ملفات

مغاربة أوربا .. القوانين “تفسد” أجواء ذبح أضحية العيد

في مواكبتها لاحتفالات المغاربة المقيمين بالخارج بعيد الأضحى المبارك، تحط “مشاهد.أنفو” الرحال بالديار الأوربية لتنقل جزء من طقوس الإحتفال بالعيد بكل من المانيا وفرنسا، ويبقى القاسم المشترك بين هذه الدول هو القانون الذي يجرم الذبح في المنزل ويعرض صاحبه لغرامة مالية مجحفة قد تنسيه فرحة العيد.

جمعيات المساجد ودور “الوسيط”

عبد الرحيم المناري واحد من أبناء الجالية المغربية ينحدر من مدينة آيت ملول، التحق بفرنسا منذ 1999 واختار مدينة “ترومبلي” التي تبعد بحوالي 70 كلم عن باريس الفرنسية مقرا لسكناه  يحكي لنا الطريقة التي يحتفل بها بعيد الأضحى قائلا: “لدينا مسجد كبير هنا في ترومبلي، ومنذ سنوات ونحن نثق في الجمعية التي تلعب دور الوسيط في إقتناء الأضحيات، نتقدم ونسجل أسماءنا لديها، وهي تتكفل بزيارة الضيعات المجاورة، لتقتني خرفانا تتراوح أثمنتها مابين 150 و250 يورو أي مايعادل 1800 و2700 درهم بعملة المغرب”.

ويضيف: “تتكلف الجمعية يوم العيد بتنظيم عملية الذبح في المجزرة الإسلامية ويكون ذلك بحضور الإمام الذي ينوب عن الجميع، وصبيحة العيد نتوجه إلى القاعة المغطاة التي تتواجد بمقربة من المسجد وهي تتسع لأزيد من 3000 مصلي وقد يستغل المصلون المسجد وبعضا من جنباته”.

ويسترسل المتحدث: “قبل الخطبة يحضر عمدة المدينة الذي يقدم تهانيه للجالية المسلمة بما فيها المغربية المقيمة بهذه المدينة الهادئة، وهي كلمة تكون مقتضبة ولكن تحمل دلالات كبيرة حول التسامح بين الأديان، ويعمل عمدة المدينة على توفير كل إمكانيات البلدية ويمنح المسلمين في ذلك اليوم موقفا خاصا بالسيارات بالمجان لتسهيل عملية تدفق المصلين الذين يلجون مسجد المدينة بسياراتهم”.

“بعد الانتهاء من الصلاة نتبادل التهاني والتبريكات ويعود كل واحد منا رفقة أهله إلى المنزل ويبدأ مسلسل انتظار الأضحية التي قد لا تصل إلا في اليوم الموالي، بحيث تخضع الخرفان للمراقبة الطبية والبيطرية، وتوضع عليها علامة قبل الذبح وبعده، وبعد الانتهاء من عملية السلخ تتولى الجميعة توزيع الأضحيات في المنازل”، يشرح المناري.

وفي الديار الألمانية يوجد شاب ينحدر من مدينة القليعة منذ مدة وبالضبط بمدينة “مابن”، يدعى “الرضى المهدي” يحكي هو الآخر الطريقة التي يحتفلون بها بعيد الأضحى في هذه المدينة التي توجد على الحدود الهولندية الألمانية وتبلغ ساكنتها 34 ألف نسمة.

مسلمون يؤدون صلاة العيد بأوروبا

يقول الرضى “نحضر إلى المسجد ونسجل أسماءنا لدى الجمعية المكلفة بالأضاحي، هنا توجد جالية مسلمة مهمة من المغاربة والجزائريين والأتراك والبوسنيين والافارقة، نجتمع يوم العيد في هذا المسجد الذي كان في الأصل ناديا ليليا وتكفل محسن من الكويت باقتنائه وإعادة بنائه”.

ويضيف: “بعد الصلاة نقتسم لحظات الفرح بالعيد نتناول الحلوى والحليب الذي يتكفل المحسنون بإحضاره إلى المسجد، بعدها تصل لحظة الافتراق ويذهب كل منا إلى حال سبيله، وما ميز عيد هذه السنة بألمانيا تزامنه مع عيد أكتوبر الجمعة المنصرم والذي تمنحه الدولة عيدا رسميا لينضاف إليه السبت والأحد وهناك بعض المغاربة الذين مددوا عطلهم ليومين إضافيين للاستمتاع بطقوس العيد”.

طرق غير قانونية لأضحية بثمن أقل

يتبع العديد من المغاربة خصوصا والعرب عموما طرقا عديدة للتهرب من أداء مبالغ تتراوح مابين 150 و300 يورو للخروف، وبالتالي يلجؤون إلى بعض الضيعات الفلاحية المنتشرة في الضواحي بحيث توفر خرفانا بثمن لا يتجاوز 80 يورو بشرط أن يقوم المشتري بعملية الذبح والسلخ بنفسه، وهي الطريقة التي ينهجها العديد من المغاربة سواء بألمانيا أو فرنسا وغيرها من الدول الاوربية.

ولكن مع مرور الوقت فطنت الدولة ومعها الجمعيات التي تدافع عن حقوق الحيوان لهذه الحيلة، وبدأت تراقب الضيعات الفلاحية التي تقدم مثل تلك الخدمات، كما أن هناك من يستغل تواجده في الضواحي وفي منازل مستقلة فيقوم باقتناء أضحيته حية، ويستغل الحمام أو المرحاض أو مكانا منعزلا في الحديقة المنزلية للذبح، غير أن المتواجدين في العمارات والمركبات السكنية فالأمر لديهم يبدو أشبه بالمستحيل وبعيد المنال في ظل ما يقوم به الجيران من مراقبة دائمة تمتد إلى إعلام الأمن الذي لا يتردد في الحضور في أية لحظة.

غرامة مالية لكل من أراد اتباع سنة “إبراهيم” في بلاد “عيسى”

يشرح عبد الرحيم “بعض الأهالي يفضلون نحر أضاحيهم بأيديهم فيستغلون بعض مرافق المنزل المستترة كالحمام والمرحاض، ويتخذون كافة الاحتياطات بحيث يدخلون الاضحية ليلا ويحاولون أن لا يصدر عنها ضجيج لكون الأوربيين لا يتساهلون في مثل هذه الأمور، بحيث إذا تبث أن شخصا يربي حيوانا غير مرخص له فإنه يتعرض للمساءلة القانونية مع مصادرة الحيوان الذي تم ضبطه”.

وبخصوص ضبط المهاجر وهو ينحر أضحيته فذلك شأن آخر بحيث أن غرامة مالية قدرها 2500 يورو في انتظاره مع مصادرة الأضحية، وتقوم فرق المراقبة بالقيام بدوريات يوم عيد الأضحى، ويتوخى كافة المتواجدين بالديار الأوربية الحذر في استعمال الدخان الذي يعتبر هو الآخر في حد ذاته مشكلا لكون بعض العمارات السكنية مصممة ومزودة بآليات اكتشاف الدخان ومن تم إطلاق صفارات الإنذار.

مسلم يختار أضحية العديد بأحد مزارع أوروبا

“القديد والكرداس وبولفاف” على موائد المهاجرين

أكد كل من عبد الرحيم والرضى على أن أسرهم تقوم بكل الطقوس التي يعيشها المغاربة طيلة أيام العيد، بحيث يتم تهييء أكلة “بولفاف” وبعدها تهييئ اللحم وتقديده وتمليحه استعدادا لنشره. غير أن غياب الشمس في الديار الأوربية يظل مشكلا يؤرق المهاجرين، إذ أن لذة القديد لاترق إلى مستوى مذاق الذي يتم تهييئه في المغرب.

وبالرغم من ذلك فأغلب الزوجات توصي عائلاتها بالمغرب بترك حصة لهن إلى حين قدومهن أوقات العطل الصيفية، كما تحاول الأسر المغربية المقيمة بالمهجر تنظيم زيارات عائلية وإقتسام لحظات الفرح، خاصة وأن عدد المغاربة جد مهم بهذه الديار، وهو الأمر الذي يرفه عنهم، فيما تحظى الاتصالات الهاتفية كذلك بالحصة الكبيرة في ليالي العيد وخاصة في ظل ما توفره وسائل التكنولوجيا الحديثة من امكانية إستخدام خاصية المكالمات المجانية.

كما أن العائلات تقوم بتهييء كل مايلزم من مواد وتوابل خاصة بالعيد باقتنائها قبل ذهابهم إلى المهجر، بحيث يؤكد عبد الرحيم أنه اقتنى جزءً من مستلزمات العيد وخاصة “المروزية” والبرقوق والمشمش المعسل والانانس المجفف والجوز بانزكان قبل مغادرته المغرب أواخر شهر غشت، كما أن العائلة استغلت وقتها لزيارة شارع “بربيس” بباريس وهو السوق الذي يوفر السلع المغربية وبالوفرة والجودة المطلوبة.

وتعد حالة عبد الرحيم والرضى نموذجا لكيفية قضاء أغلب المهجارين المغاربة بأوروبا أجواء العيد بعديا عن الوطن الأم، حيث يحاولون التوفيق بين واجباتهم المهنية والسنة النبوية،فيما صنف آخر يفضل أن يستغل هذه الفترة للعودة إلى بلده المغرب، ويتمتع بالعيد بين أسرته بعيدا عن المراقبة والغرامات المرتقبة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *