متابعات

هزيمة اليسار وتقدم واضح لليمين المتطرف في فرنسا

تعرض اليسار الحاكم في فرنسا الاحد لنكسة قاسية في الجولة الثانية للانتخابات البلدية لصالح اليمين في العديد من المدن الهامة فيما حقق اليمين المتطرف الفوز في مدينتي بيزييه وفريجو حسب النتائج الاولية والتقديرات.

وكما حدث الاحد الماضي كانت نسبة الامتناع كبيرة مع نحو 38% حسب التقديرات الاولية. وخسر الحزب الاشتراكي خصوصا مدن روبيه (شمال) وريمز (شرق) وسانت اتيان وليموج وانجيه (وسط) وكيمبير (غرب). وفازت الجبهة الوطنية بمدينتي بيزييه (جنوب غرب) وفريجو (جنوب) لكنها اخفقت في بربينيان (جنوب) وآفينيون (جنوب شرق).

توجه الناخبون الفرنسيون الاحد الى صناديق الاقتراع للمشاركة في الجولة الثانية من الانتخابات البلدية التي تشكل تهديدا كبيرا للسلطة الاشتراكية مع ارتفاع نسبة الامتناع عن المشاركة عن الجولة الاولى وتقدم مشهود لليمين المتطرف.

بدأ التصويت عند الساعة السادسة بتوقيت غرينتش على ان ينتهي في الساعة 16,00 او 17,00 أو 18,00 تغ حسب حجم الدوائر.

ويرجح اجراء تعديل سريع للحكومة التي كانت تعول على تعبئة واسعة للناخبين الاشتراكيين للحد من الخسائر بعد الهزيمة الكبيرة التي مني بها اليسار في الجولة الاولى في مواجهة اليمين واليمين المتطرف.

لكن بقاء رئيس الوزراء جان مارك آيرولت مرتبط بحجم التراجع الذي سيسجله الحزب الاشتراكي في هذه الانتخابات التي تشكل اول اختبار على المستوى الوطني للرئيس فرنسوا هولاند منذ انتخابه في مايو 2012.

ونسبة مشاركة الناخبين من الرهانات الكبرى التي يعول عليها الاشتراكيون بعد نسبة الامتناع القياسية في الجولة الاولى الاسبوع الماضي حيث بلغت 36,45% وكانت اضعف كثيرا لانصار اليسار عن انصار اليمين.

لكن نسبة الاشتراك في الجولة الثانية لم تزد ظهر الاحد عن 19,83% اي اقل من نسبتها في الجولة الاولى (23,16%) حسب وزارة الداخلية.

وفي مرسيليا حيث يتوقع تفوق مرشح اليمين بفارق كبير على المرشح الاشتراكي لم تزد نسبة الاشتراك عن 13,67% من حوالي 490 الف ناخب في منتصف النهار. وفي باريس لم تزد عن 11,30% مقابل 13,73% الاحد الماضي.

وتتوجه الانظار الاحد الى قائمة طويلة من المدن الكبرى للحزب الاشتراكي المهددة بالانتقال الى اليمين مثل ستراسبورغ (شرق) وتولوز (جنوب غرب) وسانت اتيان (وسط شرق) وريمز (شرق) وكون (شمال غرب).

ويفترض ان تبقى باريس بيد اليسار مع آن ايدالغو نائبة رئيس البلدية المنتهية ولايته برتران ديلانويه وان تقدمت عليها في الدورة الاولى منافستها اليمينية ناتالي كوسيوسكو موريزيه.

وبعد فوز مرشح الجبهة الوطنية من الجولة الاولى في اينان-بومون التي كانت معقلا عماليا في الشمال، قالت زعيمة هذه الجبهة اليمينية المتطرفة مارين لوبن السبت “انه اول يوم من عهد جديد لاينان بومون”.

ويمكن ان تحقق الجبهة الوطنية الفوز في مدن اخرى مثل فريجو او بيزييه في جنوب فرنسا.

وسيكون للفوز في افينيون المدينة الاخرى الواقعة في الجنوب والتي تعد احد رموز ثقافة فرنسية منفتحة على العالم تاثير مدو حيث هدد مدير مهرجانها المسرحي الدولي الشهير بنقل مركز هذا الحدث. وكان مرشح اليمين المتطرف حقق تقدما طفيفا في الجولة الاولى.

وقال احد كوادر الحزب الاشتراكي طالبا عدم كشف هويته هذا الاسبوع ان هذا الاختراق الذي حققه اليمين المتطرف يعكس يأسا اجتماعيا لذلك على السلطة التنفيذية “التحرك بسرعة وقوة”.

وباجراء تعديل حكومي مطلع الاسبوع المقبل على الارجح، سيحاول هولاند تجنب اي عملية تصفية حسابات داخل الحزب الاشتراكي حيث تحتدم النقاشات حول الخط الذي تتبعه السلطة التنفيذية.

وفي نانت (غرب) حيث تمنت له مجموعة من الناخبين “حظا سعيدا” قال رئيس الوزراء امام مكتب التصويت “يجب ترك الفرنسيين يعبرون عن ارائهم، يجب منحهم الثقة”.

ويبدو ان رئيس الوزراء الحالي جان مارك آيرولت سيكون كبش فداء هزيمة الحزب في الانتخابات البلدية في الوقت الذي يتردد اسم وزير الداخلية مانويل فالس الطموح الذي يتمتع بشعبية كبيرة لتولي رئاسة الفريق الحكومي متقدما على وزير الخارجية لوران فابيوس.

لكن وان كان فالس (51 عاما) يحظى بتأييد اغلبية من الفرنسيين بسبب موقفه الحازم من مسألة الجنوح والهجرة السرية، فانه يثير استياء قسم من اليسار الذي لا يغفر له حملاته على غجر الروما.

اما فابيوس (68 عاما) فلا يكف عن القول انه يشعر بارتياح كبير في المكان الذي يشغله.

ايرولت الوفي لهولاند الذي يرى البعض انه يفتقد للجاذبية له ايضا انصاره الذين يشيدون بقدراته في المحافظة على التوازن بين مختلف مكونات الاغلبية.

وقال زعيم كتلة المدافعين عن البيئة في مجلس الشيوخ الفرنسي جان فانسان بلاسيه انه يؤيد بقاء رئيس الوزراء لكنه طالب “بتغيير التوجهات” لتكون “اجتماعية اكثر واكثر جرأة على المستوى الاوروبي ولسياسة بيئية حقيقية”.

ودعاة حماية البيئة الذين يشغلون مقعدين في الحكومة الحالية (السكن والتنمية)، اصبحوا في موقع قوة واستفاد مرشحوهم جزئيا من استياء الناخبين من الحزب الحاكم.

وقالت وزيرة السكن سيسيل دوفلو الجمعة ان دعاة حماية البيئة الذين حصلوا على 11,8 بالمئة من الاصوات في الدورة الاولى “حققوا افضل النتائج في انتخابات بلدية منذ 15 عاما”.

وطوال الاسبوع، اكد الاشتراكيون انهم سمعوا “رسالة الاستياء” وحتى “الغضب” الذي عبر عنه الناخبون وكذلك الممتنعون عن التصويت من يساريين (35 بالمئة) ويمينيين (25 بالمئة) كما افاد استطلاع للرأي اجراه معهد ايبسوس.

وفي الدورة الاولى من الاقتراع، عبر الفرنسيون الذين قاطع 38,72% منهم عملية الاقتراع في نسبة غير مسبوقة في انتخابات مماثلة، عن استيائهم من السلطات.

ورأى هولاند الذي تراجعت شعبيته الى ادنى مستوى في اقل من سنتين، ان الحكومة “يجب ان تصغي للفرنسيين” و”تستخلص الدرس” من الاقتراع.

وقال نائب اشتراكي ان “الصعوبة التي يواجهها فرنسوا هولاند هي انه من غير الممكن ان يغير في سياسته نظرا للمطالب الاوروبية، بينما ينتظر ناخبونا سياسة انعاش”.

ويفترض ان تقدم فرنسا الى المفوضية الاوروبية في نهاية ابريل صيغة معدلة من برنامجها للاستقرار الذي يقضي بتوفير خمسين مليار يورو في النفقات العامة وعد بها رئيس الدولة مع انتهاء ولايته التي تستمر خمس سنوات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *