وكالعادة ستستيقظ أمي في ذلك الصباح فتصرخ بأعلى صوتها يا فاطمة كفاك نوما حتى الظهيرة فرأس السنة الأمازيغية سيباشر لعبة جديدة هذه الليلة ولا مجال للنوم. فماذا تسمون ذلك الشيء الذي احتفلنا به منذ أسبوع ونصف. “وقهرتونا بهاد الريوس ديالكوم”. فلم تكن تلك الليلة لتستقيم دون “تاكلا إيض ايناير”.
تبدأ أمي بالإعداد لها من الظهيرة فلم تكن لأحد منا الجرأة في تحريك طنجرة عصيدة الذرة وبنات أعمامها من القطاني بالملعقة الخشبية خوفا منا على سلامتها بصنيعنا ذاك. فأمي تقول عصيدة الذرة من المندوبات المس بها ما سيؤدي بها لا محالة إلى إعاقة أو شلل نصفي قد يسبب لنا مشكلة في أيامنا القادمة حسب معتقداتي.
لتستمر حكاية أمي وعصيدة الذرة فما إن أذن المؤذن للعشاء حتى تذكرت أمي نواة التمر فتحول البيت إلى سوق للمتلاشيات بحثا عن هذه الأخيرة لعلنا نجد لها أثرا في إحدى زوايا البيت أو بين الأثات أو تحت وسادة أحدهم فأكلوا الثمر ليلا بعد تنظيف الأسنان مازالوا أحياء يرزقون.
فمن كثرة استهزائي من الأمر اقترحت على أمي أن تضع بدل النواة صرصورا يحتضر ليعيش سعيد الحظ عامه ذاك في خيرات بنو صرصور فيا له من مقلب ما بالكم؟؟؟ كنت أمزح فقط.
عندما سمعت بقدومك وبأن الأمازيغ سيقيمون لك احتفالا وبأننا أخيرا سنتذوق عصيدة الذرة مع اللبن البلدي وبأنني هذه السنة سوف أحظى بشرف الظفر بنواة التمر وبأننا سنسمر ليلتنا تلك مع سهرة خاصة من قلب مدينة تيزنيت اشتريت لك جهاز تحكم عن بعد عزمت من خلاله على تغيير بعض ما قد يشيبك من أحداث فاغترفت لنفسي غرفة من الأمل والتفاءل.
لكن ولسوء حظي فالقدر هذه المرة لم يسعفني لا بصرصور يحتضر ولا بسهرة تليق بأهل تزنيت أتحف بها أسماعي ولو لبضع ثواني. فما كان مني إلا أن غيرت المشهد واستسلمت للنوم.
لا أخفيك سرا عزيزتي بأني لم أكن أنتظر قدومك فالأمر سيان لا فرق عندي بين سنتك وبين سنة ميلادية ولا هجرية ما كان يهمني من هذا كله سنة ميلادي فقط وأنا أتذوق مرارة توديع لسنوات عمري وبأنني يوما ما سأشيخ وبأن وجهي ستكسوه التجاعيد في ذات نهار فما كان مني إلا أن غيرت المشهد واستسلمت للأمر الواقع 2964.
اطمئني فالمقرئ أبو زيد لن يعاود تكرار نفس الخطأ فالفأر لا يلدغ في الحجر مرتين أعلم جيدا بأن ذلك قد آلمك بالغ الألم أعذريه لم يكن يقصد أن يجرحك لكن من جهتك أنت اصفحي عنه فنكتة البخيل ما هي إلا زلة لسان اقتضى سياق الكلام ذكرها ونحن من جهتنا سننتظر من فقهائنا الأجلاء الإصدار الأول لنكتة المسرف في قبائل أهل الشرق نستأنس بها في خطبنا ومحاضراتنا عن الهوية في سحر الشرق.