آخر ساعة

ليالٍ بلا جدران .. رواية جديدة للكاتب المغربي حسن المددي

أصدرت دار توبقال للنشر رواية بعنوان ( ليالٍ بلا جدران ) – الطبعة الأولى – للكاتب المغربي حسن المددي بداية شهر يناير 2014، وتقع الرواية في 288 صفحة من القطع المتوسط.

ومن عوالم رواية (ليال بلا جدران) نقتطف هذا المقطع:

“لكَم سخر من درجة الحمق التي انتابت أول من حطّوا الرحال على هذه الأرض الناتئة، التي نبتت كتؤلول خشن في مؤخرة الكون. لقد اعتُبِر رغماً عنه من نسل المغفلين. إنه يدرك تماماً استحالة الحديث عن ماضي هذا التؤلول الكبير الذي يولد الناس بين حراشفه، ويعيشون، ثم يموتون دون أن يسألوا عن أصل أجدادهم.

إن الناس في قرية أيت همان لا يدركون من خبايا الحياة سوى أنهم يولدون، ويعيشون، ويعشقون، ويموتون.. يمنّون أنفسهم بحياة أنعم وأفضل في الدار الأخرى، لذلك يحرصون على الشعائر الدينية التي يتخذونها مثل سرير بْرُوكستْ.. وغالباً ما تُنسى كلّما تعارضت مع المصالح التي يكون لها السبق، فتسقط حينها الأقنعة.

إبراهيم من مواليد بداية الأربعينات، وسوف يتم عامه الثالث والعشرين هذه السنة. بنيته القوية متينة ومشدودة العضلات.. تميزه سمرته الخفيفة بين شباب القرية.. حين يقف ممسكاً بمعوله للاستراحة غارقاً في التفكير، تحسبه تمثالاً من النحاس تحت وهج شمس الجنوب. العرق الذي ينضح به صدره العاري يمنحه مظهراً لامعاً كأبطال بناء الأجسام الذين يدهنون أجسادهم بزيوت خاصة. غير أنه في جموده وصمته وحركاته، ينقل إلى الناظر إليه عدوى انطباعات غير متوازنة، فرغم قوته العضلية التي تجعل قامته المعتدلة منتصبة وثابتة، فإن مسحة ضعف مضمر في الحنايا تطفو دائماً على أديم محياه الجامد القسمات، لكنه ضعف نابع من أعماق شخصية مهزوزة بفعل الترسبات التي تراكمت وتكلست في قرارة كيان رخو وهش.

في غمرة هواجسه المشتعلة، أحسّ إبراهيم أن دواليب الآلات الضخمة التي تسكنه قد انقدح زندها، وبدأت تدور ببطء ثم تتسارع وتيرتها.. حين يلج سراديب صمته المكدود، يشعر أنّ تفكيره يشبه الصراخ.. كان دائماً يتوجّس خوفاً من أن يسمعه الآخرون ونفسه تنضح بالأسرار التي يسمعها تضجّ في أذنيه، وتعبر الهواء، لتستقر على رؤوس عشرات المجسات اللاقطة التي تتوزع في أركان القرية، وتطل على الكون من الكوى المحفورة في جدران كياناتها النخرة”.

hassan madadi

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *