية في مجال الطاقة”.

وأكدت المصادر نفسها أن الباكوري مُنع قبل أكثر من سنة من ممارسة مهامه داخل الوكالة المغربية للطاقة الشمسية، وتحول إلى مشرف على الأمور التدبيرية البسيطة فقط، ما سبب تعطيلاً للعمل داخلها”.

وزادت المصادر ذاتها أن “مصطفى الباكوري شرع في ترتيب مستقبله خارج المغرب، مستفيداً من علاقاته التي بناها داخل المؤسسات السياسية والاقتصادية، وبناها انطلاقاً من خبرته وكفاءته”.

وأشارت المصادر نفسها أن “الباكوري، المعروض على التحقيق، والممنوع من السفر، حاول التحايل على هذا القرار من خلال محاولة السفر باستعمال جواز سفر فرنسي، باعتباره يحمل الجنسية الفرنسية”.

كما أكدت هذه المصادر وجود مخالفات إدارية وتنظيمية كبيرة في عمل الوكالة المغربية للطاقة الشمسية (مازن)، كان لها تأثير سلبي على رفع الكلفة المالية لهذه الوكالة، وزيادة الأعباء المالية على المغرب في الطاقة عوض تقليصها.

وكشفت المصادر ذاتها أنه “عند كل مشروع تقوم الوكالة المغربية للطاقة الشمسية (مازن)، باعتبارها مؤسسة عمومية بالاقتراض من المؤسسات الدولية بسعر فائدة متدنٍّ، ثم في مرحلة ثانية تُنشئ شركة خاصة مثلا (نور 1)، (نور 2)، و(نور 3)، وتُقرضها بسعر فائدة أعلى نسبياً من السعر الأول، ثم في مرحلة ثالثة تقوم باستثمار الفرق بين سعري الفائدة”.

وأوضحت المصادر نفسها أن الوكالة المغربية للطاقة الشمسية (مازن)، عوض الاستثمار مباشرة في حقول الطاقة المتجددة، اختارت إنشاء ما يسمى بـ(الشركات المنشأة لغرض واحد)، حيث عهدت لكل شركة بإدارة كل حقل على حدة، وبشكل مستقل عن باقي الشركات”.

وشدَّدت المصادر ذاتها أنه عند مرحلة الاستثمار بدأت تظهر المخالفات والمشاكل، إذ بدأ التلاعب في الأموال المخصصة للاستثمار، وانطلق مسلسل ضياع المال العام”.

أيضاً هناك سبب آخر زاد من الارتباك الإداري والتدبيري داخل الوكالة، هو خروج الرجل الثاني في الوكالة منها، وتكليفه من طرف الملك بمنصب مدير عام صندوق إثمار الموارد، ويتعلق الأمر بعبيد عمران، الذي كان يشغل منصب نائب رئيس مجلس إدارة (مازن).

وأشارت المصادر ذاتها إلى أن غياب عمران سيؤثر بشكل سلبي على وتيرة العمل داخل الوكالة، خاصة أن الرئيس الباكوري أصبح قليل الحضور والإشراف منذ انتخب رئيساً لجهة الدار البيضاء في 2015، وهذا خلل آخر.

وكشفت المصادر أيضا، بخصوص تفاصيل التحقيق في القضية، هو أن أربعة أشخاص من كبار المديرين في الوكالة المغربية للطاقة الشمسية، يخضعون للتحقيق أيضاً ولإجراء إغلاق الحدود، في ملف المخالفات التي تعرفها الوكالة، إضافة إلى مديرها العام مصطفى الباكوري.

وكشفت المصادر نفسها أن “الرئيس هو الأكثر تورطاً في هذه المخالفات، لأنه كان على رأسها منذ 2009، وكذلك على اعتبار أن هؤلاء المسؤولين الأربعة حديثو عهد بالعمل داخل الوكالة، فبعضهم لم يمض على تعيينه إلا سنة واحدة”.

وتفجرت القضية تفجرت في 29 مارس الماضي، بعد قيام شرطة مطار محمد الخامس بالدار البيضاء بمنع مصطفى الباكوري من السفر، ليشيع بعدها أن رئيس الوكالة المغربية للطاقة الشمسية موضوع “غضبة ملكية”.

بعد ذلك بأيام يُسدل الستار على رواية “شبه” رسمية، تقول إن منع مصطفى الباكوري من السفر إجراء قضائي اتخذته النيابة العامة، في إطار تحقيق قضائي مفتوح معه، بشأن مخالفات منسوبة إليه على رأس وكالة الطاقة.

وتلتزم النيابة العامة في المغرب الصمت في هذا الموضوع، رغم أن الصحافة والمصادر المقربة من الباكوري تُقر بفتح تحقيق معه ومسؤولين آخرين داخل الوكالة، رغم مرور نصف شهر على ظهور نتائجه (المنع من السفر).

ودخل البرلمان على خط التحقيق مع الباكوري، إذ راسل فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب رئيس لجنة البنيات الأساسية والطاقة، لعقد اجتماع للجنة مناقشة مستويات إنجاز مشاريع “نور” المتعلقة بالطاقة الشمسية.

وطلب الفريق “عقد اجتماع مع وزير الطاقة والمعادن والبيئة، عزيز رباح، وبحضور المدير العام للوكالة المغربية للطاقة المستدامة مصطفى الباكوري، لمناقشة “مستويات مساهمة هذه الوكالة في تطبيق الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة، وكذا مستويات إنجاز مشاريع (نور) المتعلقة بالطاقة الشمسية، وكذا العقبات التي تعترض إتمام هذه المشاريع، وصدور تقارير تتحدث عن فشل بعض اختيارات هذه الوكالة”.

في أكتوبر 2020، ترأس الملك محمد السادس جلسة عمل خصصت لاستراتيجية الطاقات المتجددة، سجل خلالها الملك بعض التأخير الذي يعرفه هذا المشروع الواسع، ولفت الانتباه إلى ضرورة العمل على استكمال هذه الورش في الآجال المحددة، وفق أفضل الظروف، وذلك من خلال التحلي بالصرامة المطلوبة.

وأثارت اللغة غير المعتادة لبلاغ الديوان الملكي في مخاطبة مدير عام، أن الثابت أن مصطفى الباكوري واحد من الشخصيات التي توصف بكونها مقربة من الملك ومحيطه، بدليل أنه ظل رئيساً لمدة 10 سنوات على رأس الوكالة التي تشرف على إدارة قطاع حيوي ويدير رساميل ضخمة.

وبعد منع الباكوري من السفر بدأ البحث عن أسباب هذه التطورات الجديدة، إذ انتبه المراقبون إلى رأي أصدره “المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي”، في 9 يوليوز 2020، حمل عنوان “تسريع الانتقال الطاقي من أجل وضع المغرب على طريق النمو الأخضر”.

التقرير الذي ورد في حوالي 70 صفحة سجل عدداً من المخالفات في تسيير الوكالة الطاقية في المغرب، والذي أُطلق عليه “أوجه القصور”، عرضها على امتداد 7 صفحات من التقرير، وخلال 8 عناصر.

ولعل أبرز ملاحظات التقرير هو الرقم الكبير الذي سجله بخصوص العجز السنوي للوكالة، الذي يتجاوز 800 مليون درهم.

وسجل التقرير أن اختيارات المغرب في قطاع الطاقة المُتجددة كانت مُكلفة بمقابل مردود ضعيف، إذ يتم إنتاج الطاقة بكلفة أكثر من 1.50 درهم للكيلووات، من الحقول الثلاثة (نور1،2،3)، فإنه يباع بأقل من 0.85 درهم للمكتب الوطني للكهرباء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *