مجتمع

“فولار” نبيلة .. هل هو مادة دعائية لإسلام حكومة بنكيران؟

مقال رأي:

من حق المغاربة أن يثيروا ضجة حول حجاب زوجة رئيس الحكومة، نبيلة بن كيران، التي ظهرت به في البيت الأبيض الأمريكي، رغم أن أصحاب هذه الإثارة، يحاولون اختصارها على رأي ثنائية “حداثي / إسلامي”، كتوجهات إيديولوجية لتوهيم الرأي العام المغربي، بنقاش لايسمن ولا يعني من جوع، بعيدا عن مضامين الزيارة ونتائجها.

وفي هذا الإطار حاول الناشطون إلاسلاميون الدفاع عن حجاب زوجة رئيس الحكومة، من منطلق المرجعية الدينية للحزب الحاكم باعتبارها مرجعية الدولة المغربية، مما يعني، أن الحزب لا ينفرد بهذه المرجعية، ولا يمكن اعتبارها مصدرا للتطرف الديني. ولكن تعطيه المشروعية للإعلان عن دفاعه عن الإسلام، فغطاء الرأس عند زوجة رئيس الحكومة، والذي يهم أنصار السيدة بن كيران، فهو لايشبه حجاب نساء “دعيش” مثلا.

فهو غطاء الرأس “الفولار” نسبة إلى الحجاب بالخصوصية الفرنسية، التي ارتبطت بعائلات فاسية مثل عائلة بن كيران، وعائلة بناني، وعائلة الفاسي، ومنهم عقيلة الوزير عباس الفاسي، أم البنين الفاسي، حيث قادت في حكومة زوجها وفدا نسائيا إلى الكويت بمناسبة احتفالاتها بالذكرى الثالثة لتولي الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح مقاليد الحكم.

كلنا نتذكر كيف أن مثل هذه الزيارات لنساء الفاسيات بدون حجاب “الفولار” إلى الكويت ، تسببت هي الأخرى في ضجة كادت أن تعصف بالعلاقات الكويتية المغربية، حينما أساء المسلسل الكرتوني “بو قتادة وبو نبيل”، إلى المغاربة، واعتبرت حكومة عباس الفاسي آنذاك أن ما عرضته الفضائية الكويتية غريب ومدان ومستهجن، ويسيء إلى المغرب، وإلى المرأة المغربية على وجه الخصوص.

وتحت ضغط موجة الغضب والسخط التي عمت الشارع المغربي وأشعلت حربا على الإنترنت وتحديدا في صفحات “فيس بوك”، اضطرت وزارة الخارجية الكويتية للتعبير عن أسفها الشديد لما تضمنه برنامج لإحدى القنوات الكويتية الفضائية الخاصة من إساءات للمغرب.

حكاية لباس الزوجات المسؤولين المغاربة، سجال خاطئ، لأنه يختصر النقاش في أحادية الفكر، فسواء كان حجابا أو “فولارا”، فهو جزء من الثقافة المغربية وليس جميعها، فهناك أنواع أخرى مثل “القطيب”، و”الزيف” و”تغزوزت” بمرجعية المغاربة، كما أن طريقة الألبسة تختلف من منطقة إلى أخرى، وهي كناية عن التعدد والتعايش الذي كان سائدا في المغرب، ويوازيه عند الرجال أيضا رمز العمامة.

فضجة جلابة وحجاب زوجة رئيس الحكومة، علينا أن نناقشها من باب أعراف الديبلوماسية، والبرتكولات، مراعاة للخصوصية المغربية، وهناك من “العلمانيين” من انتقد حجاب نبيلة بن كيران، اعتمادا على مقارنة مع زوجة الرئيس التركي، رغم أن الفارق واضح بين إسلام الأتراك وإسلام العرب الذي هو المرجعية الدينية للحزب الحاكم بالمغرب.

السجال حول الموضوع سياسيا وأنتربولوجيا وسوسيولوجيا مفيد رغم كل شيء، وهو جزء من النقاش العمومي حول سبل إبراز خصوصياتنا المغربية العريقة حتى تنسجم مع ضرورات العصر ومنطقه.

في كتاب «النساء السياسيات في المغرب»، بعضا من أوراقه المثيرة، حيث اعتمد على كتب ومخطوطات ونفائس تختزنها مكاتب الجامعات المغربية، وتؤكد أن ثمة نساء حكمن بالأمس المغرب، وهذا حال الملكة تيهيا، وزينب النفزاوية، أو سلطانات حكمن عبر أزواجهن أو لعبن دور مستشارات أو عالمات أو قائدات … هذا الكتاب، ينفض الغبار عن نساء تناساهن التاريخ الرسمي.

فبعيدا عن لغة “الحجاب” و”الفولار”، والأحزمة الذهبية المرصعة بالأحجار الكريمة لزوجات الملوك ورؤساء الدول أو مستشارات السلاطين أو السلطانات النادرات، جرت العادة على أن تركز الاستيهامات والتمثلات على جمال النساء، وتسلط الضوء على زينتهن والأقراط والعقود المرصعة بحبات اللؤلؤ التي تزين أعناقهن، لكن ثمة ذكاء ودهاء سياسيين تميزت به بعض النساء، لا يقل عن الذكاء والدهاء السياسي للملوك والأمراء والحاكمين عموما.

لائحة أسماء النساء التي وردت في الكتاب طويلة. فثمة أكثر من قصة وأزيد من رواية عن زوجة يوسف بن تاشفين، فالخصوصية المغربية، كان بالأحرى أن تتحول في البروتوكولات إلى مادة دعائية للمغرب، وجزء من منتوجه السياحي الذي يقبل عليه زوار العالم باعتباره تاريخا حيا من زمن مضى.

فهل “فولار” زوجة رئيس الحكومة مادة دعائية لإسلام حكومة بن كيران؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *