متابعات

التراويح .. ترويض الإنسان المؤمن على عبادة الله وعلى الصبر

صلاة التراويح من بين الشعائر المرغب في أدائها خلال شهر رمضان، الغاية منها ترويض الإنسان المؤمن على الصبر، وعلى عبادة الله سبحانه وتعالى في أحسن العبادات وأشرفها وهي الصلاة، كما أنها، حسب الأثر، ترقى بروحانيات المؤمن وتغيظ الشيطان وحزبه.

وكي يتحقق مقصود فريضة الصيام على أتم وجه وأحسنه، فإنه يجب على المسلم، القادر، أداء صلاة التراويح مع الجماعة، بما فيها من عون على الطاعة، وشحذ للهمم، وفي ذلك روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله “إن الله فرض لكم صيام رمضان وسننت لكم قيامه، فمن صامه إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه”، ذلك أن صلاة التراويح هي تلك الصلاة المتقنة الخاشعة، التي تحيي القلوب، وتقرب إلى الله سبحانه وتعالى.

وورد في الأثر كذلك أن الرسول عليه الصلاة والسلام حرص على تأدية صلاة التراويح ولم يتركها إلا مرات معدودة، حتى لا تفرض على الناس فتصبح كالصلوات الخمس المفروضة.

ويعرف الفقهاء شعيرة التراويح بأنها سنة مؤكدة ثبتت بفعل النبي صلى الله عليه وسلم، وهي من النوافل التي تشرع لها الجماعة في رمضان.

والتراويح لغة جمع ترويحة، سميت بذلك لأن المصلين كانوا يجلسون للاستراحة بين كل ركعتين، لأنهم كانوا يطيلون القراءة. وفي بعض البلاد الإسلامية هناك تقليد معمول به يتمثل في الاستراحة بين ركعات، حيث تلقى موعظة وتذكرة على المصلين ليتفقهوا في أمور دينهم.

وفي هذا الصدد، أوضح الأستاذ عبد الرحمان إيبورك، في إضاءات له خلال برنامج إذاعي بإذاعة محمد السادس للقرآن الكريم، أن صلاة التراويح تكون بعد صلاة العشاء مباشرة أو في آخر الليل، مضيفا أن الصحابة كانوا يصلونها، أول الأمر، في آخر الليل لأنهم لا ينصرفون حتى يحين وقت السحور.

وأكد الأستاذ إيبورك أن لصلاة التراويح وقيام الليل عموما دور كبير في تربية النفس وتزكيتها وقدرتها على تحمل المشاق التي يتعرض لها الإنسان في حياته وفي يومياته، وذكر، في هذا الصدد، بأن الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام أمره الله سبحانه وتعالى بقيام الليل لكي يستطيع أن ينهض بأعباء الدعوة، لأنه كان يواجه إنكار المشركين والعنت منهم والتعب، لذلك كان قيام الليل إعانة له صلى الله عليه وسلم، وفي ذلك يقول عز وجل “يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا، إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا” صدق الله العظيم.

فقيام الليل من أفضل الأعمال، وهو أفضل من تطوع النهار، لما في سريته من الإخلاص لله تعالى، ولما فيه من المشقة بترك النوم، واللذة التي تحصل بمناجاة الله عز وجل، وجوف الليل أفضل، وفي ذلك يقول الحق سبحانه وتعالى في سورة المزمل “إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا”، فإن أقرب ما يكون الله عز من العبد جوف الليل الآخر، وسئل النبي صلى الله عليه وسلم : أي الصلاة أفضل بعد المكتوبة ¿ فقال عليه الصلاة والسلام “أفضل الصلاة بعد الصلاة المكتوبة الصلاة في جوف الليل”.

وأضاف الأستاذ إيبورك أن قيام الليل لم يكن مختصا بأيام رمضان بل هو في سائر أيام العام، لمن استطاع، فقد قالت عائشة، رضي الله عنها، “ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا في غيره” أي أنه كان يقوم الليل في غير رمضان وهذه ميزة خاصة تفرد بها الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام.

وذكر، في هذا الصدد، بأن قيام شهر رمضان كان أمرا شائعا بين الصحابة، معمولا به، حتى أن النساء كن يلتزمنه ويتخذن من يقوم في بيوتهن طلبا لهذا الفضل بقيام هذه الليالي وإحيائها، فقد جاء في أداء صلاة التراويح وقيام الليل وإحيائه أن ذلك مطلب للفضل العظيم والأجر العميم لمن أحيى الليل في الصلاة والذكر، فعن أبي هريرة، رضي الله عنه، “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمرهم بعزيمة”.

من جهته، أوضح الأستاذ العربي المودن، عضو المجلس العلمي المحلي للرباط، في تنوير خص به وكالة المغرب العربي للأنباء، أن من أهداف صلاة التراويح، وهي سنة مؤكدة، أنها تفتح المجال للعديد من الشباب والأطفال لحفظ القرآن الكريم.

وأعرب الأستاذ المودن عن اعتزازه بكون المغرب يزخر بالعدد الكبير من القراء والحفظة الذين يتوجهون إلى الديار الغربية والعديد من بلدان المعمور لإحياء شعيرة صلاة التراويح، حتى أصبح هؤلاء القراء والحفظة المغاربة مضرب الأمثال ومحط تقدير شرقا وغربا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *