آراء

لـكل وفاء شرفْ

الوفاء والشرف خليط من الروايات تحوم وسط هذا المستنقع المشؤوم، طحالب سوداء اللون، قليل من الأزهار المختنقة، ماء عكر، نقيق ضفادع، وفحيح حية تبحث عن فريستها في عمق الليل الحالك، ولا نرى سوى فتاة مبتسمة تمضي قدما وتستنشق القليل من الهواء من خلف غرفة مظلمة.

كزنبق الياقوت مضت شرف تبحث عن عطرها المفقود بين روائح المؤامرة، ثم حبست أنفاسها قليلا، وتوقف نبض الحكاية بين سجّان ومعتقلة.

صرخت تحكي قصة عشقها للوطن، بعثرت ثيابها، وانهارت باكية لعيون الفقراء، وحين لم تقلّم أظافرها الثائرة، ولم تمزق كتبها القديمة، اتهمها الوكيل بالجنون.

لما جلست في غرفة التحقيق حول وشايتها الكاذبة، تنهدت بعمق وضلت تبرر وفاءها وشرفها للأخرين، فلم يصدقها أحد من المحققين، لم يصدّقوا أن مجهولين اختطفوا أنوثتها في وضح النهار وألقوا بظل امرأة على الرصيف.

أيها القدر نسألك أن تعيد ترتيب قصصنا المؤلمة، كنا ننتظرك بشغف، ننتظر أن تثأر من الخاطفين، فإذا بك تضيف إلى سجلنا معتقلة.

فلا تخافي يا صغيرة.. إن الجنون أعلى درجات الوفاء وسجنك من ميزات الشرف، فنامي بعمق وبين يديك قطعة قصيدة لمحمود درويش :

”حُر أَنا قرب حريتي. وغدي في يدي.

سوف أَدخُلُ عمَّا قليلٍ حياتي،

وأولَدُ حُرّاً بلا أَبَوَيْن،

وأختارُ لاسمي حروفاً من اللازوردْ…”

لكل وفاء شرف يا سادة، ولم تكن وحدها المجنونة في نظرهم، أسامة حسن أيضا، والكثير من من لهم قصص معتقلة في قفص، فماذا تتوقعون من ظل محكمة؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *