متابعات

هل ورط الغباء السياسي الجزائري قيس سعيد؟

“يبدو أن عدوى الغباء السياسي الجزائري قد انتقلت الى قصر قرطاج” .هكذا وصف أحد معارضي نظام العسكر الجزائري مطبة استقبال الرئيس التونسي لابن بطوش الذي حل مدسوسا بين حقائب الوفد البوروندي على متن الطائرة الرئاسية الجزائرية.

و لعل الوقائع التي أحاطت بعملية الاستقبال الرسمي لوفد الكيان الوهمي الأغبر من لدن قيس سعيد تكشف عن ارتباك واضح وقلق سافر على وجه الرئيس التونسي الذي يبدو أنه يعرف جيدا عمق المطبة التي أسقطه فيها نظام البروتكان الجزائري.

و في مشاهد النقل المباشر على شاشات الإعلام الرسمي التونسي لوقائع استقبال الوفود المشاركة في القمة الثامنة لمنتدى التعاون الياباني الإفريقي تيكاد 8 ،ما يثبت صحة هذا القول: فهل يستوعب العقل الدبلوماسي وصول طائرة تابعة للرئاسة الجزائرية إلى مطار تونس ولا أحد من الفريق الرئاسي و الدبلوماسي و الإعلامي في موقع الاستقبال استطاع أن يفهم ما حصل بالضبط ؟…طائرة جزائرية تتوقف أمام بساط أحمر ،و المعلق التونسي على شاشة الإعلام الرسمي يتحدث عن وصول الوفد الجزائري.

يفتح باب الطائرة و يتقدم قيس على البساط الأحمر باتجاه “ليلاه” المنتظرة ..فجأة يترجل الرئيس البورندي على درج الطائرة ..يصاب المعلق بالارتباك و تتبعثر أوراقه..يبدو أنه لا علم له بما يحدث ..ربما حتى الرئيس اسعيد أصيب بالارتباك و مما زاد الأمر غموضا و بهلوانية هو حين انغلق باب الطائرة الجزائرية بعد نزول الوفد البوروندي و حين غادرت المدرج و اختفت لدقائق لتعود نفس الطائرة الرئاسية الجزائرية من جديد و تتوقف أمام البساط الأحمر و هذه المرة يزداد الأمر سوء و يرتبك الصحفي المعلق على شاشة المباشر: هي نفس الطائرة الجزائرية تعود الى المكان نفسه و يعود الرئيس و علامة الغبن تعلو ملامحه و كأن لسان حاله يقول : ما هذه الورطة التي أسقطك فيها الغباء الجزائري؟.

يفتح باب الطائرة الجزائرية من جديد و هذه المرة يطلع بن بطوش بالطريقة التي خطط لها نظام “البروتكانات” و على طريقة البهلوان الساحر الغبي الذي فشل في تحويل ضفدع مريض إلى طائر.و المعلق الصحفي هذه المرة يبتلع ريقه و يلعن في سره هذه الورطة ..قبل أن يعلق على المشهد ببؤس : “فخامة الرئيس قيس اسعيد يستقبل رئيس جنوب الصحراء “..
هكذا إذن يتكرر الوضع المهين و المشهد المذل لابن بطوش ..بالأمس تم إدخاله سرا بهوية مزورة على سرير المرض إلى الأراضي الإسبانية و اليوم نفس الطائرة تقله إلى تونس مدسوسا بين أمتعة الوفد الرئاسي التونسي. إنه الخبل السياسي و الانحطاط الدبلوماسي الذي بلغه نظام العسكر الجزائري.

بعد هذا التآمر البئيس الذي كشف عن بشاعة العورة الدبلوماسية لقيس اسعيد و زاد في تعرية الغباء السياسي لدى طغمة العسكر الجزائري الحاكم وسط تعتيم اعلامي ثقيل ضرب على أشغال “تيكاد8 “خرجت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، ببيان قوي اللهجة نبهت فيه الى “ارتفاع مؤشرات نسب حجب المعلومات والمنع والتضييق على العمل الصحفي وتواصل سياسة التمييز بين وسائل الإعلام.”

ودعت نقابة الصحفيين التونسيين في ذات البيان ، وزارة الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج،”إلى توضيح أسباب المنع الذي طال طواقم إعلامية خلال سعيها إلى تغطية لقاء بمقر الوزارة، حول حدث مهم تشهده تونس ويتعلق الأمر بمؤتمر تيكاد.”

لكن يبدو أنه بمجرد إصدار هذا البيان الذي يكشف خطورة درجة التعتيم و التضليل الذي اكتنف الحيثيات الحقيقية لاستقبال ابن بطوش حتى تحركت آلة التحكم من أجل دك ما أثاره بيان النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين هذه الأخيرة بادرت إلى ابتلاع كل مبادئ المهنية لتخرج ببيان آخر مطبوخ على نار التتريب و التوبيخ لكن مع إضافة توابل الحديث عن السيادة الوطنية التونسية حيث دعت “النقابة كافة القوى الوطنية والسياسية والمدنية إلى التصدي وبقوة لكل ما من شأنه أن يمس سيادة الدولة التونسية و حرمتها.

وشددت على أن نضالات القوى المدنية والسياسية ضد السلطة في تونس من أجل قضايا الحريات وحقوق الإنسان والحكم الرشيد لا تمنعها من الاضطلاع بدورها الوطني في الدفاع عن مصالح البلاد” .

و قد أصدرت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين هذا البلاغ في الوقت الذي عبر فيه الفاعلون السياسيون التونسيون والمجتمع المدني التونسي عن ذهولهم واستيائهم لسلوك الرئيس قيس سعيد الذي أساء للعلاقات التاريخية القائمة بين البلدين.

في المقابل و في الوقت الذي تتحدث فيه النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين عن الدفاع عن ما أسمته مصلحة البلاد- و كأن توريط تونس في الخروج من موقع الحياد تجاه قضية الصحراء المغربية يمثل مصلحة تونس و التونسيين -، في مقابل هذا البيان التونسي أصدرت امس النقابة الوطنية للصحافة المغربية بيانا يتصف بالمهنية و الاتزان وتغليب مصلحة الشعوب المغاربية و هو البيان الذي دعت فيه النقابة الوطنية للصحافة المغربية “جميع المنظمات المدنية والنقابية والحقوقية، وكل النخب الإعلامية والثقافية إلى التصدي لكل المناورات التي تستهدف العمل المغاربي المشترك، عبر استهداف سيادة الدول ووحدتها الترابية، كما دعت إلى العمل على تمتين أواصر العلاقات بين شعوب المنطقة بما يخدم السلم والاستقرار والأمن والديموقراطية.”

و أمام هذا الوضع السيء الذي آلت إليه العلاقات المغربية التونسية بسبب تهور غير محسوب العواقب من الرئيس التونسي قيس اسعيد يكون مؤتمر “تيكاد 8، قد كشف عن صفقة سياسية فاشلة في تجارة إقليمية بائرة بين قيس اسعيد و عبد المجيد تبون خارج مصلحة الشعبين التونسي و الجزائري بل و خارج مصلحة الشعوب المغاربية -وهي تجارة خاسر/خاسر- ، لن تزيد الأخسرين إلا سعارا و لن تحرك في قضية الصحراء ذرة رمل ..لأنها بكل بساطة قضية شعب و ملك .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *