آراء

أمال على الطريق..

بعد أن أعياه الجري وراء <<بوغابة>> في جبال ايت باعمران ونواحيها، دون جدوى، اتكأ النائب البرلماني عن حزب العدالة والتنمية، محمد عصام، على حائط الفيسبوك، وبدأ <<يفوج>> على قلبه مفجرا بركان الحب الذي يسكنه.

ويأتي ها البيان العاطفي المُعلق على حائط الفيسبوك أياما قبل أن تبث محكمة النقض في ملف معتقلي احداث السبت الاسود الذين ينتظر بعضهم بكثير من التفاؤل قرارا من شانه ان يعيد الامل في عودة عبد المالك الادريسي الى عمله كمدرس كما كان، فيما ينظر البعض الاخر بعين التوجس من قرار يسقط أهليتهم الانتخابية بالمرة.

وإذا كان النائب البرلماني معنيا هو الاخر بقرار محكمة النقض، التي قد تقول كلمتها بعد غد، فاختياره لاستراحة في محطة الحب والوجد ضرورية، بل و قد تنفعه في التخفيف من لوعة الفراق بعد اشتعال النيران في تلابيب نقابة سائقي و مهنيي طاكسيات الاجرة الصغيرة، حيث سارع معظمهم الى الانخراط في “انقلاب” على كاتبهم المحلي السابق، النائب البرلماني الحالي، معلنين انفراط العقد الذي كان يربطهم ومتحررين من حقبة الاستعمار، حسب تصريح لزعيمهم الجديد على رأس نقابة الطاكسيات المنضوية تحت يافطة الاتحاد العام للشغالين.

ويبدو أن الكثير من هؤلاء لم يستسغوا بتاتا فكرة أن يركب “شيفور” مثلهم ، طاكسي الانتخابات، و يمضي في رحلة غير شاقة على طريق السياسة ليحط الرحال اخيرا في محطة البرلمان.

أمل تحقق <<للشيفور>> السابق الذي تجاوز <<بلاكة انتردي>> التي كانت موضوعة في طريق كل طامح للوصول إلى البرلمان من ابناء <<البوبريا>>، اذ كان أصحاب <<اللعاقة>>> من <<البرانيين>> ، الذين ينزلون علينا فجأة من المدن البعيدة، هم من كانوا يرسمون خارطة طريق الفوز بأموالهم الطائلة، ثم يشدون الرحال عائدين من حيث أتوا، بعد تحقيق امالهم غير المشروعة.

وبعيدا عن أي تحامل، وإن كنت مبدئيا احترم ميولات الاخرين و أراءهم، إلا ان هذا لا يمنعني من الاعتقاد بان الذين ارتموا في حضن نقابة الاتحاد العام للشغالين ، يتجاهلون في غمرة حماسهم العابر، أنهم بذلك إنما يضعون اللبنة الاولى لمسرحية كوميدية ستمضي بهم لامحالة على طريق الدراما والعبث، ليس لان هذه <<الدورة>> تقطع خط الود بالمرة مع نقابة مهنيي وسائقي سيارات الاجرة الصغيرة المتخلى عنها ، ولكن، وببساطة، لان “شيفور” النقابة الجديدة لا يملك <<برمي د كونفيونس>> يؤهله الى مستوى القيادة الحكيمة، و قد يتسبب هذا النقص الحاد في الرؤية الواضحة، وفي أية لحظة، في <<كسيدة>> نقابية سيكون لها ما بعدها. مثلما كان لها ما قبلها.

فالرجل الذي لا يكاد يفرق بين الضاد و الظاء، زد على ذلك تمرسه البارع في مهنة “كراء الحنك” ، كما لا يخفى على أحد، سيصطدم دون أدنى شك مع حائط من الازمات التي ستدفعه الى البحث، مرة اخرى، عن أقصر طريق للهروب، تماما كما يفعل التيار الكهربائي.

وأعيد التذكير هنا باحترامي حق أي مواطن في الانخراط أو حتى تأسيس الاطار السياسي أو النقابي الذي يرى فيه الحضن الدافئ لآرائه وافكاره ، فالأمر موكول بالنهاية للقناعات التي تحدد مسار كل باحث عن تحقيق اماله وطموحاته بعيدا عن أية وصاية.

إلا أن بحثا اخر أكثر دقة وموضوعية سيقود حتما الى الحقيقة المختفية وراء ستار من الغبار الاعلامي المتناثر، و التي تكاد تطل بقمقمها معلنة عن وجود نية بفتح الباب مشرعا أمام عودة حزب الاستقلال، وذلك بالتمهيد لذلك عبر تعبيد الطريق النقابي أولا على أمل توسيع قاعدة التمثيلية على نطاق أوسع.

واذا كنا نتذكر جميعا التصريحات التي أدلى بها الوزير الاول السابق، والامين العام لحزب الاستقلال ، عباس الفاسي، خلال أحداث السبت الاسود، حيث أنكر وجودها بالمرة، ونضيف الى ذلك كله الدور الكبير والمؤثر لأعضاء حزبه في صياغة تقرير اللجنة البرلمانية لتقصي الحقائق، والذي جانب كثيرا مسار الاحداث ، فمن حقنا أن نقف متسائلين لماذا يقبل هؤلاء اليوم أن يقووا شوكة حزب لم تُعرف عنه سوى مواقف لم تصب يوما في مصلحة ساكنة المدينة.

قد يقول قائل أن حزب الاستقلال له ما له وعليه ما عليه، تماما كحزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يعتبر مصطفى الرميد، وزير العدل الحالي، احد أبرز قيادييه ، والذي كان هو الاخر عضوا في اللجنة السابقة الذكر، وقال حينها معلقا عن جولاته بأحياء المدينة: “هادشي والله ما نسكتو عليه”، ليسكت بعد ذلك عن الكلام المباح في قضية مرتبطة بالعدالة التي يحمل اليوم حقيبتها.

وقد يضيف اخر ساخرا أن الاحزاب السياسية مثلها مثل الطيور على اشكالها تقع في التناقضات، اذ تنتهي إلى التغريد خارج سرب المواقف بمجرد أن تحط على شجرة المصالح السياسية . كل هذا صحيح للغاية ولكن، وللإنصاف أيضا، أولم يأتي رئيس الحكومة الحالي، مدير جريدة التوحيد والاصلاح آنذاك، الى سيدي افني، حيث قدم اعتذارا للساكنة، إثر مقال صدر في جريدته و فهم منه اتهام ضمني بالانفصال؟

انه الشيء الذي لم يقدم عليه، والى الان، أي مسؤول عن حزب الاستقلال الذي أوغل في الجرح الافناوي الذي مازال غائرا وللأسف، بسبب التلكؤ في إنصاف الضحايا و طي هذا الملف الحقوقي بشكل كامل.

وهي الخطوة التي ستعيد الدولة ومعها الساكنة بمختلف فعالياتها الى نقطة انطلاق سليمة نحو محطة المصالحة المنشودة التي يجب علينا جميعا أن نلتقي فيها مجردين من أحقاد الماضي، ومستعدين للانخراط في رحلة البناء والتنمية على أمل السير باتجاه مستقبل أكثر اشراقا.

لهذا فموعد الحسم القادم يجب أن يستحضر كل هذه المعاناة التي اثقلت كاهل الجميع وجعلت من بعض الملفات عرضة للتجاهل خصوصا ملف الاستاد عبد المالك الادريسي الذي لايزال مصرا على حقه المشروع، و الاهم من كل ذلك، عائلته التي اكتوت بحرقة سنين الانتظار القاسية.

إننا نامل أن تتواصل أوراش البناء، التي لا ينكرها الا جاحد أو مكابر، حتى تستعيد مدينة سيدي افني بسمتها المفقودة، لتنتفض هذه المرة ضد الكسل الذي يقبع في مقرات أحزابها و يعيق حركة الكثير من جمعياتها التي لا تظهر على سطح العمل الجمعوي الا حين يلوح موعد توزيع المنح التي لا تستحقها أصلا.

إننا نأمل أن تجتمع الاحزاب السياسية يوما ما حول طاولة النقاش السياسي الرصين و تجلس في تواضع لتشريح و تشخيص واقع ازمة المدينة لعلها تفلح في فتح نافدة أمل تسمح بتسرب شعاع نور يضيء عتمة التدبير الذي ضيع على السكان مزيدا من فرص التنمية الضائعة.

وهل من حقنا أخيرا، وليس اخرا، أن نامل في أن يستعيد رئيس الحكومة ذاكرته، و يترجم وعوده السابقة لعلها تسهم في ضخ المزيد من وقود الاصلاح والمصالحة في محرك التنمية المحلية؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *