ملفات

«الحلوف» يتمتع بعناية خاصة.. والرعي الجائر الملف المسكوت عنه

مع بزوغ فجر الصيف كل سنة بأقاليم جهة سوس ماسة درعة وبأقاليم باب الصحراء، وقبل أن ينتهي موسم حصاد الشعير الذي به تـُعرف المنطقة، تـَحـُلّ بها أفواج هائلة و أسراب كثيرة من رؤوس الأغنام والمعز والإبل و الحمير، لينتهي موسم الحصاد على إيقاع الرعي الجائر، يتسبب فيها ما يعرفون لدى سكان المنطقة بـ”أعـْرَابْنْ”، نسبا لانتمائهم لعرب الصحراء القادمين من الأقاليم والقبائل الصحراوية إلى منطقة سوس، إذ تعرف منطقة “سوس” منذ زمان بعيد بهذا النوع من النشاط “الرعوي” حيث يتعايش السوسيون الأمازيغ مع الرحل (الرعاة) العرب الذين كان مصدر رزقهم الوحيد يتجسد في تلك المواشي.

 إضافة إلى الرعي الجائر، تعيش منطقة سوس ماسة درعة تحت هجمات متكررة للخنزير البري (الحلوف) الذي يفسد المزروعات المعاشية للساكنة المحلية، ويلحق الأضرار الكثيرة المادية و المعنوية الناجمة عن الهجومات المتكررة لجحافل هذا الكائن الحيواني، رغم توالي الشكايات التي تقدم بها السكان وفعاليات المجتمع المدني إلى الجهات و السلطات المعنيتين، كما سبق لعدد من الأطفال والنساء أن تعرضوا لهجمات هذا الحيوان في مناطق عديدة بأرياف إقليمي سيدي إفني و تزنيت ومناطق أخرى.

 “أرْضْ مـُولانـَا”

إن الرحل الذين كانوا بالأمس القريب يتنقلون من بلاد إلى آخر، و من قرية إلى أخرى بحثا عن ما تجود به الأرض من ربيع و أعشاب وما تجود به السماء من أمطار وعيون مائية تسقي عطشهم وعطش ما يترحلون من أجله من غنم و إبل و حمير، تحولوا اليوم حسب روايات السكان من رحل البحث عن لقمة العيش إلى رحل الإسثتمار و إنشاء مؤسسات كبرى لإنتاج الغنم و الإبل و الماعز في الغابات “السوسية” وفوق الأراضي الزراعية من خلال الرعي الجائر بشكل مكشوف، يستهدفون به محاصيل الساكنة السوسية الزراعية برعيهم لأسراب من الأغنام و الإبل في أملاكها الزراعية، إضافة إلآ الفساد الذي يطال الزراعات كل موسم، يحدث هذا أمام تجاهل السلطات المحلية و المنتخبين، الذين يلوذون بالصمت تجاه ما يعاني منه المواطن “السوسي”، تحت ذريعة “هادي أرض مولانا”.

وبخصوص تحول الرحل من رعاة للكسب المعاشي إلى مستثمرين كبار، يلاحظ المتتبعون من سكان المنطقة كيف تقف بضع شاحنات من الحجم الكبير في مكان “غابوي” أحيانا و شبه غابوي أحيانا أخرى بعيدا عن الدواوير و المداشير بأمتار قد تصل إلى كيلو متر واحد أو ما يزيد عنه بقليل، و معها تقف سيارات “لاندروفير” ذات الدفع الرباعي، و سيارات “كـَاتْ كـَاتْ” تبدو في شكلها و من ترقيمها أنها في ملكية لرجالات نافذين، و ذلك من أجل إفراغ الآلاف من المواشي استعدادا للرعي بالمنطقة، و هي العملية نفسها التي تتم خلال مغادرتها إلى مكان آخر، مع اقتراب موسم الحرث و حلول فصل الخريف، و هي المظاهر التي تنم عن الغنى الفاحش الذي يعيشه أصحاب هذه القوافل من المواشي، والتي لا يمكن أن تتوفر لدى الرحل الباحثين عن لقمة عيش، و إنما لدى رجال الأعمال الصحراويين و لدى أصحاب القرار و المنتخبين منهم حسب إفادات مصادر مطلعة.

 لجنة إقليمية و قانون الترحال

نظرا لما تعرفه مناطق سوس ماسة درعة من اعتداءات متكررة من طرف الرحل على مزروعاتهم تحت ذريعة “أرض مولانا”، حلت لجنة إقليمية بإقليم تزنيت مكونة من ممثلي المصالح الخارجية لكل من المديرية الإقليمية للفلاحة و مندوبية المياه و الغابات وكذا ممثلي السلطة المحلية و الجماعة القروية بـ”بونعمان” إلى منطقة “بونعمان” إقليم تزنيت، خلصت في محضر مشترك لها إلى ضرورة تنبيه الرعاة الابتعاد على أملاك الساكنة، و منعهم من السقي في “الظفائر” الجماعية، وحثهم على عدم المكوث والاستقرار لمدة طويلة بالمنطقة، وذلك بعد وقوف اللجنة على حجم الأضرار الناجمة عن تواجد عدد كبير من قطعان المواشي بالمنطقة واستماعها لعدد من السكان المتضررين.

من جهتها، طالبت جمعية “إمزالن إدبنيران” بالجماعة القروية “تغيرت” بإقليم سيدي إفني في توصياتها عقب اليوم الدراسي المنظم السنة الماضية تحت شعار “تحديد الملك الغابوي و الرعي الجائر بين المقاربة القانونية والمقاربة الحقوقية”، طالبت بضرورة إنصاف السكان المتضررين من التحديد الغابوي والرعي الجائر، و فتح قنوات التواصل بين الساكنة المحلية والإدارات المعنية، واعتماد المقاربة التشاركية في تدبير الملف. مع ضرورة التعجيل بإخراج قانون الترحال والرعي إلى الوجود، إضافة إلى دعم استقرار سكان الجبال والبوادي النائية وتوفير مصادر بديلة لحطب أركان، و إشراك ودعم جمعيات المجتمع المدني المهتمة، مع محاسبة و محاكمة كل المتورطين من مسؤولي المياه والغابات والسلطات المحلية في عمليات نهب واستنزاف غابة أركان بالمنطقة إما بالسكوت أو التواطؤ مع المعتدين.

(الحلوف) … العناية الخاصة

إلى جانب الترحال الموسمي بالمنطقة، أضحى الخنزير البري (الحلوف) يتمتع بعناية خاصة تسهر عليها مصالح المياه و الغابات ومحاربة التصحر حسب الساكنة السوسية في مختلف المناطق، تفوق في كثير من الأحيان حماية حقوق الساكنة الذين تستمر معاناتهم مع ما يخلفه هذا الحيوان من خسائر تهم بالخصوص إتلاف المزروعات والمغروسات التي تزداد حدتها في الواحات المنتشرة في المنطقة حسب ما عاينته جريدة “مشاهد” في عدد من المناطق بإقليمي “تزنيت”، و”سيدي إفني”. وعلى هذا الأساس، عقد يوم دراسي حول الموضوع السنة الماضية بـمنطقة “بويكرى” إقليم “اشتوكة أيت باها” من طرف جمعية “دارنغ للتنمية والمحافظة على البيئة” خلص إلى رفع عدة توصيات تهم بالأساس عمليات تحديد الأملاك الغابوية للدولة والدعوة إلى تفعيل مقتضيات قانون مساهمة السكان في تنمية الاقتصاد الغابوي، بالإضافة إلى المطالبة بالكشف عن وثائق وخرائط السجل الوطني للأملاك العقارية المنجزة في إطار ظهير 1962.

وبخصوص الرعي الجائر، فقد تمت الدعوة إلى العمل على جبر الضرر الشخصي أو الجماعي للمتضررين، ومطالبة السلطات المحلية والأمنية بتحمل مسؤولياتها وممارسة اختصاصاتها القانونية في حماية المواطنين وممتلكاتهم. فيما يخص شجرة الأركان تم التأكيد من خلال اليوم الدراسي على أن المدخل الرئيسي والأساسي لحمايتها يتمثل في إعمال ديباجة ظهير 04/ 03 / 1925 قبل فصوله باعتبار تلك الديباجة هي الضابط الأساسي في تحديد غابات “أركان” تحت شرط قانوني صريح هو “حفظ وبقاء حقوق التصرف لمالكي تلك الأشجار مع التوفيق بين حقوق التصرف الثابتة لأصحابها وبين الحقوق العليا للدولة”، كما تمت المطالبة بوضع حد للأضرار المادية والمعنوية والبيئية الناجمة عن حماية الخنزير البري (الحلوف) بالمنطقة، والذي يهدد حياة المواطنين خاصة منهم الأطفال الصغار والنساء.

سوس … ملتقى النزاعات

أشارت “وزارة الفلاحة والصيد البحري”، إلى أن مجالات الرعي بالمناطق الجنوبية تنقسم إلى ثلاث مناطق، وهي ثلاث مجالات رئيسية، المجال الأول يضم كل من منطقتي العيون وبوجدور التي يمكن أن تمتد إلى الداخلة، فيما المجال الثاني يضم كل منطقتي كلميم والسمارة اللتين تعتبران منطقتين غنيتين رعويا، ويهم الأمر بالأساس قبيلتي “أيت أوسا” و”أيت ابراهيم”، فيما المجال الثالث والأكبر حسب الوزارة المعنية يضم كل من المنطقة الشمالية من سوس ماسة درعة بداية من مدينة تزنيت التي تمثل منطقة التماس التي تظهر فيها مجموعة من النزاعات خاصة مع الرحّل المنتمين إلى المجالين الأول والثاني.

وتقدر مساحة المراعي و الأراضي غير المستغلة بالمنطقة الشمالية من سوس ماسة درعة حسب ذات المصدر بـ220.300 هكتار بـكل من “تارودانت”، و96.460 هكتار بـ”أيت باها”، و8.350 هكتار بـ”أيت ملول”، و66.050 هكتار بـ”إداوتنان”، فيما تقدر المساحات الغابوية هي الأخرى بـ 399.500 هكتار بـ”تارودانت”، و19.590 هكتار بـ”أيت باها”، فيما “أيت ملول” تقدر مساحاتها الغابوية بـ 13.250 هكتار، و148.000 هكتار بـ”إداوتنان”.

وتقدر عدد رؤوس المواشي التي ترعى بمنطقة سوس ماسة درعة حسب إحصائيات رسمية من وزارة الفلاحة و الصيد البحري، والتي تم عرضها بمناسبة اليوم الدراسي حول الرعي المتنقل داخل مناطق شجرة الأركان، (تقدر) بـ1.935 من الأغنام و495 من الماعز بإقليم سيدي إفني، فيما إقليم تزنيت تقدر عدد الرؤوس التي ترعى به بـ 550 من الأغنام و2.350 من الماعز، و200 من الإبل، و حسب نفس المعطيات دائما تتصدر إقليم “اشتوكة أيت باها” القائمة من ناحية رؤوس الأغنام بـ 24.000، فيما تتصدر عمالة أكادير القائمة من ناحية رؤوس الماعز بـ 20.050، وكذا الإبل بـ 6.830 رأس، ويبلغ عدد رؤوس الأغنام بالإقليم 23.740، وتعتبر هذه المناطق بجهة سوس ماسة درعة مجالا تنزح إليه القطعان من المناطق الجنوبية، والمناطق التي تتزايد فيه المساحات المزروعة على حساب مجال الأركان، والتي تعرف كذلك نشوب نزاعات بين الساكنة المحلية و أصحاب قطعان الماشية حسب الوزارة.

 الفراغ القانوني

ومن بين أسباب النزاعات حسب “وزارة الفلاحة و الصيد البحري”، تتمثل في تقلص مجالات الرعي و توسيع فضاءات الزراعة و التعمير، و توالي سنوات الجفاف و نزوح القطعان من مختلف مناطق المغرب، و كذا الفراغ القانوني الذي يعرفه المجال، في غياب قوانين تنظيمية لعملية الرعي عبر الترحال، و محدودية تدخل الجهات الفاعلة المسؤولة عن حماية و تنمية الموارد الطبيعية، و غياب آليات تنظيمية تجمع كافة المتدخلين، إضافة إلى غياب الحوار و عدم التقارب في التخطيط القطاعي.

وتعتبر النزاعات القائمة حسب الوزارة دائما بين الرعاة الرحل و مختلف المتدخلين، كـ”ذوي الحقوق” (السكان المحليين) الذين يشتكون من إتلاف المساحات المزروعة إلى جانب الرأي الآخر (الرعاة) الذين يشتكون من تقليص مساحات الرعي. و كذا “الجماعات الترابية”، التي لها صلاحيات فرض الرقابة على المخالفات، و”السلطات المحلية و الإقليمية” التي تجبر أحيانا الرعاة على إخلاء مجال الصراع لتجنب حدوث نزاعات مأساوية، و”المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر” التي ترى عدم احترام المحميات من طرف الرعاة و ضعف إمكانيات رجال المياه و الغابات لفرض الرقابة على المخالفات، و أخيرا “وزارة الفلاحة و الصيد البحري” التي تجعل المنافسة على تخصيص الأراضي إما لزراعة الصبار أو الرعي.

وفي هذا الصدد، و من أجل معالجة كل القضايا و النزاعات المتعلقة بها، تقترح وزارة الفلاحة والصيد البحري حلولا للخروج من هذا المأزق الإجتماعي مع الأخذ بعين الاعتبار الإجراءات و التدابير المتمثلة في البرامج التنموية للقطاع الفلاحي و قطاع تربية المواشي و تنمية المراعي عبر إنشاء و تجهيز نقط الماء، و استصلاح المراعي، و الصحة الحيوانية، و التكوين و التحسيس، و البرنامج الاستعجالي لإغاثة الماشية و محاربة آثار الجفاف بالمناطق المتضررة. و تهدف الحلول المقترحة من الوزارة إلى حل المشاكل المتعلقة بغياب تنظيم فعلي لمربي الماشية و تحديد جهات مسؤولة عن تطوير و تسيير الموارد و فض النزاعات، و الافتقار إلى قاعدة بيانات بأسماء مربي الماشية و أعداد القطيع، و موارد رعوية غير محددة على وجه الدقة و معرضة للتخريب و الإتلاف، وضعف تفعيل إستراتيجية تثمين منتجات تربية الماشية و تنويع الموارد.

 نزاعات و مقترحات

وقد تضمن العرض الذي قدمه “عزيز أخنوش” وزير الفلاحة و الصيد البحري أثناء اليوم الدراسي الذي نظم مؤخرا بأكادير حول “الرعي المتنقل بالمناطق الجنوبية للمملكة”، (تضمن) كل من محاور التالية: “حركية الرعي المتنقل بالمناطق الجنوبية”، و “مجالات الرعي المتنقل بالمناطق الجنوبية” و “سيناريوهات التنقل بين المجالات”، و “الجهود المبذولة لدعم تربية المواشي”. و كذا حول “إشكالية الرعي المتنقل بمجال الأركان”، المتعلقة بانعكاسات الرعي المتنقل بمجال الأركان و أسباب النزاعات، و كذا أنواع النزاعات، وقدم الوزير ثلاث محاور مقترحة للحلول، منقسمة ما بين التقني و التشريعي و التنظيمي. مشيرا إلى أن المناطق الجنوبية تغطي ما يقارب 50 % من المسالك الرعوية، فيما تبقى الكثافة البشرية جد منخفضة و ثلثي الساكنة هم من مربي الماشية، فيما تأتي المناطق الصحراوية على رأس المناطق المغربية من حيث نسبة مربي الماشية (الرحّل) إذ هناك ما يناهز 48 % من مجموع مربي الماشية بالمنطقة كما تبلغ نسبة القطيع المعني 63 %.

المحور التقني والتشريعي

تتضمن محاور الحلول الثلاث المقترحة، المحور التقني الأول المتعلق بـ”تنمية و تهيئة المجال الرعوي” بخلق محميات رعوية بالمناطق الأصلية للرحل قصد توفير الكلأ لا سيما خلال فترات الجفاف مع تبيان معالمها، و خلق و تدبير مناطق رعوية مخصصة لاستقبال الرحل وفق منظومة تراعي الاستغلال العقلاني لهذه المجالات مع تجهيزها بنقط الماء لتوريد الماشية و المراقبة الصحية للقطعان المتنقلة، و إنشاء نقط الماء المخصصة لتوريد الماشية مع الحرص على التوزيع الأمثل للحمولة و تفادي الخلافات التي تنشب بشأنها بين الساكنة المحلية و الرحال، و كذا استصلاح المراعي و إعادة إحياء الغطاء النباتي بالمناطق الرعوية المتدهورة، مع إنجاز تجهيزات البنيات التحتية الضرورية لفائدة الساكنة المحلية من مدارس و مراكز صحية و فتح مسالك قروية تتماشى مع خصوصيات هذه المناطق الرعوية.

فيما الشق الثاني من المحور التقني المتعلق بـ”تثمين و تنويع منتجات تربية الماشية” و ذلك من أجل إحداث وحدات للتسمين التي من شأنها أن تساهم في تخفيف العبء على المراعي سواء على المستوى المحلي أو داخل مناطق شجر الأركان، و تثمين المنتجات المحلية من خلال تشجيع خلق وحدات للتسمين و جمع الحليب مع إنشاء مذابح عصرية تراعي معايير الجودة، و تحسين الإنتاجية للماشية من خلال التأطير و برمجة دورات تكوينية لفائدة مربي الماشية و تنظيماتهم المهنية، و بناء وحدات تخزين الأعلاف لتحصين مربي الماشية من آثار الجفاف و تقلبات السوق، و تطوير الأنشطة المدرة للدخل لاسيما لفائدة أولاد و بنات الكسابة الصغار، و تطوير قدرات التنظيمات المهنية قصد تسهيل ولوج الأسواق الوطنية. و يتعلق المحور التشريعي الثاني حسب ذات الوزارة بـ”إعداد مواثيق رعوية على مستوى الجهات المعنية”، تكون أرضية متفق عليها من طرف جميع الفاعلين لاستغلال المراعي، و كذا إعداد قانون رعوي خاص بالمراعي ينظم استغلال و تدبير المجال الرعوي بما في ذلك ظاهرة الترحال، يشمل كافة التراب الوطني.

 المحور التنظيمي

وفي المحور الثالث المتعلق بـ”التنظيمي” و الذي يعتبر من أطول المقترحات الثلاث التي تقدمه الوزارة، و المتعلق أساسا بـ”تفعيل الآليات الخاصة بتقنين و تنظيم تنقلات الماشية بين المناطق الرعوية”، و ذلك بتنظيم الكسابة في إطار تعاونيات رعوية أو جمعيات مع العمل على تقوية قدراتها و تطوير قدرات التنظيمات المهنية قصد تسهيل الولوج للأسواق الوطنية، و جرد و إحصاء مربي الماشية المتنقلين و أعداد رؤوس المواشي و ذلك عن طريق وضع نظام تعريفي للحيوانات، مع إحداث مجالس من بينها “مجلس وطني للرعي المتنقل” و “مجلس إقليمي للرعي المتنقل” و “مجلس التحكيم و الوساطة”، و كذا إنشاء “مرصد للاستشارة و المتابعة”، و تحديد المسالك و المسارات المخصصة لتنقل الرحل، و كذا مع ضرورة التوفر على رخصة الترحال بين المناطق الرعوية ممنوحة من طرف السلطات المحلية و ذلك بناء على الشهادة الصحية للقطيع مسلمة من طرف المصالح البيطرية، إضافة تعزيز المراقبة الطرقية من طرف مصالح الدرك الملكي لرصد و مراقبة تنقلات قطعان الماشية المرحلة على مثن الشاحنات، و وجوب احترام الرحال للممتلكات و المنشآت الخاصة و العامة لمناطق عبور و ولوج القطعان، و جرد و إحصاء مربي الماشية المتنقلين و أعداد رؤوس المواشي و ذلك عن طريق وضع نظام تعريفي للحيوانات، إضافة إلى ضرورة توفر الرعاة على بطاقة الهوية، مع إلزامية توفر الشهادة الصحية للقطيع مسلة من طرف المصالح البيطرية.

 تأسيس اللجان

في ذات السياق التنظيمي، و في الجانب المتعلق بتأسيس اللجان الإقليمية برئاسة العمال العمالات و الأقاليم و اللجان الجهوية برئاسة الولاة، تتأسس اللجان الإقليمية مكونة من أعوان السلطة المحلية، و رئيس المجلس اﻹقليمي، و الدرك الملكي، و المدير الإقليمي للفلاحة، و ممثل المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، و ممثل الغرفة الفلاحية الجهوية، و ممثل المياه و الغابات و محاربة التصحر، و رؤساء الجماعات الترابية المعنية، و رؤساء تعاونيات و جمعيات الكسابة، و نواب أراضي الجموع، و كل شخص ثبتت صلاحيته لإغناء عمل اللجنة.

من جهتها تتكون اللجان الجهوية في كل من عمال الأقاليم المعنية، و رئيس الجهة، و المدير الجهوي للفلاحة، والدرك الملكي، وممثل المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، و رئيس الغرفة الفلاحية الجهوية، والمدير الجهوي للمياه و الغابات و محاربة التصحر، ورؤساء تعاونيات و جمعيات الكسابة، و كل شخص تتبث صلاحيته لإغناء عمل اللجنة.

وتتمحور دور اللجان التالية حسب مقترحات الوزارة المعنية في تنظيم و تنسيق تنقلات القطعان بين مختلف الأقاليم و الجهات المعنية و السهر على تطبيق الآليات المحدثة، و تتبع و تقييم مدى انجاز مقتضيات مخطط العمل، و تسهيل ولوج و توزيع الرحال الوافدين من الجهات الأخرى، و تحديد عدد رؤوس الماشية المسموح لهم بالرعي، و فض النزاعات بين الرحال و الساكنة المحلية قبل استفحالها.

و تنقسم مسؤولية الأطرف في إطار عمل اللجان إلى كل من “وزارة الفلاحة و الصيد البحري” فيما يتعلق بالجوانب التقنية المرتبطة بتنمية المراعي و تربية المواشي في إطار إنشاء و تجهيز و صيانة نقط الماء، و الصحة الحيوانية، و تغذية الماشية، و تثمين المنتجات الحيوانية، و تنظيم و تأطير الكسابة. و تحدد مسؤولية “وزارة الداخلية” في التنسيق عمل اللجان مع كل الجوانب المتعلقة بوصايتها على أراضي الجموع و تأمين و حفظ الأمن العام، و المندوبية السامية للمياه و الغابات و محاربة التصحر في مجال اختصاصها بما يرتبط بتدبير و تنمية المجال الغابوي بما في ذلك غابة شجر الأركان، إضافة إلى الغرف الفلاحية و الجماعات الترابية و تنظيمات الكسابة في دور المخاطب و تمثيل الكسابة.

 

عزيرأخنوش وزيرالفلاحة والصيدالبحري:

مناطق سوس تعرف حركية متزايدة للقطعان بمختلف أصنافها يترتب عنها تحولات و آثارا مختلفة الوقع في تدبير و استغلال الموارد الرعوية

 عزيز أخنوش

اعترف “عزيز أخنوش” وزير الفلاحة و الصيد البحري، أن مجالات الأركان بإقليمي “اشتوكة أيت بها” و “تزنيت” تعرف حركية متزايدة للقطعان بمختلف أصنافها يترتب عنها تحولات و آثارا مختلفة الوقع في تدبير و استغلال الموارد الرعوية، كتزايد أعداد الماشية و وتيرة تنقلها نتيجة تطور وسائل النقل و المواصلات، و كذا ضيق المجال الرعوي و تغيير المسالك نتيجة الاستغلال الفلاحي و الترامي على الأراضي الرعوية، إضافة حسب الوزير إلى تدهور الموارد الرعوية بسبب الاستغلال المفرط و استفحال ظاهرة الرعي الجائر و إتلاف الممتلكات الخاصة و العامة بمناطق عبور و ولوج الرحال، مع زيادة ملحوظة في عدد النزاعات بين الرعاة المتنقلين و الساكنة المحلية يضيف “أخنوش”، مشيرا في الوقت ذاته، أن اللقاء يشكل حلقة متميزة من حلقات التواصل بين المتدخلين في المجال و ذلك فرصة لابتكار نماذج حديثة لتدبير معقلن للرعي المتنقل تحفظ الإرث الثقافي و التاريخي لهذا النشاط الفلاحي مع مراعات التحولات البيئية و الاجتماعية و الاقتصادية التي تعرفها المناطق الجنوبية ومجالات الأركان. و أضاف الوزير أنه تم إنجاز دراستين من أجل تأطير تدخل القطاع في المناطق الجنوبية، تتعلق الأولى بدراسة اثر الترحال على المجال الرعوي في مناطق الأركان، و الثانية تهم مشروع رعوي مندمج من أجل تخفيف تنقلات القطيع و النزاعات المرتبطة بالترحال.

وفي ذات السياق أكد أخنوش أن الوزارة اتخذت مجموعة من الإجراءات بجهة سوس ماسة درعة من أجل ملائمة تدفق أعداد الرحل مع الطاقة الاستيعابية للمراعي و الحد من النزاعات المسجلة بين الرحال و السكان المحليين، و من بين هذه الإجراءات يضيف الوزير، تعيين فريق عمل يضم ممثلي “وزارة الداخلية” و “وزارة الفلاحة و الصيد البحري” و “المندوبية السامية للمياه و الغابات و محاربة التصحر” من أجل وضع خطة عمل قادرة عل تقديم حلول مستدامة و عملية لإشكالية الترحال، و تتمثل مساهمة “وزارة الفلاحة و الصيد البحري”، حسب الوزير، في تهيئة المراعي من أجل تحسين إنتاجيتها، و صياغة و تنفيذ مشاريع تهم الرفع من الإنتاج الحيواني و تثمينه في إطار مخطط المغرب الأخضر كمشروع الدعامة الثانية المتعلق بسلسلة الإبل، مع وضع برنامج للحد من آثار الجفاف في المناطق المعلنة منكوبة، و ذلك من أجل خفض تزايد أعداد الرحل و تعويض نقص إنتاج الوحدات العلفية بالمراعي، و تنفيذ برامج السلامة الصحية للقطيع لفائدة الرحال و كذا من أجل حماية قطعان الماشية و الحد من انتشار الأمراض المعدية. و هذه العمليات ينظمها “المكتب الوطني للسلامة الغذائية” بشكل دائم، إضافة إلى تكوين و تأطير مربي المواشي، و المشاركة الفعالة في أشكال اللجان الإقليمية و الجهوية المكلفة بتسيير وتقنيين الترحال.

ويأتي ذلك يضيف-أخنوش ـ على ضوء التحولات و التغيرات عبر قرون خلت التي يعرفها هذا الموروث المتجدر في عادات و تقاليد هذه المناطق، والتي له أهميته في الحفاظ على التوازنات البيئية بين مختلف المنظومات الرعوية بالجهات المعنية، و تمكين “الكسابة” من مواجهة الجفاف وتحصينهم ضد انهيار أثمان الماشية، و الحد من تدهور المراعي و تلفها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *