ملفات

قطاع الحوامض بسوس .. بين جشع كبار المنتجين وقلة الجودة

في اجتماع موسع لجمعية “لاسبام” مع الفلاحين بأولاد التايمة، تم لأول مرة توجيه سهام النقد لكبار المنتجين الذي اغرقوا السوق الخارجية بمنتوج الكليمانتين ذو جودة سيئة، مما أدى إلى فقدان المنتوج المغربي لسمعته داخل الأسواق الخارجية في ظل المنافسة الشديدة مع منتوجات دول أخرى.

وفي ظل الحديث عن الزيادة في منتوج الحوامض، وفي ظل زيادة الإنتاج وحرية التسويق وتعدد محطات التلفيف، ماذا يجري في قطاع الحوامض والبواكر، ما هي أسباب الأزمة التي تضرب قطاع تسويق البواكر والحوامض؟ هل يرجع ذلك إلى ضعف السوق الداخلية؟ أم بسبب تنافس غير شريف بين محتكري التسويق؟ أم أن البرامج الحكومية الحالية أدت إلى تأزيم وضعية الفلاحين خاصة منتجي الحوامض، دون أن تتمكن من إيجاد حلول عملية للإشكالات المرتبطة بسلسلة والإنتاج والتسويق.

يعتبر قطاع الحوامض والبواكر من أهم القطاعات الفلاحية بالمغرب، إذ تقدر الاستغلاليات والضيعات الفلاحية بـ 92 ألف هكتار موزعة، يستغلها ما يناهز 14 ألف فلاح، يساهم قطاع الحوامض في إحداث 21 مليون يوم عمل في السنة، حسب إحصائيات الوزارة الوصية.

وتتوزع الجهات الرئيسية للإنتاج بين سوس ماسة (38%)، والغرب/ اللوكوس (20 %)، وملوية (17%)، وتادلة (14%)، والحوز (6%)، وتشمل الأصناف الرئيسية للحوامض المغربية كلا من الكليمنتين (39%)، “ماروك لايت” (29%)، و”النافيل” (22%)، والبرتقال النصف موسمي (5%)، إلى جانب أنواع أخرى.

والمغرب ينتج في المتوسط 1.3 مليون طن سنويا، توجه 53 ألف طن منها نحو التصدير، وهو ما يمثل حجما معاملات يقارب 3 ملايير درهم. وحسب جمعية أصحاب محطات تلفيف الحوامض بالمغرب “أسكام”. وعرف الإنتاج ارتفاعا كبيرا إذ تجاوز في المسوم الفلاحي 2013 و2014 ميلونان ونصف المليون طن، وتجاوز كميات الحوامض المصدر 600000 طن بزيادة في مقابل ما يقارب 400,000 طن كمعدل للكميات المصدر في السنوات الخمس الأخيرة.

فماذا يجري داخل قطاع انتاج الحوامض بسوس، إذ صاحب ارتفاع الإنتاج نقصا حادا في الكيمات المصدر وانخفاض كبير لأثمان المبيعات في السوق الخاريجية والداخلية. وقد اتسم الموسم الفلاحي الحالي جد صعب بكل المقاييس، حسب المنتجين، وذلك راجع إلى عدة معطيات ميدانية تتعلق بالظروف المناخية غير الملائمة، وضعف جودة المنتوجات وعكس المتوقع، وقلة التساقطات المطرية في الموسم الفلاحي الحالي، بالإضافة مشاكل التسويق وتسرع بعض المصدرين وإغراق على الأسواق، غياب وتراجع نسب التصدير إلى بعض الأسواق الخارجية خاصة السوق الإستهلاكية الروسية.

ونظرا لأن السوق الداخلية تمتص ما يناهز 60 في المائة من منتوج الحوامض مشاكل جمة في مجال التسويق الداخلي، وبالتالي لا يتم تقييم مسارات غالبية الإنتاج، لأن يتحكم فيها القطاع الغير مهيكل، الذي يسبب في التقليل من عرض التسويق بنسبة 30 إلى 40 في المائة.

وحسب عدد من المنتجين فإن تضافر هذه المعيقات أدت إلى موسم فلاحي كارثي بسوس لم يعرف القطاع منذ 30 سنة مضت، وعزا محمد بودلال الأزمة التي يعرفها القطاع، إضافة إلى المشاكل البنيوية بسوس،” إلى تسابق محطات التلفيف إلى تصدير منتوجاتهم دون وجود خريطة طريق بين كبريات المجموعات التصديرية” وفي هذا الاتجاه فإن عملية التصدير بدأت في شتنبر الماضي، في حين أن الكليمانتين، الذي تميز هذه السنة بصغر حجمه الذي ميز الموسم الفلاحي لهذه السنة، كان لزاما أن يتم جنيه في أربعة عمليات نضجها، مما يعني أربعة عمليات اكتمال نمو هذا المنتوج. والنتيجة تصدير منتوج يفتقد للنضج والمذاق الذي تتسم بها المنتوجات المغربية، وهذا الأمر تسبب في المساس بسمعة المغرب ومنتوجاتها في الأسواق الخارجية. وأضاف بودلال، الذي يتحدث في لقاء لجمعية لاسبام، أن هذا التسابق أدى إلى فقدان السوق الروسية، الذي يعتبر اكبر سوق للمنتوج المغربي، في حين تمكن منتوج الكيلمونتين الجنوبي الإفريقي من الانقضاض على مكان المنتوج المغربي.

وبالأرقام فإن منتوجات الحوامض بسوس بلغت هذه السنة 880,000 طن بزيادة تقدر بـ 119 مقارنة مع السنة الماضية. واتسم المنتوج هذه السنة حسب بعض المنتجين كان لزاما على محطات التلفيف والمجموعات التصديري أن تضع معايير ذاتية لتحديد جودة الحوامض وخاصة الكليمونتين قبل التصدير. وحسب مصادر رسمية فإن 1300 عملية مراقبة جودة المتوجات المتوجهة نحو التصدير، إلا أن المراقبة لم تشمل مذاق المنتوجات. وأمام هذا الوضع تم الإتفاق بين مجموعة من الإدارات المعنية بالمراقبة على معايير يجب توفرها فأي منتوج تتعلق بـ 48 في المائة من العصير و8 إلى 10 في المائة من ” حلاوة” الفاكهة الواحدة، وتحريم عملية التلوين الاصطناعي.

وعلى اثر أزمة تسويق الحوامض التي بدأت تشد الخناق على معظم الفلاحين بأقاليم سوس من حيث التسويق الخارجي أو ارتفاع أثمنة الطاقة وتراكم الديون، إلى ما تفرضه وكالة الحوض المائي والمكتب الجهوي للاستتمار الفلاحي لسوس ماسة من ضرائب استغلال الماء على الفلاحين. مما سينعكس سلبا على القوى العاملة بقطاع الحوامض و التي تعد بعشرات الآلاف من اليد العاملة.

وقد أطلق عدد من الجمعيات الفلاحية استغاثات للجهات الحكومية بغية التدخل العاجل لإيجاد حل لمشكلة التسويق للخارج، وتبسيط مساطر الحصول على رخص حفر الآبار التعويضية، وإعفاء الفلاحين من الديون المتاركمة عليهم جراء تتابع ثلاث مواسم فلاحية كارثية بمنطقة سوس.

ومن جهة أخرى كان للأزمة المالية العالمية والأحداث التي تعرفها أوروبا الوقع السلبي على المتوجات المغربية من الحوامض بفعل تذبذب ونقصان العملة الروسية اتجاه العملة الأوروبية الموحدة مما أثر على رقم معاملات المصدرين المغاربة. إذ أن العملة الروسية فقدت 10 في المائة من قيمتها أمام العملة الأوروبية، وخاصة وأن السوق الروسية تمتص أزيد من 60 في المائة من الكميات المصدرة من الحوامض وبالأخص الكليمونتين.

تفيد أرقام الرسمية، أن السوق الروسي المستورد الرئيسي للحوامض المغربية، قد توصل بحصة 50 في المائة من إجمالي صادرات القطاع نحو الخارج، مقابل 15 في المائة توجهت نحو أسواق أمريكا اللاتينية، في الوقت الذي حازت فيه بلدان الإتحاد الأوروبي على حصة 30 في المائة. ويرى بعض المراقبين لظرفية القطاع، أن إكراهات الأزمة الاقتصادية العالمية وإن تسببت بشكل واضح في تراجع مستوي الطلب الخارجي على منتوجات الحوامض المغربية فقد كشفت، عن واقع الضعف الذي لازال يلازم المنتجين والمصدرين على مستوى تنويع الأسواق واكتشاف وجهات جديدة لتصريف المنتوج، وخاصة منها تلك التي لم تتأثر اقتصادياتها من تداعيات الأزمة من قبيل بلدان الخليج وآسيا. هذا في الوقت الذي يعاني فيه قطاع تصدير الحوامض إلى أسواق أوروبا وأمريكا اللاتينية من منافسة حادة من لدن بعض البلدان كإسبانيا ومصر، وهو ما بات يفرض على القطاع، ضرورة اعتماد إستراتيجية جديدة ترتكز بالأساس على رفع جودة المنتوج وتنويع الزبناء الخارجيين في ظرفية تتسم بعجز الميزان التجاري المغربي.

في مقابل دول كمصر وتركيا، فإن المغرب تقلصت فترة تصديره للمنتوجات الفلاحية ومنها الحوامض، إذ أن حضوره في الأسواق التقليدية الروسية والأوروبية، تقلص من تسعة أشهر إلى ستة أشهر بفعل المتافسة القوية، ونتيجة ذلك أن 85 في المائة من منتوجات البواكر والحوامض أصبحت توجه للسوق الداخلية غير المهيكل. مما أثر على أيام عمل محطات التلفيف وعلى الاستثمارات المالية في هذا المجال.

ومن جهة أخرى، أكدت مصادر مطلعة أن المنتوجات المصرية مثلا تلقى إقبالا كبيرا لدى المستهلك الأوروبي نظرا لجودتها وأثمان تحفيزية لا تتعدى في غالب الأحيان 2 درهم للكيلو غرام الواحد، في حين نجد آن ثمن المنتوج المحلي المغربي يتعدى 5 درهم للكيلوغرام.

 قطاع إنتاج الحوامض والبواكر: وضع متأزم ومشاكل في الأفق

أثناء الاجتماع الأخير لجمعية “لاسبام” أثار لحسن بولكيد رئيس فرع سوس قضية تتعلق باعتزام البرلمان الأوروبي فرض شروط جبائية وجمركية على المنتوجات الفلاحية المغربية، عكس ما تنص عليه اتفاقية التبادل الحر. فالعراقيل التي يتهيأ الاتحاد الأوروبي لوضعها في وجه المغرب من خلال سن تدابير حمائية جمركية، بالإضافة إلى تطورات أخرى عرفها القطاع هذه السنة تتعلق بفرض الضريبة على القطاع، والاحتقان الاجتماعي الذي عرفته المنطقة.

وأمام التأثير السلبي للإجراءات الجمركية التي تعتزم أوروبا فرضها على المغرب، طالب مجموعة من الفاعلين في القطاع الفلاحي بالتدخل الملكي لحل المشكل، اعتبارا على تجربة سابقة كان تدخل الملك إيجابيا لصالح الفلاح والمنتج المغربي، فالمغرب يتمتع بوزن سياسي، يجعله قادرا على إعادة الأمور إلى نصابها.

وأشارت مصادر عليمة أن الخلاف المغرب مع السوق الأوروبية، يتمحور حول كيفية احتساب التعشير على المتوجات الفلاحية المغربية، إذ تستند كيفية التعشير على ثلاث طريق؛ الأولى متفق عليها مع أوروبا والثانية تنظمها المنظمة الدولية للتجارة، وهناك اتفاقية الشراكة الأخيرة التي تعطي المرونة للفلاح المغربي. وحسب ما رشح من الإجراءات الجديدة، سيعمد الإتحاد الأوروبي على طريقة واحدة مثقلة بالرسوم مما سيؤدي إلى عرقلة عملية التصدير اتجاه أوروبا وبالتالي إيقاف الفلاح المغربي لإنتاج المتوجات الفلاحية الوجهة للتصدير. هذه المستجدات تأتي في ظل استمرار الخلاف بين حكومة بكيران والتمثيليات المهنية للفلاحين فيما يخص عدة نقط تتعلق بالدعم وفرض الضريبة والمشاكل الشغلية.

فالضريبة في القطاع الفلاحي، حسب القانون المالي، تفرض الفلاح تقديم فاتورات المصاريف، في حين اقترحت الهيئات المهنية الفلاحية اعتماد نظام “الفورفي” في احتساب الضريبة المفروضة على كل منتج، وهذا أمر صعب التطبيق، خاصة وأن الفلاح يتعامل مع قطاعات غير مهيكلة لا تتوفر على أي شروط استصدار الفاتورات في كل عملية مالية.

وتنضاف هذه المشاكل المهيكلة إلى صعوبة تنزيل مضامين مدونة الشغل التي ظلت عالقة في المجال الفلاحي، بعد أن تم استصداره دون أن تلائم متطلبات سوق الشغل بهذا القطاع.

وحسب إيفادات استقاتها “مشاهد” من عدة فلاحين علقوا على مدونة الشغل بالقول إن “العامل الزراعي غير مستقر وأن مدونة الشغل لم تراع هذا المعطى، إذ أيام العمل بهذا القطاع تحدد بفترة الإنتاج والجني”، فمثالا موسم إنتاج وجني الطماطم محدود جدا. فمدونة الشغل لم تراع موسمية دورة الإنتاج. مما أدى إلى احتقان اجتماعي خاصة باشتوكة أيت باها، وبسبب ذلك تم توقف 240 ضيعة عن العمل بسوس، بعد ضياع منتوجها بسبب الإضرابات المتكررة.

من جهة أخرى يعرف القطاع الفلاحي مشاكل بنيوية تتعلق بندرة الماء، إذ تعاني المنطقة خلال هذه السنة من نقص حاد في الموارد المائية، فالتساقطات لم تتجاوز 50 ملم في جل مناطق سوس، وتم تسجيل تراجع خطير في حقينة السدود. فحقينة سد يوسف بن تاشفين لم تتجاوز 37 في المائة، وسد إيسن لم تتجاوز 40 في المائة من طاقته الإستيعابية، ونفس الأمر بالنسبة لسد أولوز الذي يسقي منطقة الكردان، التي يعيش فلاحوها مشاكل من نوع آخر تتعلق بغلاء تسعيرة مياه السقي التي تفرضها ضركة أمانسوس، وتراكم الديون تجاه المكتب الوطني للكهرباء، مما أدى إلى قطع التيار الكهربائي عن عدة ضيعات.

المجموعة التصديرية الفلاحية وراء الأزمة التي يعرفها قطاع تسويق الحوامض بسوس

يعيش القطاع الفلاحي بسوس هذه السنة وضعا كارثيا بسبب تفاقم أزمة إنتاج الحوامض والبواكر بسوس، باعتبارها منطقة تنتج أزيد من 40 في المائة من الإنتاج الوطني، حيث أن الموسم الفلاحي الماضي اتسم بوضع صعب بالنسبة للمنتجين لأسباب بنيوية تتعلق بالتساقطات المطرية والتقلبات المناخية. أما هذه السنة يتم الارتكاز في تحليل هذا الوضع الكارثي لعوامل لأول مرة تلتصق بإنتاج الحوامض والبواكر بسوس، أهمها حسب المنتجين والفاعلين في الميدان، أراء استقتها “مشاهد”، إلى ضعف الجودة وتأثيرات التلوين الاصطناعي وفقدان المنتوج للمذاق الذي يميزه. بالإضافة إلى المنافسة الخارجية، وفقدان الأسواق التقليدية. وخلال الاجتماعات المتعددة التي نظمتها الجمعيات المهنية الفلاحية طالب الفلاحون الفلاحين بلقاء الملك وعرض مشاكل الفلاحين عليه في ظل تنكر الحكومة لمطالب الفلاحين. وهذا القول هو إشارة قوية للوضع الكارثي الذي بات يهدد أهم قطاع حيوي بالبلاد.

وأدى الوضع الحالي إلى تأزم وضعية الفلاحين الصغار أو الكبار وأصبح قاسمها المشترك تركم ديون وكساد المنتوج وغياب الدعم وصعوبة الولوج للاقتراض البنكي، مما أدخل منتجو الحوامض والبواكر بسوس خلال موسمين فلاحيين متتاليين إلى أزمة مالية خانقة سببها تدهور حاد لأثمان منتوجاتهم الفلاحية وخاصة المتعلقة منها بأنواع الكليمونتين، إذ سجلت الأثمان انخفاضا خطيرا إذ لم يتجاوز الثمن هذه السنة إجمالا مبلغ 50 فرنكا للكيلو الواحد بالمقابل نجده في السنوات الماضية مابين 3 دراهم و5 دراهم للكيلو الواحد.

الفلاحون والمنتجون استغلوا الدعم الذي يقدمه برنامج مخطط المغرب الأخضر، وتهافتوا على اقتناء الأغراس مما أدى إلى تضاعف المساحات المغروسة ومعها الإنتاج، الذي وصل هذه السنة أزيد من 2.2 مليون طن بنسبة زيادة تتراوح 50 في المائة.

ورغم صعوبة إيجاد تحاليل متناسقة بين الفاعلين في الميدان من منتجين وفلاحين وأصحاب محطات التلفيف ومنتجي الأغراس في شرح أسباب الأزمة التي المت بقطاع إنتاج الحوامض بسوس، يؤكد يوسف جبهة رئيس التعاونية الفلاحية الزاوية بسبت الكردان أن “المنتوج اتسم هذه السنة بحجم ضعيف، بينما السوق العالمي يطلب الأحجام الكبرى، وقد توقع المنتجون المغاربة أن يتم توجيه 800 ألف طن نحو الاسواق الخارجية، فعجلوا بالخروج إلى الأسواق قبيل الموعد بحوالي 15 يوما إلى 20 يوما، بدأ تصدير الكلمونتين مند العاشر من شهر شتنبر، وخرجت ألف طن على مستوى المغرب وطرح عندها مشكل الذوق الذي لم يكن في المستوى المطلوب”.

هذا التصريح يظهر بالملموس تضارب مصالح الفاعلين فيىالقطاع وعدم وجود آليات للتنسيق بين المنتجين وأصحاب محطات التلفيف والمجموعات المصدرة في كيفية تسويق منتوج الحوامض إلى الأسواق الخارجية، من حيث التوقيت والجودة وحجم المنتوج وحظر التلوين الإصطناعي الذي يخالف المعايير المعتمد في الأسواق الخارجية.

وفي تحليله لواقع السوق أضاف الجبهة أنه “خلال شهري نونبر ودجنبر تم جني من كمية كبيرة من الكليمونتين وصلت 100 ألف طن، وهذا راجع إلى عدم التنسيق بين الفاعلين، فتم إغراق السوق الروسي الذي لا يحتمل كل هذه الكمية. فهذا الأمر علق عليه أحد الفلاحين بالقول أن السوق الروسية تمتص 60 في المائة من المنتوج إلا أن جشع البعض أدى انهيار هذا السوق بسبب تهافت المنتجين وتسرعهم في دخول السوق الروسية.

ومن مشاكل هذه السنة أيضا أن الفلاحين منتوج لم تراعوا معايير الجودة المطلوبة من قبل المستهلك الأوروبي، فاصدم الإنتاج الوطني بمنتوج بجودة ومذاق عاليين مستقدم من مصر وجنوب أفريقيا. هذا وأمام ضعف جوة نوع “الكليمونتين” والأزمة المالية التي تضرب أوروبا، باعتبارها سوقا تقليدية للمنتوجات المغربية، تسبب الأمر في خسائر مالية كبرى للفلاحين والمنتجين الكبار منهم والمتوسطين.

وأكد أغلب المهنيين، في تصريح لـ “مشاهد” في لقاء “لاسبام” بأولاد التايمة، أن بعض المجموعات التصديرية بسوس سجلت عجزا ماليا كبيرا، لم تعرفه منذ سنوات، بل اعتبرها بعض الفلاحين هي أصل المشكل من خلال بحثها عن الربح السريع، إذ يعرف المجال التصديري منافسة بين هذه المجموعات في ظل غياب جهة تنسق بين هذه المجموعات التي يستحوذ على تدبيرها كبار الفلاحين.

وفي هذا الإطار، كشف أحمد الضراب الكاتب العام لجمعية منتجي ومصدري الحوامض بالمغرب (لاسبام)، خلال لقاء أولاد تايمة أن القطاع يعرف أزمة خطيرة ستعصف بكل مجهودات مخطط المغرب الأخطر، مضيفا أن إقدام بعض المصدرين على اعتماد التلوين الصناعي ودخولهم السوق الأوروبية في وقت مبكر دون توفر الجودة المطلوبة جعل المستهلك الأوروبي يحجم عن المنتوج المغربي وهو ما خلق كسادا.

وأكد في ذات اللقاء “أن السبب في الأزمة الحالية يرجع إلى عدم التنسيق بين المجموعات التصديرية وضعف المراقبة لدى الجهات المختصة، مشيرا أن الجمعية “لاسبام” اتخذت إجراءات فورية من قبيل تشكيل خلية تدبير الأزمة، واتخاذ تدابير استعجالية تتعلق بوقف جني الحوامض وتوقيف التلوين الصناعي، وتحديد الكمية الموجه للتصدير وخاصة السوق الروسية التي تستقبل 60 في المائة من الحوامض”.

وطالب في ختام مداخلته في اجتماع “لاسبام” بأولاد التايمة بضرورة اتخاذ مكتب المراقبة إجراءات حازمة في ما يخص توفر الجودة في المنتوج الموجه للتصدير. وفي نفس الاتجاه أكد رئيس إحدى محطات التلفيف بتارودانت لـ”مشاهد”، تحفظ عن ذكر اسمه، أن استعمال الأفرنة أفقدت الحوامض الذوق، حيث يتم إدخال الحوامض للأفرنة مما يقلل من جودة المنتوج، وأفقد المنتوج المعايير المفروضة في الأسواق الخارجية ككندا وأوروبا. وأشار فلاح آخر أن العائدات المالية للحوامض المغربية لم تستخلص بعد من المستوردين الروس، رغم قلتها.

ومن جهة أخرى، حمل برنامج مخطط المغرب الأخضر هدف مضاعفة الإنتاج من مليون إلى 3 ملايين طن، ومضاعفة التصدير من 500 ألف طن إلى مليون و300 ألف طن.

والملفت للانتباه أن هذه الأهداف تم تسطيرها إلى غاية 2018، إلا أنه بالنسبة لمنطقة سوس تم الوصول إلى هذه الأهداف خلال الموسم الفلاحي 2013 – 2014، ورغم الطفرة المسجلة في كميات الإنتاج تم تسجيل نقط سوداء في المخطط تتعلق بغياب تقنيين وعمال مؤهلين، وغياب معامل التخزين، واللوجيستيك، وغياب معامل التبريد، فمعامل التخزين الموجودة بميناء أكادير لا يتحمل كمية المنتوج المرشح للتخزين، خصوصا مع تدفق المنتوج في وقت واحد، وضرورة انتظار. وهذا الأمر في تكريس غياب التنظيمات التي جاء بها المغرب الأخضر عن تأطير الفلاحين ومواكبة المجموعات التصديرية.

ومن ناحية ثانية لم تدعم الدولة الصناعة الفلاحية التحويلية مما قد يساهم في امتصاص المنتوج المتزايد للحوامض، في ظل الخصاص الذي يعرفه السوق الداخلي في منتوجات كالعصير والمربى، وهذه المنتوجات يتم استيرادها من دول منافسة للمغرب في مجال إنتاج الحوامض.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *