متابعات

تارودانت: أزمة العطش بين خذلان المسؤولين وجبن المنتخبين

تعرف مدينة تارودانت انقطاعات متكررة للماء الشروب دون سابق إنذار من المكتب الوطني للماء، باعتباره الجهة الموكول لها تدبير هذه المادة الحيوية، وقد تسبب هذا الانقطاع في خلق استياء كبير لدى سكان المدينة خاصة وأن المنطقة تعرف ارتفاعا مهولا لدرجة الحرارة في فصل الصيف.

وأصبحت أزمة ندرة مياه الشرب إشكالية بنيوية تتعلق بشح المياه الجوفية واعتماد المسؤولين على حلول ترقيعية تتعلق بتعميق الآبار المزودة للمدينة بالماء الشروب في ظل تزايد الطلب المتزايد على المادة الحيوية بفعل النمو الديمغرافي والتزايد الملحوظ في التجزئات السكنية خارج أسوار مدينة تارودانت.

ويسود استياء عميق سكان المدينة بفعل فشل المسؤولين في تنزيل المشاريع المبرمجة للحد من هذه الظاهرة، وضعف المنتخبون والبرلمانيون في الترافع عن هذه أمام المسؤولين مركزيا للالتزام بتعهداتهم وإنجاز المشاريع المهيكلة للقضاء على هذا الإشكال نهائيا.

يسود استياء عميق في أوساط سكان أهم الحواضر باقليم تارودانت بسبب ندرة مياه الشرب وانقطاعها المتكرر، بسبب عدم قدرة المكتب لوطني للماء على توفير هذه المادة الحيوية، واقتصاره على البحث عن حلول ترقيعية تتعلق بقطع مياه الشرب في أوقات معينة. وظهرت بشكل جلي إشكالية التزود بمياه الشرب بأكبر التجمعات السكنية بإقليم تارودانت بسبب التقلبات المناخية التي أدت إلى نقص حاد في مخزون المياه سواء الجوفية أو المخزنة بالسدود. وازداد غضب السكان من تدبير مياه الشرب من طرف المكتب الوطني للماء، خاصة أنه تم اقبار مشروع تزويد بعض الجماعات الكبرى بالاقليم ومنها مدينة تارودانت بالماء الشروب من سد اولوز.

كما أن وزير التجهيز عبد القادر اعمارة أعطى جدولة زمنية للتزود بمياه الشرب من سد أولوز، وحددها في متم السنة 2019، إلا أن المكتب الوطني تملص من إنجاز هذا المشروع المهيكل، لتستمر معاناة السكان مع الماء الشروب بسبب شح المياه الجوفية التي يعتمد عليها المكتب. وقد عمد مسؤولو قطاع الماء بتارودانت على وضع جدولة زمنية لتزويد مدينة تارودانت بالماء الشروب عبر مد قنوات من سد أولوز إلى المدينة لسد الخصاص المسجل في المياه الجوفية.

وأظهر هذا الأمر عدم قدرة مكتب الوطني للماء على توفير حاجيات السكان لأسباب تتعلق بضعف استثمارات المكتب الوطني للماء بهذا الاقليم. حيث إن المكتب لم يقم بأي استثمار للزيادة في عدد الآبار ومحطات التجميع، كما بقي مشروع تزويد الجماعات بالماء الشروب حبرا على ورق، رغم ان المكتب الوطني للماء، قد وعد في اجتماعات رسمية بمد قنوات التزود بالماء الشروب من سد اولوز للقضاء نهائيا على مشكل انقطاع الماء الشروب.

ومن الحالات الغريبة بمدينة تارودانت، فرض المكتب الوطني للماء الصالح للشرب على أصحاب الرخص الجديدة للربط بالماء الصالح للشرب رسما إضافيا للمساهمة في تكلفة ربط مدينة تارودانت بالماء الصالح للشرب من سد اولوز الذي يبعد عن المدينة بما يزيد عن 90 كلم، ورغم استخلاصه لهذا الرسم منذ 5 سنوات إلا أن مشروع التزود بالماء من سد اولوز بقي في الرفوف دون أن ينجز رغم احتجاجات السكان المتتالية. واعتبر سكان التجمعات السكنية الحديثة بتارودانت موقف المكتب الوطني للماء المتعلق بارغام الملزمين بأداء تكلفة مد قنوات جلب مياه الشرب حيفا في حق سكان تارودانت، خاصة وأن مد القنوات من اختصاص المكتب الذي يعتبر مرفقا عموميا يدبر قطاعا حيويا.

وفي ظل هذه الوضعية مازالت الجهات المسؤولة تلجأ إلى حلول ترقيعية اتجاه هذا الوضع المخيف، ولم تقم بسن إجراءات استباقية لتوفير مياه الشرب لساكنة المناطق المتضررة، خاصة وأن 15 جماعة فقط بتارودانت يتم تدبير قطاع الماء من طرف المكتب الوطني للماء الشروب، فيما جمعيات سكنية تدبر قطاع الماء بامكانيات محدودة في 74 جماعة أخرى بالاقليم.

 

ومن جهة اخرى، لزم برلمانيو الإقليم أمام معضلة تزود سكان تارودانت بالماء الشروب، إلا في الحالات المسجلة في السنوات الماضية والمتعلقة بتوجيه اسئلة لوزير التجهيز حول نذرة مياه الشرب ببعض جماعات الإقليم في إطار تصفية الحسابات السياسية مع خصومهم السياسيين الذين يسيرون تلك الجماعات.

كما أن اتخاذ قرار تزويد اكادير الكبير بمياه الشرب من سد اولوز السنة الماضية، أدى إلى سخط واستهجان من سكان مدينة تارودانت، خاصة بعد اقصائهم من التزود من هذه المادة الحيوية من نفس السد رغم مرور قنوات الربط بالقرب من هذه التجمعات السكنية. كما أن المشروع ساهم مشروع تمديد قنوات لجلب مياه الشرب من سد أولوز إلى مدينة أكادير وإنزكان، إلى خلق ضغط إضافي على مخزون المجمع المائي اولوز، والذي لا تتعدى حقينه 130 مليون متر مكعب. وتعطيل مشروع تزويد 15 جماعة باقليم تارودانت بالماء الشروب من نفس السد.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *