متابعات

“البلوكاج” يدخل شهره الخامس..فما الذي سيتمخض عنه؟

يبدو أن تشكيل الحكومة  يتّجه نحو أيامه الأخيرة، إمّا بالإعلان عن الحكومة الجديدة التي طال انتظارها، أو الفشل في ذلك، وانتظار قرار الملك.

وبعد أكثر من 4 أشهر من المشاورات التي أطلقها عبد الإله بنكيران لتشكيل حكومة جديدة، بعد تعيين الملك محمد السادس له رئيسًا للحكومة، عقب تصدّر حزبه “العدالة والتنمية” نتائج الانتخابات البرلمانية في 7 أكتوبر الماضي، خرج بنكيران، السبت الماضي، ليقول إنه ينتظر عودة الملك محمد السادس من جولته لعدد من الدول الأفريقية، ليخبره بمصير تشكيل الحكومة.

ففي لقاء له مع شباب حزبه، قال بنكيران إن “المشهد السياسي لن يبقى كما هو الآن إلى الأبد، فلابد من حل”، وقال: “قد نعيد الانتخابات، رغم أننا قلنا إننا لا نريد الإعادة، لأن الانتخابات هي لحظة مخاض صعب”، وألقى باللائمة في “عرقلة” تشكيل حكومته الجديدة على الأحزاب التي قال إنها “لا تبالي بالديمقراطية”.

وعلى خلفية هذا التصريح، بات يعرف المشهد السياسي بـ”مؤامرة 8 أكتوبر” التي كشف عنها حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال.

حيث ادّعى شباط أن رؤساء أحزاب تداعوا إلى اجتماع ليلة 8 أكتوبر الماضي، بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات بيوم واحد، ليتداولوا في قرار رفضهم جميعًا المشاركة بحكومة يرأسها العدالة والتنمية، وتوجيه ملتمس للملك بتعديل الدستور، والتي قال شباط إنه رفضه، وانفض الجمع بلا قرار.

ولم يتردد بنكيران في القول إن الوضع في المغرب “يجعلنا نعيش أمام مشهد سوريالي غير معقول”، و”لابد أن نتحمل مسؤوليتنا التاريخية، ليعلن قراره”أنا بصراحة أنتظر رجوع جلالة الملك، لأنه حينها، إما أن تكون لي حكومة لأرفعها له، أو لا لأقولها له”.

لكن رئيس الحكومة المكلف ترك الباب مواربًا، وعاد في تصريح لاحق مقتضب الإثنين الماضي، قائلاً إنه “متفائل بمستقبل مشاورات تشكيل الحكومة”، وأنه ينتظر ردَّ كل من عزيز أخنوش، رئيس التجمع الوطني للأحرار، وامحند العنصر، الأمين العام للحركة الشعبية، على عرض جديد قدمه لهما، بعد استئناف المشاروات، التي كان بنكيران أعلن عن توقيفها في 8 يناير الماضي.

واشترط الحزبان سابقًا مشاركة الاتحاد الدستوري والاشتراكي في الحكومة، وهو ما رفضه بنكيران، الذي قرر الاقتصار على الأحزاب الأربعة التي كانت تشكل الحكومة، وهي: العدالة والتنمية (125 مقعدًا)، والتجمع الوطني للأحرار (37 مقعدًا)، والحركة الشعبية (27 مقعدًا) والتقدم والاشتراكية (12 مقعدًا)، خاصة أن هذه الأحزاب بإمكانها تغطية العدد المطلوب في مجلس النواب لتشكيل الحكومة (198 مقعدًا).

ورغم أن بنكيران لم يكشف العرض الجديد الذي قدمه لحليفيه المفترضين أخنوش والعنصر، مقابل امتناع هذين الأخيرين عن الكشف عمّا دار بينهما وبين بنكيران، فإن تصريح هذا الأخير، بأن حزب الاتحاد الدستوري يمكن أن يلتحق بالحكومة، بعدما شكل هذا الحزب تحالفًا وفريقًا برلمانيًا واحدًا في مجلس النواب مع التجمع الوطني للأحرار، واستمرار رفض بنكيران مشاركة الاتحاد الاشتراكي، قد يشي بطبيعة عرض بنكيران لأخنوش والعنصر.

ورغم أنه لا يعرف لغاية الآن موعد عودة الملك محمد السادس من زياراته لعدد من الدول الأفريقية، فإن بنكيران قد حدد مصير تشكيل حكومته بطلب لقاء الملك بعد عودته.

وفي تفسيره لتصريحات بنكيران، قال خالد يايموت، الباحث في جامعة محمد الخامس بالرباط، إن هذه التصريحات “تأتي في سياق التواصل بين الملك رئيس الدولة ورئيس الحكومة المعيّن”.

وأضاف أن الملك عمل على متابعة المشاورات الحكومية، وسبق له أن بعث بمستشاريه، عبد اللطيف المنوني، وعمر القباج، اللذين التقيا بشكل رسمي بنكيران، للاطلاع على مسار المشاورات، كما عمد الملك على بعث مستشاره فؤاد عالي الهمة، للقاء بنكيران في بيته.

واعتبر يايموت أن تصريح بنكيران “هو دعوة جديدة من جانبه للتواصل المباشر مع الملك بشأن تعثر تشكيل الحكومة، فقد كانت المبادرة الأولى من الملك، وهذه المرة المبادرة تأتي من رئيس الحكومة المعيّن”.

وأوضح أن بنكيران من خلال هذه الدعوة “يريد أن يترك للملك المبادرة للتدخل لحل الإشكال عبر تيسير المفاوضات لتشكيل الحكومة أو الدعوة لانتخابات جديدة”.

وأضاف أنه “في حال اختيار الملك بالتشاور مع بنكيران، إعادة الانتخابات، فإن الملك من الناحية الدستورية، يمكنه إعلان ذلك في خطاب رسمي يوجهه للأمة”.
أما عمر الشرقاوي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني بالمحمدية، فقال إن “الخلاصة الأساسية بعد 140 يومًا من انسداد المنافذ السياسية لتشكيل الحكومة هي المفاجأة في القرارات السياسية”.

وأقرَّ بصعوبة توقع القرار الذي يمكن أن تصل إليه النخبة السياسية المشاركة في المشاروات، لذلك “يصعب توقع القرار أو الاحتمال أو السيناريو أو المشهد القادم”.

وأضاف الشرقاوي: “المؤكد أن قرار العودة إلى استثناف المشاورات بعد بلاغ بنكيران الشهير بـ”انتهى الكلام” (بيان 8 يناير)، ليس بالسلبي لكنه ليس كافيًا للقول بإمكانية التوصل لحل”.

واعتبر الشرقاوي أنه “خلال الأسبوعين المقبلين سيكون القرار النهائي حول مصير المشاروات، إما إيجاد حل رابح بين بنكيران وأخنوش، والعقدة هنا هو حزب الاتحاد الاشتراكي، وإما سيغلق ملف الخيار السياسي، وسنكون أمام خيارات دستورية”، معتبرًا أن “هذه الخيارات الدستورية يمكن أن تكون فيها مخاطر”.

وأضاف الشرقاوي أن الخيار المعلن الآن هو “عودة رئيس الحكومة المكلف إلى الملك لإعلان فشله بتشكيل الأغلبية الحكومية”.

وقال إن هناك خيارات متعددة منها “إعادة تعيين بنكيران، مع توصية ملكية بتوسيع دوائر المشاورات، أو تعيين شخصية أخرى من حزب العدالة والتنمية، أو دعوة الملك إلى حل مجلس النواب وإعلان انتخابات سابقة لأوانها”.

وتابع الشرقاوي: “هناك احتمال أن يعيّن الملك شخصية أخرى لرئاسة الحكومة”، موضحًا أنه “في هذا السياق يمكن فهم تصريح بنكيران بإمكانية الاصطفاف في المعارضة إذا اقتضت مصلحة الوطن ذلك”.

واعتبر أن “هذا التصريح يحمل في طياته نوعًا من الاعتراف بإمكانية أن يعيّن الملك شخصية أخرى، دون اللجوء إلى انتخابات سابقة لأوانها”.

وأشار “أن الفصل 47 من الدستور الذي يقول إن الملك يعيّن رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات مجلس النواب وعلى أساس نتائجها، “فيه الكثير من الغموض”.

وأضاف أن “المسألة الكفيلة برفع هذا الغموض هي تعديل دستوري لتفسير هذا الفصل تفسيرًا واضحًا، أو قيام أعراف دستورية”.

وشدد على أنه “في جميع الحالات، فإن الخيارات المطروحة لا يجب أن تخرج عن روح الدستور، التي تعطي للحزب الذي تصدّر الانتخابات الأولوية وليس الحصرية في تشكيل الحكومة”.

وعيّن العاهل المغربي الملك محمد السادس، في 10 أكتوبر الماضي، بنكيران، رئيسًا للحكومة، وكلّفه بتشكيل حكومة جديدة، عقب تصدر حزب العدالة والتنمية الانتخابات البرلمانية التي جرت يوم 7 من الشهر ذاته.

ولا ينص الدستور المغربي صراحة على ما يتم إجراؤه في حال فشل الحزب الفائز بتشكيل الحكومة، كذلك لم يحدد مهلة زمنية معينة لتشكيلها من الشخص المكلف بذلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *