متابعات

آسا: باحثون مغاربة وآفارقة يبرزون متانة العلاقات الدينية بين المغرب وإفريقيا

أكد أكاديميون وباحثون ومهتمون بمجال التصوف مغاربة وأفارقة،أمس السيت بمدينة آسا (إقليم آسا الزاك) أن العلاقات الروحية والدينية بين المغرب وإفريقيا هي وثيقة الصلة ومتجدرة منذ التاريخ.

واعتبر المتدخلون، من المغرب والسينغال ومالي وبوركينا فاصو وموريتانيا ورواندا، خلال ندوة دولية حول موضوع “الحضور المغربي في إفريقيا من خلال الزوايا الصوفية” ضمن فعاليات الموسم الديني السنوي (ملكى الصالحين) لزاوية آسا الذي ينظمه المجلس الإقليمي لآسا الزاك من 8 إلى 12 دجنبر، أن الزوايا الدينية ومن خلال الطرق الصوفية كان لها دور مهم في ترسيخ ارتباط المغرب الديني بإفريقيا، مشيرين إلى أن التصوف المغربي كان له تأثير كبير خاصة في غرب إفريقيا.

وفي هذا الصدد، أكد نائب رئيس جامعة القرويين بفاس محمد أديوان ، أن العلاقات الروحية بين المغرب وإفريقيا هي علاقات قديمة وقوية تم ترسيخها عبر عدة محطات تتمثل أساسا في انتشار الإسلام بربوع إفريقيا وترسيخ الأصل الصوفي المغربي عن طريق جهود المغاربة من علماء وفقهاء الصوفية والحجاج الأفارقة الذين عبروا إلى الحج عبر المغرب وكذا البعثات الطلابية الإفريقية إلى جامعة القرويين من أجل استتمام الثقافة في العقيدة الأشعرية والمذهب المالكي.

وأشار إلى أن انتشار النمط الفكري الصوفي المغربي بعدد من بلدان إفريقيا جعلها جزءا من التراث المغربي وأيضا التراث المغربي جزء من التراث الإفريقي لأن الأفارقة ، يضيف السيد أديوان، يدركون بأن التصوف أصله مغربي منذ عهد الموحدين وهو تصوف مبني على محبة الله والرسول ومحبة الناس، مبرزا أن الأفارقة كانوا يبحثون منذ القدم عن طرق صوفية يتشبثون فيها بالتراث الروحي المغربي وترسيخه في تقاليدهم حتى يكون هذا الإرث الروحي المشترك بين المغرب وإفريقيا إرثا فعالا ووظيفيا.

ومن جهته، أكد ديكو حمدوم، وكيل كلية الهدى للدراسات الإسلامية والمهنية بوغادوغو (بوركينا فاصو) أن الحضور الروحي والثقافي والاجتماعي للمغرب ببوركينا فاصو كان “متميزا” من خلال الزوايا ويتجلى ذلك في المعاملة السمحة التي يتميز بها المغاربة والمنهج الدراسي الذي تبنته الزوايا عبر الكتب الدينية المؤسسة على المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية والطريقة التيجانية .

وأضاف أن العلاقات الدينية بين المغرب وإفريقيا ضاربة في التاريخ من خلال مساهمة علماء المملكة المغربية في انتشار الإسلام بغرب إفريقيا ، وكذا استقبال المغرب للطلاب الأفارقة قصد التكوين في الشأن الديني .

واستحضر المتدخل، بالمناسبة، سيرة مؤسس الزاوية التيجانية في مدينة ديبو (بوركينا فاصو ) الشيخ عبدالله ديكوري الذي كان قدوة في السلوك الصوفي والجانب الروحي .

من جانبه، اعتبر علي سيس أنياس الكولخي ، شيخ صوفي، وحفيد مؤسس الزاوية التيجانية بمدينة كولخ بالسينغال ، أن الروابط الدينية والروحية بين المغرب وإفريقيا وخاصة السينغال هي متجدرة وقديمة، مستحضرا سيرة جده الشيخ ابراهيم أنياس مؤسس الزاوية التيجانية بالسينغال .

وبدوره ، تطرق محمد سالم جدو ، باحث في التراث الثقافي بموريتانيا، إلى إرهاصات التصوف الموريتاني ، مشيرا إلى أن المغرب يعد مصدرا للتصوف بموريتانيا وبلاد شنقيط وأن منبع التصوف وجذوره هو المغرب، مستحضرا نماذج من الطرق الصوفية المغربية الأكثر حيوية في موريتانيا كالشاذلية والقادرية والتواتية.

من جهته، أكد يونس سيراغوما موشومبا، أستاذ باحث من رواندا، أن العلاقات الدينية والثقافية بين المغرب ودول إفريقيا هي موغلة في التاريخ ، مشيرا إلى أن التصوف المغربي كان له تأثير كبير في غرب إفريقيا من خلال الطرق الصوفية كالتيجانية والقادرية والإدريسية .

وتوجت أشغال هذه الندوة العلمية بإصدار بيان عن المشاركين فيها، أبرزوا فيه “دور الزوايا الدينية في توسيع ارتباط المغرب الحضاري والتاريخي بأشقائه في إفريقيا من خلال جهود الفقهاء والعلماء والوعاظ لتثبيت الهمم على كتاب الله وسنة نبيه المصطفى الكريم والتشبع بفضائل العقيدة الأشعرية وبروح التسامح والاعتدال والوسيطية على مذهب الإمام مالك وطريق الجنيد السالك”.

وأشادوا ، يضيف المصدر ذاته، “بدور زوايا الصحراء المغربية ومنها زاوية آسا العتيقة وموسمها الديني السنوي في إشاعة روح الإخاء والتعايش والوحدة القائمة بين الأجناس “.

كما نوهوا ب”خطوات الملك محمد السادس ومبادراته القيمة في صلة الرحم مع أشقائه في إفريقيا وترسيخ وحدة القارة ووضع أسس تنميتها وفق اختياراتها السيادية الواضحة على أسس النموذج التنموي المغربي المتميز”.

وأعربوا أيضا عن تطلعهم ” لانضمام المغرب إلى عائلته المؤسسية في الاتحاد الإفريقي لما سيكون لذلك من حسنات تتعزز بها مقومات الوحدة الإفريقية في احترامها للوحدة الترابية لبلدانها وترسيخ مبدأ التعاون المثمر الذي يعود أثره الملموس على شعوبها بالأمن والاستقرار والتقدم والازدهار”.

ويسعى منظمو فعاليات الموسم الديني السنوي (ملكى الصالحين) لزاوية آسا، الذي ينظم هذه السنة تحت شعار “ربط الحاضر بالماضي استشراف للمستقبل”، إلى إبراز مظاهر احتفال القبائل الصحراوية المغربية بذكرى المولد النبوي الشريف من خلال أنشطة الذكر والمديح والإنشاد الديني.

ويتضمن برنامج الموسم الديني بالإضافة إلى ندوات ولقاءات، أمسيات في فني المديح والسماع، ومسابقات في حفظ القرآن الكريم وقصائد المدح، وعروض في الفروسية والهجن. والتي تحتضنها فضاءات مقر زاوية آسا وقاعة البلدية وساحة محمد السادس وساحة الفروسية وملعب دار الشباب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *