الشريط الأحمر | متابعات

مع اقتراب الانتخابات .. إخوان بنكيران يعيدون طرح محاربة الفساد

رغم كل الانتقادات الموجّهة إليه، يبدو رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران واثقًا من الفوز في هذه الانتخابات. وقد قال لأعضاء حزبه في اجتماع داخلي هيئوا أنفسكم لأنكم ستفوزون بالانتخابات، ولن يهزمنا البلطجية، ولا سارقو المال العام.

تبنى حزب العدالة والتنمية الإسلامي، الذي فاز للمرة الأولى في الانتخابات التشريعية التي جرت في 2011 محاربة الفساد والاستبداد، وهو شعار تردد في كل مسيرات حركة 20 فبراير الاحتجاجية في خضم الربيع العربي التي عجلت بتعديل الدستور. وبعد ثلاث سنوات من وجود الإسلاميين في السلطة، استعصى على الحكومة اقتحام قلعة الفساد باعتراف رئيسها عبد الإله ابن كيران.

أدوار مقلوبة

وقد أقرّ في جلسته الشهرية أمام البرلمان مؤخرا بأن الحكومة لم تستطع محاربة الفساد الإداري بالشكل الذي يريده المغاربة (…) الفساد يحاربني، ولست من يحاربه.

وللمرة الأولى منذ تشكيلها، ناقشت الحكومة مشروعًا أوليًا لـلاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد بدون الإعلان عن تفاصيلها، في خطوة جاءت مع اقتراب انتخابات محلية يفترض أن تجري في يونيو 2015، وتشكل أكبر امتحان انتخابي للإسلاميين منذ توليهم قيادة التحالف.

وقالت رئاسة الحكومة في بيان إن هذا الفساد يكلف المغرب 2% من إجمالي الناتج الوطني، الذي قدر بنحو 104.5 مليار دولار في 2013.

تزامن نشر هذه الأرقام مع اعتقال عشرة دركيين، صورهم مواطن يتسلمون رشاوى، وتوقيف 15 شرطيًا بالتهمة نفسها حسب الصحافة المغربية.

إلا أن هذه الملفات الخاصة لم تفتحها الحكومة، بل فجّرتها تسجيلات فيديو صورتها كاميرات المواطنين، وكان آخرها فيديو نشره سائح إسباني لشرطيين يتسلمان رشوة، فحكما بعدها بستة أشهر سجنًا.

وتمتد مظاهر الفساد إلى جهاز القضاء، حيث اعتقل قبل أسبوعين قاض في مراكش متلبسًا برشوة قاربت ثمانية آلاف يورو، بينما لم تدخل مشاريع القوانين الخاصة بإصلاح القضاء حيز التنفيذ بعد.

شفافية مفقودة

يطال الأمر أيضًا غياب الشفافية في استغلال مقالع الرمال والأملاك العامة للدولة ومنح رخص النقل العمومي والصيد في أعالي البحار والرشوة داخل الإدارة، وكلها مجالات وعد الإسلاميون بحل مشاكل الفساد فيها.

وأكد مصطفى الخلفي الناطق الرسمي باسم الحكومة مرارًا أن مؤشرات محاربة الفساد واضحة (…) يعكسها ربح المغرب 11 نقطة في ترتيب مؤشر منظمة الشفافية الدولية لعام 2014. وقد تقدم إلى المرتبة 80 بين 175 دولة، بعدما كان في المرتبة 91 من بين 177 في 2013.

وتؤكد الحكومة أيضًا أن إجراءات العفو الضريبي، التي اتخذت في قانون موازنة 2014، سمحت بتحقيق نجاح غير مسبوق باسترداد أكثر من 27.8 مليار درهم (2.5 مليار يورو) من الأموال المهربة خارج المغرب في ظرف سنة واحدة. لكن عبد الصمد صادوق رئيس منظمة الشفافية الدولية (ترانسبرنسي أنترناشيونال) في المغرب يعتبر أن حصيلة ثلاث سنوات من عمر الحكومة أقل من متواضعة.

جهود متواضعة

وقال بغضّ النظر عن ركوب العدالة والتنمية على الموضوع خلال الانتخابات، يكفي النظر إلى البرامج الحكومية في المجال، لنكتشف أن الجهد المبذول متواضع جدًا.

وتحدث عن مؤشرات لضعف الإرادة القوية لمحاربة الفساد (…) مع بداية التراجع عن الوعود الانتخابية (…) عندما أطلق ابن كيران جملته الشهيرة عفا الله عما سلف. وأضاف إن هذا الأمر أكده التعامل المتحفظ مع موضوع العلاوات.

وفي قضية العلاوات هذه، يلاحق مهندسان مغربيان منذ نحو سنتين بتهمة تسريب وثائق كشفت قيام وزير المالية حينذاك صلاح الدين مزوار (وزير الخارجية الحالي) ونور الدين بنسودة مدير الخزينة العامة للمملكة بتوقيع وثائق لبعضهما، تمكنهما من تلقي علاوات، تراوحت بين تسعة وعشرة آلاف يورو شهريًا.

ومزوار هو رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، الحليف الرئيس للعدالة والتنمية في الحكومة، بعد انسحاب حزب الاستقلال منها قبل أكثر من سنة.

وقال رئيس منظمة الشفافية الدولية إن المشكلة الأساسية تتمثل في غياب الإرادة السياسية، والدليل هو الإصلاحات بجرعات صغيرة متباعدة في الزمن. أضاف إن المقلق أكثر هو إرادة التراجع عن المكتسبات المؤسساتية، وهو ما يعكسه محتوى مشاريع القوانين الخاصة بالوصول إلى المعلومة، وهيئة محاربة الرشوة.

أحكام صورية

وفي ملف أسبوعي نشرته أخيرًا، وصفت صحيفة الصباح اليومية عملية محاربة الفساد بأنها محاكمات خاضعة للظرفية السياسية، مشيرة إلى أن 231 مليار درهم لم تسترجع رغم صدور أحكام نهائية بشأنها. وأضافت إن ذلك يعطي انطباعًا بأنها أحكام صورية. ويبدو هذا الواقع أكثر تعقيدًا من إرادة الحكومة، لأنه إرث 60 عامًا بعد استقلال المغرب.

وقال عبد السلام بودرار رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة التي أحدثها دستور 2011، وصادقت الحكومة أخيرًا على قانونها التنظيمي، إن الفساد تحول إلى نوع من الأعراف الاجتماعية يتطلب تغييرها وقتًا.

وأضاف لو أن الحكومة أخذت بمقترحاتنا منذ البداية (…) لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم، مشيرًا إلى أن السلطات منعت حملة أطلقناها نهاية 2013 لمكافحة إفلات المفسدين من العقاب، وهي نقطة سلبية.

إلا أنه أكد أن الحكومة أشركتنا أخيرًا في صياغة استراتيجية مكافحة الفساد التي كانت مطلبًا قديمًا دافعنا عنه، داعيًا إلى انتظار النتيجة التي ستفضي إليها هذه الاستراتيجية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *