ثقافة وفن

“كاسامار” وغيرها..معالم تاريخية تضيء طرفاية

تطالعك معلمة “كاسامار” ما إن تدلف إلى كورنيش طرفاية، المدينة التي تقع شمال مدينة العيون بحوالي 100 كلمتر، وتعد مزهوة، أهم معلمة تاريخية تميز المدينة عن باقي مدن الجنوب المغربي الأخرى.

” كاسامار” أو دار البحر، عنوان تاريخ تليد يعكس مدا وجزرا، أنشأها الإنجليز وتحوزها الإسبان، أنشأها المهندس والتاجر الإنجليزي “دونالد ماكينزي” سليل لندن بدعم من الحكومة البريطانية، لأغراض ميركنتيلية ظاهرها، وباطنها قضم تراب لبسط هيمنة ضاقت بها صدور “أهل التراب” الذين لم يألوا جهدا للذب عن أراضيهم ضد هذا التواجد “البراني”.

بعدها تحوز الإسبان المعلمة التاريخية من قبل “مانويل فيتيغو” الذي حل محل “ماكينزي” لتفتح صفحة جديدة من المبادلات التجارية مع الإسبان الذين كانوا مزودي الساكنة بالمواد الغذائية والألبسة والأسلحة، مقايضة بالفحم الحطبي.

راهن حال معلمة “كاسامار” ليس أحسن حالا من أمسها، أمس كانت مناط تكالب من قوى استعمارية تحقق منها أغراضها، أما اليوم فـ”دار البحر” تعد هبة طرفاية التي تبتغي التثمين ويتعين صونها لجني عوائدها الثقافية والسياحية، بما يعرف أكثر بحاضرة مدينة طرفاية و(يعد لفظ طرفاية لفظا أمازيغيا مركبا ويتكون من طرف أي جانب و آيا أي هنا بمعنى هنا جانب البحر أو الشاطئ)، ويتعلق الأمر بدلالة جغرافية تحيل على موقع المدينة الصالح لرسو السفن، وتعرف تاريخيا عند الأجانب باسم كاب جوبي ( cap juby)- على أوسع نطاق، ففي هذا الصدد أطلقت وزارة الثقافة مشروعا لإعادة تثمين معلمة كاسامار.

الحسن الشرفي المدير الجهوي لقطاع الثقافة بالعيون-الساقية الحمراء، قال إن الأمر يتعلق بمدينة تاريخية طافحة التراث، وتضم معالم أثرية كولونياليىة على غرار “دار البحر” أو كاسامار”، أو حتى “ميناء فيكتوريا” كمعلمة بنيت سنة 12 دجنبر 1879 وانتهت أشغالها سنة 1882، كما شكلت محطة مينائية للتبادل التجاري بين جزر الكاناري ومدينة طرفاية.

وأوضح المسؤول الثقافي أن مرام تأسيسها كان التهرب الضريبي وعدم تأدية المكوس التي تفرضها سلطات ميناء الصويرة، مشيرا إلى أن هذه المرجعية التاريخية الكبرى لهذه المعلمة “تستدعي التدخل لترميمها وتثمينها”.

وفي معرض هذا الترافع، أشار إلى أن العمل منكب على تسجيل معلمة “كاسامار” كتراث وطني، كما عبأت الوزارة مبلغ 10 ملايين درهم، داعيا إلى تضافر جهود كل المتدخلين على غرار عمالة إقليم الطرفاية والمجلس الإقليمي ووكالة الجنوب وجماعة طرفاية لتعبئة ما مجموعه 50 مليون درهم.

وعدد الشرفي العوائد جد الإيجابية لهذا الترميم والتثمين، لاسيما السياحية، والتي سيعضدها وسيعرف بها كما يليق مشروع متحف “دار البحر”، ومركز للتراث الشفهي بإقليم طرفاية، وأبعاده الجهوية عموما، مشيرا إلى أن استحضار البعد النضالي والتاريخي لهذه المعلمة سيوسع أحياز التعريف بالأدوار التاريخية القديمة كما الحديثة لهذا الربع الغالي من الوطن.

وبعدما اعتبر المشروع بالمهم وتنكب عليه مختلف الأطراف، كشف مواقع أخرى يتعين إيلاؤها مزيدا من العناية من قبيل “سينما طرفاية” وموقع “اخنيفيس” و”السبخات” (عبارة عن أراضي ملحية تتكون نتيجة لترسيب الأملاح بصورة كبيرة ومستمرة، فتكون قشرة بيضاء من البلورات الملحية وتكون هذه القشرة هشة ضعيفة)، على غرار سبخة “الطاح”، و”أم الضبع”.

وخلص إلى أن طرفاية البوابة بالغة الأهمية والكنز الثقافي والتراثي، والتي تختزن متحف الصناعة التقليدية الخاصة بأهل الصحراء، ويضم جميع الأدوات التي احتاجها معمر هذه الأرض، كالخيمة والمنتوجات المرتبطة بإنتاج حليب النوق، ومتحف “سانت إسكبيري” الذي تعلق وجدانيا بهذا التراب، في أمس الحاجة إلى نهضة ثقافية تنهض بها كل المكونات والفعاليات، من سلطة ومن فعاليات المجتمع المدني لرد الاعتبار لمدينة طالها النسيان أو يكاد حتى جاءت العناية الملكية، ومرامي المكون الثقافي للنموذج التنموي الجديد لأقاليم جنوب المملكة الموقع بين يدي الملك سنة 2015.

وتوخى هذا المكون صون هذا الكنز الثقافي بشقيه المادي واللامادي، ورد الاعتبار إلى أهله والعاملين فيه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *