آراء

الرد على أبو زيد في قضية تحقير أمازيغ سوس

سياق الكلام:

من باب الغيرة على أمازيغيتي وسوسيتي وإنسانيتي . وإنطلاقا من نقد النظرة النمطية السائدة في المغرب حول أهل سوس ومن منطلق تصحيح المغالطات والرد العقلاني والملتزم الذي يجب أن نرد به على غيرنا كذلك. إخترت ان أجيب المدعو المقرئ أبوزيد الإدريسي النائب البرلماني عن إقليم وجدة والذي يدعي أنه مفكر إسلامي .

هذا الشيخ الذي إستهل خلال محاضرة له بالسعودية حول الهوية إستهل كلامه بنكتة ملمحا إلى أمازيغ سوس الذين إتهم تجارهم بالبخل، مضحكا القاعة التي ملأت عن أخرها وللإشارة فهذا أسلوب جديد يستعمله مفكرونا الإسلاميون لتقديم فكرهم العظيم.

فمن منطلقي الشخصي والهوياتي الذي لا أريد من خلاله أن أسب الشيخ أو أقدفه كما لاحظت ذلك في شبكات التواصل الاجتماعي، وكم السخط الذي خلقه كلامه بين الأمازيغ وغير الأمازيغ. اخترت أسلوبي الخاص وهو ان أحاكم هذا الشيخ بقلمي وأفكك خطابه وأصحح له مغالطاته وأوجهه نحو الصواب ولأظهر له أن سواسة فيهم العارفون والمثقفون والمفكرون.

تفكيك خطاب المقرئ وتبيان مغالطاته:

مغالطات الشيخ أبو زيد الإدريسي:

ما لفت انتباهي اليوم هو ظهور النائب البرلماني أبوزيد في أحد الفيديوهات المنشور على موقعة الإلكتروني. والذي بتث قناة الرسالة حول مؤتمر بعنوان: الهوية هويتنا وأثر منطلقاتها على الواقع والمنظم بدولة الإمارات العربية السعودية

وخلال بداية المحاضرة التي تلاها أبوزيد في جمع من المسلمين مقسمين إلى قسمين ذكورا في جهة والإناث في الجهة الأخرى سيرا بأعراف المنطقة التي تجعل الأنثى ناقصة عقل ودين وأنها مثيرة للذكر، لذا وجب فصلها عنه حتى وسط المجامع الكبرى كذلك الذي تدخل فيه أبوزيد في موضوع شائك وموغل في التعقيد وهو موضوع الهوية.

وقد إستهل شيخنا محاضرته بالحمدلة والصلاة على النبي وهنا يرتكب أبو زيد الخطأ الأول لأنه سجن نفسه في إطار ضيق هو الإسلام وهو يصرح ضمنا بإيديولوجيته وهنا يكون الشيخ قد حكم على تحليله بالاموضوعية ويظهر لنا بأنه لم يستوعب الدرس الإبستمولوجي جيدا، كما تتجلى خصوصية المحاضرة كذلك في عنوانها: الهوية هويتنا . فأي هوية يقصد؟ وأثر منطلقاتها على الواقع؟ وأي واقع يقصد؟

ثم يستمر الشيخ في الإسترسال قائلا-العيب فينا نحن المغاربة لا نحسن التواصل مع المشارقة- وهنا تظهر نزعة الشيخ التبخيسية والمحتقرة للذات مستعملا بذلك ميكانيرم الإسقاط فعوض أن يقول لا أحسن التواصل قال لا نحسن التواصل متناسيا أن المغاربة تجاوز تواصلهم المشرق فظل صوتهم صادحا في أخر بقاع العالم فما إبن بطوطة وإبن تاشفين وشيشونغ ومحمد خير الدين وعابد الجابري وغيرهم الأمازيغيين طبعا سوى نماذج من أولئك الذين تواصلوا وأوصلوا صوت المغاربة إلى غيرهم.

فمنذ بداية المحاضرة يظهر المنحى الذي سيسلكه شيخنا وهو منحى سيظهر جليا في تبخيسه لغيره وتمجيده لذاته على شكل نرجسية متعالية وجاهلة. ويتجلى ذلك من خلال إتهامه اللغة الفرنسية بإغراقها في التنظير.

وأول ما إستهل به الشيخ محاضرته هو أسلوب جديد في فن الخطابة والتحليل والتفكير الإسلامي وهو أسلوب التنكيت وهو أسلوب قديم كان يعرف في شبه الجزيرة العربية أيام زمان وهو أسلوب مازال قائما لم يتغير. وشيخنا الهمام أكبر تجسيد له لأن المناخ العربي أيام الجاهلية لم يتغير فيه اليوم سوى مكبرات الصوت والكاميرات الرقمية والفضاء المكيف والمجهز بأخر صيحات التكنولوجيا التي يقتنيها العرب بدولارات النفط من الغرب التي سينتقده شيخنا بشدة في مداخلته وما أن ينتهي النفط ستعود حروب البسوس إلى التجلي من جديد.

النكتة الأولى كانت حول الرجل الأبله كما نعته شيخنا.

والثانية وهي التي إستفز بها نصف شعب وإحتقر فيها مكونا من مكونات الشعب المغربي العظيم وهم أهل سوس الذين يمارسون التجارة ويشكل عصب الإقتصاد في البلاد وهي حول التجار الذين نعتهم بنوع من البخل . وهنا يتعتر الشيخ من جديد كجمل محمل بما لاطاقة له وهو تعتر فكري ومنهجي يتجلى في إدراج أسلوب التنكيت في موضوع الهوية

بعدذلك يبدأ شيخنا في تحليل مفهوم الهوية من منطلقات تشكله النظري والتاريخي.

ومن المغالطات التي مررها شيخنا هو اعتباره أن نقيض الهوية هو” المسخ”الذي قسمه إلى المعنوي والحسي وهذه من المفاهيم العائمة في بحر التجريد والخرافة واللاعقلانية لأن المسخ كمفهوم ديني خرافي لا يمكن للمفكر أن يدرجه في سياق حديثة الاستدلالي لأن من شروط الاستدلال منطقية الأفكار وعقلانيتها .فالمسخ الحسي لا يمكن أن يتحقق مادام ذلك من باب التفكير الخرافي.

والمثير في كلام صاحبنا اعتباره التحول الجنسي “مسخا”و الذي يعني في قاموسه “الخروج عن الهوية” . وهذا الكلام يناقض ما قاله في البداية حيث اعتبر الهوية ” أكثر المفاهيم التصاقا بالوجدان والفطرة والغريزة ” ويعتبر كذلك أن” الهوية مطابقة الشعور للذات”.

فالمتحول الجنسي بهذا المعنى لا ينطبق شعوره مع ذاته؟؟ فكيف إذن سيرغب في تغيير جسمه وجنسه وأن يتحول إلى حالة أخرى لا تطابق ذاته؟ وهذا تناقض صارخ في خطاب الشيخ.

بعدها إنتقل في سياق حديثه الذي يجره دائما إلى انتقاد الغير والاستهزاء به إلى اعتبار أن الفن الأوربي قد إنتكس وهنا يعطي مثالا عن متحفين في ألمانيا أحدهما لعرض التكنولوجيا الحربية والثاني لعرض اللوحات الفنية فإعتبر أن المتحف الأول “يمثل تمزقا للروح ” ووصفة ب-الزبالة- عكس الثاني أي متحف الفن التشكيلي. وهذا خطأ لأن كلا المتحفان هما عرض للفن؛ فالأول يعرض فن الحرب الذي هو تجسيد لقوة العقل والإبتكار، اللتين يشجعها الغرب ويحاربهما المشرق العربي والفكر اللاهوتي الديني الأصولي الذي يحارب كل تجديد وابتكار.

ينتقل شيخنا بعد ذلك للتفصيل في مفهوم الهوية الإشكالي من منطلقاته النظرية والفلسفية ولكن تعثر كذلك حيث إستدل بهيروقليطس وبرمنيدس وقال بأن الأخير يعتبر الهوية متغيرة والثاني يعتبرها ثابتة وهذا خطأ لأن مفهوم الهوية لم يظهر مع الفلاسفة اليونان بل إن المفهوم لم يبدأ الاهتمام به بشكل علمي ودقيق إلا في فترات متأخرة جدا عن الفلسفة اليونانية خاصة خلال القرن 19 م.

وفي سياق كلامه يستدل بجون لوك الذي إعتبر الهوية ثابتة ومتغيرة في أن واحد وأن الرابط بين الحالتين هو الذاكرة وبعد لوك جاء هيوم الذي تبنى نفس الفكرة.

وهنا يعتبر شيخنا أن الحركة الصهيونية أخذت فكرة لوك حول علاقة الهوية بالذاكرة فوظفتها في “الحق في الذاكرة” من أجل محو الثقافة الفلسطينية. كأن المسلمين لم يوظفوا بدورهم ما أسماه صاحبنا بـ “الحق في الذاكرة” من أجل إسترجاع أمجادهم لأن مشكلة العرب لا يريدون أن يتقدموا مثل الغرب فقط بل يريدون أن يتقدموا على الغرب وتصبح لهم الريادة وهذه من الطوباويات الإسلامية التي تريد أن توقف الزمن من حدين وتجعل فترة النبوة المحمدية التي لم تدم سوى ثلاثين سنة هي أفضل فترة في تاريخ الكون كله الذي يمتد إلى أكثر من 14 مليار سنة؟

وفي هذا السياق يقول: “حاسة الإرادة لا تستتار إلا بالقدوة الصالحة”؟

بعدها ينتقل للحديث عن الهوية الفردية التي إعتبر الاهتمام بها جاء مع تقدم العلوم الإنسانية علم النفس وعلم الاجتماع والأنتروبولوجيا وخاصة مع إيركسون وألبورت الذين وجهوا الهوية نحو المنحى الفردي لكنه لم يفصل بما فيه الكفاية في هذا المجال وهذا خطأ لأنه لم يذكر مجموعة من الأشياء كالتفسير الديالكتيكي الماركسي للهوية وكالتفسير الوظيفى والغريب أنه لم يذكر حتى مراحل النمو النفسي التي جاء بها إريكسون خاصة مرحلة الإحساس بالهوية مقابل إضطراب الدور في فترة المراهقة… وغيرها من الثغرات المنهجية.

والمتابع لكلام الشيخ يجده منصبا بالأساس حول التمجيد المرضي للذات والإحتقار للأخر وكنموذج على ذلك إعتباره أن المسيحية مشرقية لأنها نشأت في فلسطين؟

ومن تجليات دوغمائية الشيخ اعتزازه لإنتماءه للرابطة العالمية للأدب الإسلامي التي جاءت “كرد فعل ضد الأدب الماركسي والوجودي والقومي” الذي إعتبره “أدب مجون وتفلت” الذي وجبت مواجهته في نظره انطلاقا من “أسلمة الأدب” وهذه بدورها من تجليات السياق المتعالي الذي يتحدث منه شيخنا هو سياق الغطرسة والزهو وتمجيد الحضارة العربية الإسلامية. متناسيا أن الأدب الماركسي والوجودي وغيره هو أدب غايته الإنسانية ورسالته موجهة إلى البشرية جمعاء، وليس إلى عرق أو جنس فقط، كما أن هذا الأدب ليست له منطلقات دينية تعصبية كالتي ينطلق منها مقرئنا.

وفي سياق كلامه يعتبر شيخنا أن مفهومه للهوية هو مفهوم قائم على الاستثنائية والخصوصية. وبدون وعي يقول نحن”الأصل” أي أن الحضارة العربية الإسلامية هي أحسن حضارة وفي هذا السياق يورد الجملة التالية”المسلم أكرمه الله بأصح دين وأفلح دين” والمقصود هو أن الإسلام عنده هو أحسن دين وأمته أحسن أمة أخرجت للناس وبأن كل أديان العالم هي أديان خاطئة وناقصة.

وهنا يدعو إلى تجاوز ثنائية المركز والهامش لأنه ليس هناك مركز لأن له حسب قوله خصوصياته.

بعد ذلك ينتقل شيخنا العلامة العارف بالله إلى ذكر مصادر الهوية التي عددها في خمسة وبالترتيب:

الدين، اللغة، الثقافة النافعة، التراث الإيجابي، المشترك الإنساني. والغريب أنه إستتنى العرق مع العلم أن العرق كذلك محدد لهوية الفرد.

وهنا يرتكب مزيدا من الأخطاء فهذه المصادر غير ثابتة للهوية لأن الهوية لا تقبل أن يكون لها مصدرا بل هي عملية تشكل لاواعية تفرضها العلاقة بين ماهو نفسي وماهو جماعي لكي تصبح مجالا داخليا / ذاتيا ووسيلة لفهم الكيفية التي يكون بها الفرد الحقيقة الاجتماعية.

كما تحدث عن النافع وهو مصطلح ضبابي يستعمله الأصوليون المتأسلمون للحفاظ على “الخصوصية” الثقافية والتميز؛ فالدين مثلا لا يحدد الهوية لأننا يمكن أن نجد لادينيا عربيا لكن لا يمكننا أن نفصله عن هويته العربية الإسلامية.

ومن الأمثلة الأخرى التي يظهر فيها المستوى المنحط لشيخنا الذي هو أسلوب الإستهزاء والسخرية وهنا المشكلة الأعمق حيث لم يقف عند حدود تحقير عرق معين بل امتد إستهزاءه إلى بعض رموز الفقه الإسلامي الكبار كالإمام الجواليقي والسيوطي الذين حاولا إيجاد أصل بعض الكلمات العربية الواردة في القرآن والذي يأتي من باب الاجتهاد وبالتالي محو التناقض في النص القرآني خاصة الآية التي تقول” وأنزلناه قرآنا عربيا مبينا” وورود بعض الكلمات التي لا تنتمي للغة العربية. كما إعتبر شرح إبن قتيبة لكلمة الصراط إشتقت من كلمة صرط أي صرطته الطريق بدل كلمة strata اليونانية بأنها “مجرد تمحلات مضحكة”. وهذا يدل على التكوين النفسي لشيخنا المتسم بالسخرية والإستهزاء.

الغريب في الأمر أن شيخنا قد سقط في تناقض خطير حينما قال بأن القرآن إستقى بعض كلماته من اللغات الأخرى 200 كلمة من 9 لغات وأعطى مجموعة من الأمثلة ككلمة “جهنم” التي أخذت من الإغريقية والصراط التي أخذت من الاتينية كلمتا “الصلاة” و”الزكاة” اللتان أخذتا من الآرامية وقد قال هذا الكلام ليثبث قوله أن” القرآن لم يستنفد من خلال هذه الإقتسابات كلمات اللغة العربية بل ذهب إلى سواها لأنها درس طوعي في الإنفتاح” . فغفلة شيخنا جرته إلى تدعيمه لفكرة التناقض في النص القرآني فبدلا من إثبات إجتهادات السيوطي وإبن قتيبة الرامية إلى حذف هذا التناقض ومن أجل أن يثبت شيخنا إنفتاح القرآن سقط في ثغرة تأييده وتـأكيده على صحة الأصل الخارجي لتلك المصطلحات الدخيلة متناسيا قول الأية” وأنزلناه قرآنا عربيا مبينا” أي قرآنا لا تشوبه شائبة لغوية أجنية أو كلمة دخيلة.

وفي الأخير يقول بأن هناك فرقا بين أن تنفتح للحاجة وبين أن يكون الإنفتاح حاجة وقد إشترط في الإنفتاح أن تكون هناك” مصفاة” كتلك التي ركبها عمر أثناء فتح الفرس الذين لم يأخذ منهم حسب تعبيره” مجوسيتهم ولا فجورهم ولا ظلمهم ولكن أخذ منهم جانبهم الإداري المتقدم أي ديوان الجند والخراج”.

وهذا من باب تمجيد الذات واحتقار باقي الأعراق. وفي الأخير وجه صاحبنا إنتقاداته للحركة التقليدانية المغتربة كما يسميها.

والملاحظ في خطاب شيخنا أنه على طول محاضرته يمجد ذاته وهويته ويحتقر باقي الأعراق بدأ بأمازيغ سوس الذين إتهمهم بالبخل وهذا يأتي إن حاكمناه بمنطقه في باب الخطيئة التي نهى عنها الله حيث نجد في سورة الحجرات أية تنهى عن الإستهزاء من الأخرين تقول الأية” يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن” وهنا فالشيخ آثم وسيعاقب ولن يدخل الجنة التي يحلم بها؟ !!!!!.

كما إنتقد شيخنا الغرب ثم إسرائيل وفقهاء الإسلام الكبار الذين نعت مجهوداتهم بالسخرية والضحك وإتهم الحداثيين بالمقلدين والمغتربين.

خلاصة الكلام أن كلام المقرئ مليء بالتناقضات والإتهامات والاستهزاء والإحتقار.

حول مفهوم الهوية الجامعة والهوية المفتتة:

من المفاهيم التي ترددت كثيرا في خطاب الشيخ هو مفهوم الهوية التي قسمها إلى نوعين -الهوية الشاملة- ثم -الهوية المفتتة-. فالأولى في نظره تمثل الأصل وحدد مصادرها في خمسة وهي التي سماها الهوية الجماعية أو- هوية الأمة-. ثم إنتقل بعد ذلك إلى مفهوم الهوية الفرعية أو المفتتة وقد إعتبر في هذا السياق أن كل حركات التحرر في العالم المطالبة بالحرية الفردية كالحركة النسائية وحركات المثليين كلها تندرج في سياق الهويات المفتتة؟

وما يمكن ملاحظته في كلامه كذلك أنه يلمح من جديد إلى الهوية الأمازيغية حيث يعتبرها مفتتة لهوية الأمة الجامعة. ولأجل ذلك إستثنى العرق من مصادر الهوية. حيث يقول :-أقصي عنصر العرق عن عمد ربما لأنه من عناصر الهوية المفتتة.

إن منطلق الذي يتحدث منه ابو زيد هو منطلق الإسلام السياسي الذي يقوم بتوظيف الدين من أجل خوض السياسة وهو منطق خاطئ لأنه يخلط المطلق بالنسبي. لان السياسة هي مبادئ ميكيافيلية محضة. أما الدين فهو شيء متعالي ومقدس ومرتبط بالمطلق. وحينما نمزج بين الإثنين فإننا نخلط المقدس بالمدنس.

الإدريسي يريد أن يثبث صحة أطروحته القائلة بان الإسلام هو الدين الصحيح الذي لا تشوبه شائبة . وأن الهوية الإسلامية هي هوية جامعة وهي لا تقبل بالهويات المفتتة وبهذا المنطق فالإسلام يعتمد على الجماعة ولا يقبل بالفرد الإسلام يفتت أو الأديان عموما تفتت قوة الأنا في بوتقة النحن وبالتالي تقوم بتعميم منطق وحيد وأوحد من التفكير الذي يحارب كل من مارسه.

وهذا خاطئ لأن الدول المتقدمة تشجع القيم الفردية داخل مجتمعاتها وتتبنى الحرية الشخصية والفردية وبالتالي تشجيع الفكر الحر والإبداع.

حول أمازيغ سوس:

إن كلام شيخنا العلامة العارف والمفكر والنائب الذي بدأ محاضرته حول تجار سوس الذين لمح لهم هو كلام لا يجب ان يقال لأنه تحقير لذاته اولا حيث سيرتبط لدى السامع أن التجار الأمازيغ معروفون بالبخل فقط لا أقل ولا اكثر متناسيا باقي الشيم والفضائل الإنسانية الأخرى التي يتميز بها كل الأمازيغ وعلى رأسهم السواسة المعروفون بكرمهم وسخائهم فالتاجر السوسي الذي تجده في كل مناطق المغرب لا يجمع المال فقط بل يصرفه في بناء المساجد والتكفل بالمدارس العريقة وإطعام رمضان والأيتام وغيرها كثير. التاجر السوسي يأتي إلى الرباط وطنجة وفاس وغيرها ويقضي بها ثلاثة أشهر أو أكثر بعدها يعود إلى سوس لأنه متشبت بأرضه ومحب لها. هل زرت ياشيخ مدينة تفراوت الجميلة وهل رأيت قصورها؟

السواسة مدافعون عن هويتهم الأمازيغية وتراثهم الغني والفلكلوري الذي لا يسع المجال هنا لأشرح لك.

السواسة معروفون بالتجارة لكن منهم السياسونذ كذلك؛ أنظر كم وزيرا سوسيا في الحكومة. العثماني الذي ينتمي لعائلة العثماني العريقة أخنوش الذي كان أبوه الحاج أخنوش لا يبيع سوى الوقود بالتقسيط في الدار البيضاء وإنطلاقا من تحمسه الذي سميته بخلا صنع ثروة ضخمة عنوانها أكوا وغيرها.

والسواسة منهم الأدباء كالمختار السوسي الذي جدد ونشر لك دينك وكان وزيرا كذلك و محمد خير الدين الكاتب الجميل الذي كان صديقا لسارتر ومنهم كذلك فنانين و كتاب كلمات ومثقفون وحداثيون وغيرها كثير يا شيخ. أنت يا شيخ تتعامل مع السواسة تشتري منهم المواد الغذائية الضرورية ولك منهم أصدقاء وعائلات فكيف تهينهم؟

هذه الأشياء تعرفها أنت وغيرك لكن النظرة النمطية نحو السواسة هي البخل فقط .

المقرئ أبوزيد يجب أن يعتذر للأمازيغ:

القوانين المغربية تنص على معاقبة كل من يحتقر جنسا أو عرقا معينا . ومن هذا المنطلق يجب على الشيخ أن يقدم اعتذارا للأمازيغ خاصة السواسة منهم ويرفع تلك النظرة المقيتة والعنصرية تجاه الأمازيغ.

وعلى المغاربة جميعا إن أرادوا أن ينزعوا النظرة النمطية تجاه بعضهم البعض ويترك الحقد والعنصرية ويتوحدوا من أجل مواجهة الاستبداد القائم.

الشعب المغربي شعب غير متصالح مع ذاته وغير متجانس لأنه يدم بعضه بعض ويحتقر بعضه بعضا.

لذا وجب نزع تلك النظرة النمطية من أجل تحقيق الإنسجام والتلاحم فكيف تريد أن ينظر إليك السوسي الذي تتهمه بالبخل أو العروبي الذي تتهمه بالهامشية أو البكاني الذي تتهمه بالغباء.سوى بتغذية الضغينة والعنصرية بين مكونات هذا الشعب المجيد.

كل هذه النمطيات تغذي العنف والتطرف داخل المجتمع وتدفع به نحو الحقد غير المعلن أحيانا ولكن المنغرس في الاوعي الجمعي للأفراد.

المقرئ يجب عليه كذلك وفق منطق الإسلام أن يطلب المغفرة من خالقه الذي نهاه في سورة الحجرات عن الاستهزاء بالآخرين أولا، ثانيا يجب عليه ان يقدم إعتذارا لأما زيغ سوس، ثالثا يجب عليه ان يذهب للسعودية ويصحح للذين حضروا محاضرته الانطباع الذي تركه لديهم عن أن تجار سوس بخلاء من خلال وصفه لأهل سوس بالبخل.

رابعا على المقرئ الشيخ العارف والمفكر العظيم أن يتصالح مع ذاته ويراجع تقنيات الاستدلال والخطاب وإلا فليكتف بجلسات النوم المريحة داخل البرلمان.

[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *