المغرب الكبير | هام

الإضراب يشلّ المناطق الأمازيغية في الجزائر..والحكومة تتهم جهات خارجية

رغم محاولات الحكومة الجزائرية ثني التجار عن الإضراب وترويج مقربين لها اتهامات خطيرة بحق المضربين، فإن الإضراب الذي تمت الدعوة إليه بسبب زيادة الأسعار والضرائب، في إطار ما يعرف بقانون المالية، حقق نجاحاً جزئياً في عدد من الولايات من ضمنها العاصمة، حسب قادته.

اللافت أن الإضراب الذي انطلق الإثنين 2 يناير 2017، وصل لأقصى نجاح له في منطقة القبائل (الأمازيغ) التي تمتد على مساحة 4 ولايات كاملة، حيث فاقت الاستجابة نسبة 75% في بعض المناطق، حسب زعماء الإضراب، بينما تراوحت نسبة الاستجابة للإضراب في الولايات الأخرى ما بين 10 – 30%.

 

كل شيء مشلول بمنطقة القبائل

 

واستيقظ سكان منطقة القبائل، في ولايات بجاية وتيزي وزو والبويرة وبومرداس، على المحال والمراكز التجارية والأسواق وقد شلت حركتها بعد الاستجابة للدعوة للإضراب الذي دعت إليه بعض الهيئات والجمعيات التي تعنى بشؤون الاستهلاك والتجارة.

مسعود آفوغال، المتحدث باسم اتحاد التجار الأحرار بمنطقة القبائل، أكد  أن الاستجابة للدعوة للإضراب بلغت أكثر من 75% في ولايتي تيزي وزو وبجاية، وتعدى 55% بولايتي البويرة وبومرداس.

وأضاف: “نترقب في الساعات القادمة، ارتفاع هذه النسبة بكثير، خاصة أن البلديات المعزولة كان تجارها متخوفين من المشاركة في الإضراب بعدما روجت الحكومة وبعض الهيئات التابعة لها والتي تمثل التجار بعدم شرعية الإضراب، والزعم بأن الدعوة له مجرد شائعات”.

من جانبه، قال إبراهيم جنادي، الناطق باسم تجار ولاية تيزي وزو، لـ”هافينغتون بوست عربي”، إن كل المحال والأسواق وكذلك المراكز التجارية ستظل مغلقة طيلة أيام الإضراب، والتي حددت بأسبوع كامل بداية من الإثنين 2 يناير 2017.

 

باقي الولايات

 

وتباينت نسب الالتزام بالإضراب في الجزائر العاصمة بين شرقها وغربها؛ إذ استجاب التجار بمداخل العاصمة الشرقية بنسبة فاقت 30%، فيما تأرجحت النسبة بين 10 و20% في وسط العاصمة وغربها، كما قال مسعود آفوغال المتحدث باسم “اتحاد التجار الأحرار”.

وفي الولايات الأخرى، لم تكن نسبة الاستجابة واسعة النطاق؛ إذ بلغت ما بين 10 – 30%؛ ففي ولاية باتنة مثلاً هناك بلديات استجابت للإضراب، كآريس، وأمدوكال وراس لعيون، ونقاوس، وفقا لـ”آفوغال”.

النسبة الأضعف في الاستجابة لهذا الإضراب، سُجلت بغرب الجزائر، والتي لم تتعد 10%، ويرجع ذلك إلى التحركات التي قام بها اتحاد التجار الجزائريين لإجهاض الحركة الاحتجاجية هناك قبل انطلاقها، حسب المتحدث باسم “اتحاد التجار الأحرار”.

 

مقصلة

 

ويعد قانون الموازنة الجديد 2017 هو السبب الرئيسي لتحرك التجار، وإعلانهم الدخول في هذا الإضراب، لاسيما أن القانون يحمل في طياته زيادة في الضرائب خاصة تجاه التجار، ما ينعكس أساساً على الغلاء المعيشي.

إبراهيم جنادي الناطق باسم تجار ولاية تيزي وزو، يعتبر القانون بمثابة مقصلة للتجار والمواطنين على حد سواء، وذلك مع زيادة أسعار الوقود بدءاً من 1 يناير 2017 بنسبة تتراوح بين 5 – 10%.

ويضيف جنادي أن “إضرابنا جاء بهدف الحفاظ على حقوق المواطن في الاستهلاك وليس حباً في المال كما يروج له البعض، والدليل أن أغلب سكان ولاية تيزي وزو يتفهّمون ذلك”. وهو ما أيده مسعود آفوغال الذي قال: “الزيادة في الضرائب الموجهة للتجار ستنعكس لا محالة على أسعار المواد الاستهلاكية، فكما تؤثر زيادة أسعار الوقود على نقل البضائع وتخزينها وحتى تصنيعها، ستؤثر الضرائب على أسعار السلع”، حسب قوله.

“أفشلناه”

 

في المقابل، أكد الأمين العام لاتحاد التجار والحرفيين الجزائريين صالح صويلح، أن الإضراب المزعوم -كما سماه- لم يحقق مآربه، ولم تتعد نسبته 10% على مستوى البلاد، على حد قوله.

واعترف صالح صويلح بأن أغلب المضربين من التجار ينتمون إلى منطقة القبائل، وبعض الولايات المحيطة بها.

وقال صويلح إنهم كانوا على يقين بأن التجار “لن ينجروا وراء هذا الإضراب؛ لأنه لم يستند إلى أسباب واضحة، ولهذا عقدنا عدة لقاءات وحتى بمنطقة القبائل لكي نقف في طريق بعض الانتهازيين”، حسب وصفه.

وأضاف ممثل هذه المنظمة شبه الحكومية: “نحن باعتبارنا الناطق باسم اتحاد التجار، كنا قد دعونا جميع التجار للجلوس إلى طاولة الحوار، بدل التهديد بالإضراب؛ لأن ذلك يمس بالدرجة الأولى مصلحة المواطن البسيط”.

وكان الوزير الأول عبد المالك سلال قد دافع خلال ظهوره على التلفزيون الجزائري في 28 دجنبر 2016، عن قانون المالية الذي يعد السبب الأول في إضراب التجار، وذلك بعد توقيع الرئيس بوتفليقة عليه.

وحاول سلال طمأنة التجار جميع التجار والمواطنين، محذراً من مغبة الدخول في إضرابات قد تضر بالجزائر، كما قال، مشيراً إلى أن “الأمور في الجزائر لا تستدعي القلق بتاتاً”.
تدخل خارجي

 صالح صويلح، الأمين العام لاتحاد التجار والحرفيين الجزائريين، ذهب إلى أبعد من ذلك في تصريحاته، حين اتهم أطرافاً مجهولة بمحاولة زعزعة استقرار البلد، والعمل لأجندات خارجية.

ويقول صويلح: “هذا الإضراب لم يأتِ هكذا بعفوية؛ بل هناك محرّكون له من داخل وخارج الوطن، وهم يريدون عصياناً قد يقود الجزائر إلى مستنقع الفوضى واللااستقرار، وهو ما نرفضه كلياً”، حسب قوله.

الطاهر بولنوار رئيس جمعية التجار والحرفيين، هو الآخر سبق أن حذر من هذا الإضراب، والذي اعتبره في تصريح لقناة “البلاد” الجزائرية، غير قانوني، ويخدم مصالح شخصيات تعمل بالداخل والخارج، حسب تعبيره.

بولنوار اتهم ما وصفه بـ”بارونات المضاربة”، بمحاولة تخويف الشعب، والعمل لتحقيق مصالح ضيقة وشخصية، ولا علاقة لهذه التحركات -كما قال- “بمصلحة التجار والحرفيين”.

اتهام.. وفقط!

 

في المقابل ، يرفض التجار المضربون اتهامهم من طرف الحكومة بتوجيههم من قبل أطراف خارجية، أو تهديد استقرار البلاد.

وفي هذا الشأن، يقول مسعود آفوغال :”لا أطراف خارجية ولا هم يحزنون، نحن شعب رفض زيادة الأسعار، ورفض قانون المالية الجديد الجائر، والذي سيزيد من فقر الفقراء، ونؤكد أن التجار دخلوا في هذا الإضراب بإرادتهم وبعيداً عن أي تأويل”.

عبد الصمد مجدود (تاجر من ولاية بجاية) يرفض وصف إضرابهم بأنه حدث نتيجة الاستجابة لأطراف خارجية، متهماً اتحاد التجار والحرفيين الجزائريين بمحاولة إفشال الإضراب، ومن ثم العمل لغير مصلحة الشعب.

ويقول مجدود إنه “استغرب تصريحات الحكومة وبعض المنظمات والهيئات التابعة لها، بأن كل الإضرابات تعود الى تدخل أطراف خارجية، وتساءل: هل يريدون من الشعب أن يتحمل المعاناة ويصمت؟!”.

وأردف قائلاً: “التجار متضررون من القانون الجديد للمالية، بعد زيادة الغرامات، ما سيعود سلباً على القدرة الشرائية للمواطن، وهو السبب الوحيد لدخولنا في الإضراب”.

 

هيستيريا المواطن

 

ولأن المواطن الجزائري هو المتضرر الأول والأخير من مثل هذه الإضرابات والتضاربات في التصريحات، وجد نفسه منغمساً في رحلة بحث عن الحلول التي قد تغنيه من المعاناة، خاصة أيام الإضراب.

ولجأت بعض العائلات إلى تحويل غرف بمنازلها إلى مخازن للمؤن والسلع، مع بداية الدعوة للإضراب في 22 دجنبر 2016 .

كان ذلك حَال عائلة جلول آقورار بأوقاس بولاية بجاية، والتي اجتهدت طوال الأسبوع الماضي من أجل توفير مستلزمات أسبوع الإضراب.

ويقول جلول: “إننا مرغَمون على تسيير هذه المرحلة، اشترينا ما يلزمنا من المواد الضرورية، قبل أسبوع من الآن، واليوم كما ترون جل المحلات مغلقة والتجار في إضراب!”.

ويضيف جلول: “العائلات هنا ببجاية كلها أتت على الأخضر واليابس بالمحلات، وخزنت ما يوفر لها سبل الحياة طيلة أيام الإضراب، بعد أن تخوفت من تداعيات الإضراب، فمن خاف سلم” كما يقال.

وبدا جلول داعماً للتجار في دخولهم هذا الإضراب؛ لأن السلع والضرائب في الجزائر -كما قال- لا تعرف سوى الغلاء والصعود إلى الأعلى.

 

الغلاء غير مبرر

 

بعض المتخصصين في الجزائر انتقدوا الارتفاع المبالَغ به في أسعار المواد الاستهلاكية، خاصة الخضراوات والفواكه مع بداية العام الجديد 2017.

رئيس الجمعية الوطنية لحماية المستهلك مصطفى زبدي، صرح للإذاعة الجزائرية بأن الزيادات في بعض المواد الاستهلاكية غير مقبولة، وهذا الأمر مرفوض بشكل تام.

وطالب مصطفى وزارة التجارة بالتدخل العاجل، من خلال إصدار قوانين لتحديد سقف لهامش الربح لبعض المنتجات والحفاظ على استقرار السوق؛ لأنه يدخل أساساً في الحياة اليومية للمواطن.

أما صالح صويلح رئيس الاتحاد الوطني للتجار والحرفيين، فاعتبر زيادة أسعار بعض المواد الاستهلاكية لا مبرر لها، نافياً وجود زيادة في الضرائب على التجار حالياً، مضيفا أن هناك امتيازات ستُمنح للتجار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *