مجتمع

معاناة مواطن من مغاربة العالم بسيدي إيفني.. قصة جديرة بالمتابعة

أجد نفسي مضطرا لسرد واقعة عشتها يوم الأربعاء 14/08/2013 على الساعة الخامسة صباحا مع طفلتي الصغيرة ذات الواحد و العشرين شهرا، ربما صدقت هي الأخرى شعارات المفهوم الجديد للسلطة وتنزيل مفاهيم الدستور الجديد و قد تكون استمعت في غفلة مني لخطاب رئيس الحكومة في مجلس المستشارين حول جواب له لسؤال عن العناية التي يوليها للمواطنين المغاربة القاطنين بالخارج. لقد كان القدر أرحم لها من طبيب فضل تشخيصها عبر الهاتف ضاربا عرض الحائط أبسط قواعد مهنة التطبيب، فبعد أن أدخلنا ممرض المداومة إلى غرفة المستعجلات لفحص طفلتي فوجئت بوجود مريضين نائمين اكتفيت بالسلام عليهما وطلب العافية لهما، فردوا علي بالمثل وبابتسامة عريضة يطبعها الحزن والأسى على ما آلت إليه وضعية المستشفى على الرغم من كونه أفضل حالا من غيره.

بدأ الممرض بالفحص فاستعصى عليه قياس درجة الحرارة لكون ميزان الحرارة معطل فسارعت زوجتي لاستخراج ميزان الحرارة من أغراضها ثم قاستها و أعطت النتيجة للممرض الذي اتصل بالطبيب ليعطيه نتيجة الفحص، ودون أن يكلف نفسه العناء بالمجيء لمعاينة طفلتي كما في الدول التي تحترم مواطنيها، رد الطبيب بوصف الدواء الذي كتبه الممرض لنا. هنا بدأت الشكوك تراودني فسألت الشخص الذي استقبلنا عن صفته داخل المستشفى فأجاب بكونه ممرض ينفد التعليمات، وعند سؤالي عن طبيب المداومة أجاب بوجوده في الجناح المجاور وأن الحالة لا تستدعي تدخله لكن من حقي أن أطالب الطبيب بالحضور ومعاينة الطفلة المريضة والقيام بالتشخيصات اللازمة.

أخذت طفلتي و أنا في حالة من الغضب ، متوجها إلى مخفر الشرطة قصد تقديم شكاية في إطار ما يصطلح عليه بالمسؤولية التقصيرية وعدم تقديم المساعدة لمواطن في حالة الخطر، بكل من الطبيب المداوم وإدارة المستشفى. أوقفني الممرض وطلب مني التريث فسارع بالاتصال بالطبيب مخبرا إياه أن الأمور قد تغير مجراها وربما ستؤول إلى ما لا يحمد عقباه، فجأة خرج الطبيب من الجناح الآخر وعلامات النوم بادية على محياه. وبسؤالين عن الزكام والإسهال وفي مدة لا تتجاوز ثلاث دقائق ثم الفحص والتشخيص ووصف الدواء اللازم وطلب مني التوجه إلى المكلف بالصندوق قصد دفع ثمن الفحص ثم أرشدنا إلى صيدلية المداومة.

اتجهت إلى الصيدلية فوجدتها مقفلة، اتصلت بالهاتف الموضوع رهن الإشارة عدة مرات دون أن يجيب أحد، بعدها ذهبت إلى مخفر الشرطة قصد القيام بمحضر في الموضوع وتسجيل شكاية ضد المسؤول عن إقفال صيدلية الحراسة دون وجه حق ضاربا بعرض الحائط صحة المواطن، وكانت المفاجئة أكبر عندما رفض شرطي المداومة تسجيل الشكاية والقيام بمحضر في الموضوع، وبعد أخد ورد طلب مني أن أحاول مرة أخرى زيارة الصيدلية للتأكد من كونها مغلقة، فطلبت منه إرسال دورية من رجال الأمن للقيام بمحضر المعاينة الشيء الذي لم يستسغه الشرطي، ورجعت إلى الصيدلية فوجدتها مغلقة وببابها أحد المواطنين يحمل طفلة صغيرة وينتظر من يعطيه الدواء، اتصلت بالصيدلي مرة أخرى دون جدوى، ثم رجعت إلى مخفر الشرطة وطالبت شرطي المداومة بلقاء المسؤول برتبة عميد أو ضابط فأخبرني الشرطي أنه لا وجود لمسؤول في هذا الوقت فاتصل بشخص آخر الذي أخبرني بالتوجه صوب القيادة علما أن كل مراكز القيادات بالمدينة مقفلة، بدأت أفقد أعصابي خاصة وأن طفلتي تغيب عن الوعي بين الحين والآخر وتنطق بألفاظ غريبة، اتجهت مباشرة إلى العمالة، أخرجت طفلتي من السيارة ووضعتها أمام عمالة الإقليم، وصرت أصرخ بقوتي منددا ومحتجا على هذه التصرفات اللامسؤولة ومطالبا بخروج المسؤولين النائمين الذين لا نراهم إلا في الأعياد والمناسبات البرتوكولية. خرج رجل القوات المساعدة ليسأل عن المشكل، أخبرته بالحكاية ونصحني بالانتظار حتى الساعة التاسعة صباحا، هنا ثارت ثائرتي وبدأت أتصل ببعض المناضلين للانضمام إلي في شكلي الاحتجاجي ضد مسؤولين لا يقدرون المسؤولية ولا يقدرون حق الطفولة في الحياة وحق طفلتي في التطبيب والتي كان ذنبها الوحيد رغبتها في قضاء العطلة ببلدها الأم، مر مواطن بسيط قرب العمالة ورأى طفلتي ممددة أمام بابها، فهم الموضوع وقال: لقد اعتدنا بسيدي إفني على مثل هذه التصرفات، ثم أمدني برقم هاتف مدير ديوان العامل، هذا الأخير رد على هاتفي والتحق بي أمام باب العمالة، اتصل بصاحب صيدلية المداومة وطلب منه الحضور الفوري إلى الصيدلية، استغربت عندما التحق بنا الصيدلي على وجه السرعة، حاولت أن أشرح له أن ما قام به ليس قانونيا وأن ليس من حقه التلاعب بصحة المواطنين، أجابني أن هامش الربح قليل جدا وليس من المنطق أن ينتظر الليل كله دون أن يبيع شيئا، هنا فهمت كل شيء، وتأكدت من أن مغرب الوضع المتقدم، ومغرب الحكامة الجيدة، ومغرب ربط المسؤولية بالمحاسبة ما هي إلا شعارات استهلاكية عقيمة و متعفنة في ظلمة و استبداد العصور الغابرة، و أن الوعود التي قدمت لنا في قاعة الاستقبالات بعمالة الإقليم بمناسبة اليوم الوطني للمهاجر لا توجد إلا في مخيلة من ينطق بها ولا يتجاوز صداها جدران قاعة الاجتماعات، وفي الأخير لا يسعني سوى أن أندد بهذه التصرفات البدائية التي تنم عن الجهل وعن سيطرة لوبي يتحكم في كل شيء ويحكمه الإستغلال والاستبداد والسيطرة، لذالك فأنا أطالب بفتح تحقيق في الموضوع وتحديد المسؤوليات لتفادي تكرار ذلك.

 

*كاتب عام تجمع إفني أيت بعمران للتضامن بفرنسا RIAS

وعضومكتب جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان بالمغرب فرنسا ASDHOM

عضو المكتب الاداري لجمعية العمال المغاربييين فرع جونفيلي فرنسا ATMF

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *