آراء

الرجاء .. شيء كبير يا عمري

اكتب هذا المقال قبل بداية مباراة الرجاء البيضاوي والبايرن الالماني وبغض النظر عن النتيجة التي تعجز كل التوقعات الرقمية على منح الفوز للرجاء، أود أن أقول أني اشعر بالسعادة لان فريق الرجاء منحنا شعورا بالإثارة اللذيذة والترقب المثير عبر ربوع المقاهى الشعبية والمكالمات الهاتفية والبرامج التلفزية، أقول هذا رغم كوني مشجعا لفريق الوداد منذ أن شاهدت الزاكي وبودربالة بقميصهما الأحمرالودادي.

لاشك أن الانجاز المغربي الكروي الوحيد خلال العشر السنوات الأخيرة أي منذ ملحمة تونس، هو ما تفعله الرجاء اليوم في بطولة عالمية من هذا الحجم، وبغض النظر عن نتيجة مباراة الغد فقد كان الأسبوع الماضي مليئا بالفرح الذي يليق بنا كمغاربة.

هناك أشياء كثيرة تجمعنا في هذا المغرب الأقصى والأقسى تجعلنا نفرح لأي سبب .. نفرح أسبوعا ونعيش عليه لسنوات، لأننا طيبون، حتى أننا عندما نضحك من أعماق قلوبنا نسأل الله بعدها ان يخرج هذا الضحك على خير.

لدي صديق له طقس خاص لمتابعة المباريات، فهو يتشبث دائما بمشاهدة المباريات في المقهى. يأتي قبل المباراة بساعة ويختار أفضل مكان يحقق أفضل زاوية للرؤية، يتابع عن كثب استوديوهات التحليل المتخصصة في الفتاوى كرجال دين آخر هذا الزمان، يبحث عن المعلق الذي سيعطيه أذنيه لساعة ونصف، يختار المعلق الأخف دما مثل الشوالي “هرمنا في انتظار هذا الهدف التاريخي” أو الذي يتفاءل به مثل الدراجي “أببببببب” أو المسترسل مثل رؤوف خليف “ياسلام شوف شوف، يوزع، شيء كبير يا عمري”.

وحين تبدأ المباراة يتقمص كل الأدوار فمرة حكما يعلق على ضربة جزاء كانت واضحة بالنسبة له ولم يحتسبها الحكم، ومرة مدربا يطلب من لاعبي الوسط التقدم للهجوم وضرورة تبديل رأس الحربة ،ومرة مهاجما يطلب الكرة من الجناح الأيسر، و مرة مشجعا الى جانب الجالسين معه.

يشتم ويسب ويمدح ويدعوالله ويغضب ويرقص فرحا ويشد على رأسه في كل ضربة ركنية ويعض على شفتيه متذمرا، وتزداد ضربات قلبه مع كل هجمة او هجمة مضادة، ولا يهدأ له بال الا حين يعلن الحكم نهاية المباراة.

ولأننا هذا الأسبوع ،أصبحنا نمتلك بفضل الرجاء حوارات كروية دافئة، ضاحكة مستبشرة، فان صديقي السابق الذي كلما تفرجت معه في مباراة الفريق الذي يشجع الا وانهزم فريقه المفضل ،طلب مني الا اتفرج معه في مقابلة الرجاء غدا خوفا من الهزيمة ومضحيا بصداقتنا الطويلة مقابل الرجاء وخوفا على مشاعر الملايين من محبي الرجاءالعالمي.

الرجاء بعد هده المباريات الثلاث الأخيرة، وحدت الجمهور المغربي وجعلته يكتشف إمكانياته من جديد، ويؤمن بقدرات الاعجاز المغربي في الشدائد ،لكنها للاسف أيام وسيدب الخلاف والوهن من جديد في ملاعبنا الوطنية .الأعمق من هذا أن هده الانتصارات المتتالية وحد ت طريقة التفكير لدى الناس وأصبح الكل يتمنى ان تستمر هذه الفرحة وهذا التوهج الذي شهدته شوارعنا في شئ اخر غير الكرة !!

المهم ان الاجيال الجديدة ستكبر واسم الرجاء محفورا في ذاكرتها وربما ستصبح أهداف الفريق في هذا الموندياليتو مثيرة للقشعريرة عند الاجيال الجديدة في المستقبل أكثر من مشهد الشاحنات الحمراء في المسيرة الخضراء و تصبح سجدة اللاعب متولي على ارضية الملعب اشهر من سجدة الحسن الثاني “بالطاح”.

الرجاء العائد من بطولة وطنية بهزيمتين ثقيلتين وبمشاكل جمة اصبح فجأة فريقا عالميا والسر يكمن، في نظري، في رضات الوالدين وخصوصا الواليدة

فقد لخصت شعارات الجمهور الواقع بعفوية وسذاجة ذكيه “الواليدة صفت اللعاقة الرجا باقة” أو شعار “الواليدة ديري دارت القضية طوالت” لاحظ أن الشاب المغربي لا يستنجد إلا بأمه، ولاحظ أن “دارت” اصبحت حلا اقتصاديا ينافس أشرس المؤسسات البنكية إنه الاعجاز المغربي مرة أخرى.

قبل المباراة ومهما كانت النتيجة أقول الرجاء البيضاوي شي كبير يا عمري.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *