ثقافة وفن | هام

باحثون في التراث:العلاقة وطيدة بين الثقافتين الأمازيغية والحسانية

أكد أكاديميون وباحثون، اليوم السبت ببويزكارن (إقليم كلميم) ، أن العلاقة بين الثقافتين الأمازيغية والحسانية علاقة وطيدة ومتجدرة تمتد لعصور.

واعتبر المتدخلون، وهم أساتذة جامعيون وباحثون ومسؤولون، خلال الندوة الافتتاحية للملتقى الجهوي الثاني للثقافة الامازيغية والحسانية الذي تنظمه جمعية بويزكارن للتنمية والثقافة، على مدى يومين، أن التمازج والتلاقح بين الثقافتين الأمازيغية والحسانية لم يكن “فطريا” ولا وليد اليوم وإنما هو أصيل وتاريخي.

وفي هذا الصدد، أكد المدير الجهوي للثقافة بجهة كلميم واد نون الطالب بويا العتيك، أن التداخل بين اللغة الأمازيغية واللهجة الحسانية لم يكن تداخلا حديثا وإنما يمتد للعصر الصنهاجي الذي كان أساسا لبعض الكلمات الحسانية.

وتطرق العتيك إلى مراحل بروز هذا التلاقح والتداخل بين الثقافتين خصوصا الفترة التي تميزت بالدفاع عن وحدة المغرب ضد الاستعمار الإسباني التي اشتد فيها التمازج بين الثقافتين ، مضيفا أن هذا التلاقح تم بموجب تمازج العنصر الحساني “البيضاني” مع العنصر الأمازيغي وذلك عبر ظروف مختلفة من التاريخ أبرزها الفترة التي هبت خلالها الكثير من القبائل الصحراوية نحو منطقة سوس للدفاع عن وحدة المغرب. كما أن هذا التمازج بين الثقافتين رافقه أيضا ، يضيف المسؤول ذاته، تلاقح وتداخل أدبي يتجلى في تعلم الكثير من القبائل الصحراوية للغة الأمازيغية حيث أن الكثير من الألفاظ الأمازيغية هي ألفاظ حسانية منها أسماء الأماكن ، كما أن بعض مكونات البيت الشعري الحساني أصبحت أمازيغية.

ومن جانبه، قال أستاذ اللغة والأدب الإسباني بكلية الآداب بجامعة ابن زهر بأكادير، أحمد صابر، إن هناك تقصيرا كبيرا في ترجمة الكتب التي أنجزها باحثون أجانب عموما، وإسبان بشكل أخص، حول الثقافة الصحراوية بمختلف مكوناتها.

واعتبر أن عملا مهما ينتظر المشتغلين في مجال الترجمة التاريخية من أجل نقل هذه الكتب إلى العربية، و”استعادتها” ثقافيا، بما أنها تعنى بثقافة وتاريخ المغرب في مراحل زمنية سابقة هامة.

وأوضح أن تقديم ترجمته لكتاب إسباني يحمل عنوان “دراسات صحراوية” على هامش الجلسة الافتتاحية لهذا الملتقى، والذي صدر قبل نصف قرن ، يدخل ضمن هذه الرؤية للمسؤولية التي يحملها كل مهتم بالترجمة والذاكرة في هذا المجال.

وأشار، متحدثا عن الكتاب الذي ترجمه، إلى أن مؤلفه خوليو كارباروخا استقدم من طرف السلطات الإسبانية سنة 1952 حتى يجوب الصحراء ويوثق كل السمات المميزة لنمط العيش لدى الرحل، ليس فقط من الناحية الثقافية ولكن أيضا من الناحية الاقتصادية والاجتماعية واللسانية.

وأبرز أن الكتاب المترجم يمس كافة أوجه الحياة في الصحراء وهو بالتالي يقدم فرصة لمن يقرأه اليوم (مترجما) للتفاعل مع ما يتضمنه معرفة مدى موضوعية الصورة التي نقلها ذلك الدارس الإسباني عن عاداته وثقافته.

ومن جهته، أبرز عميد كلية الآداب والعلوم الانسانية بجامعة ابن زهر بأكادير احمد بلقاضي أن التداخل بين الثقافتين الامازيغية والحسانية هو حاضر وسيستمر ، لأنهما مترابطان على أساس اللغة والثقافة والهوية المغربية والوحدة الترابية.

ولامس المشاركون في هذه الندوة الثقافية الجذور التاريخية للتواصل بين الثقافتين الأمازيغية والحسانية على مدى فترات طويلة من التاريخ، مبرزين بعض أوجه هذا التواصل الذي بلغ حد “التمازج” من خلال حضور قوي للبعد الأمازيغي في الشعر الحساني والعكس.

وأكدوا، في هذا الصدد، على ضرورة استثمار التداخل والتمازج التاريخي بين الثقافتين في تأكيد تلاحم وترابط ساكنة الصحراء والقيم الثقافية التي أسست لها في التعايش والتعدد الثقافي.

وكان رئيس جمعية بويزكارن للتنمية والثقافة ، قد أكد قد أكد خلال الجلسة الافتتاحية لهذا الملتقى ، أن الجنوب المغربي شكل مجالا تعايشت فيه الكثير من الأشكال والأنماط الثقافية المختلفة حيث أبدعت الساكنتان الامازيغية والحسانية المتواجدة بهذه المنطقة الجغرافية نمطا ثقافيا مشتركا ومتقاسما بينهما شمل الكثير من الجوانب المختلفة (لغات، عادات، ثقافة، شعر..).

وتتواصل أشغال هذا الملتقى ، الذي ينظم تحت شعار “الثقافة الأمازيغية والحسانية في خدمة الهوية الوطنية”، بتنظيم ورشتين علميتين حول ” دور التمازج الثقافي الحساني الأمازيغي في الاندماج والوحدة” و” آليات المحافظة على الإرث الثقافي المشترك الحساني والأمازيغي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *