خارج الحدود | هام

الاسبان يودعون عهد الثنائية الحزبية

دقت نتائج الانتخابات التشريعية، التي جرت أمس الأحد بإسبانيا، والتي منحت الحزب الشعبي (يمين) فوزا طفيفا، المسمار الأخير في نعش الثنائية الحزبية التي ميزت المشهد السياسي الإسباني لفترة طويلة والإيذان بعهد جديد في التاريخ السياسي لهذا البلد الإيبيري.

وبتعاطي المترددين، أكثر من المعتاد، مع هذه الانتخابات التشريعية، التي كانت، بالتأكيد، الأشد تقاربا في التاريخ الحديث، ودع الإسبان عهد الثنائية الحزبية التي عمرت لنحو أربعة عقود.

وفشلت القوة السياسية الرئيسية في البلاد، التي تولت مقاليد الحكم منذ 2011، في تعبئة هؤلاء المترددين للحصول على أغلبية الأصوات، لكنه تمكنت في المقابل من كسب ثقة المواطنين للحصول على ولاية ثانية ممكنة على رأس الحكومة.

وفي جميع الأحوال، يبدو أن الزمن الذي كان فيه الحزب الأكثر تصويتا من الحزبين الرئيسيين، الحزب الشعبي والحزب الاشتراكي العمالي الإسباني، يحصل على أغلبية مريحة تسمح له بالحكم وحده، قد ولى.

وشكل بروز حزبين جديدين على الساحة السياسية، بوديموس (أقصى اليسار) وسيوددانوس (يمين الوسط)، منذ زمن ليس بقصير، مؤشرا قويا على تراجع الثنائية الحزبية في إسبانيا.

وتحول الناخبون، المتدمرون من آثار الركود الاقتصادي ومعدل البطالة المرتفع والصرامة في الميزانيات، إلى هذين الحزبن الجديدن (اليسار المتطرف) و(اليمين الوسط).

فبعد نتائج الانتخابات الجهوية الإسبانية لمايو الماضي، التي نجح فيها الحزبان الشابان في حكم المدينتين الرئيسيتين مدريد وبرشلونة، جاءت انتخابات أمس الأحد لتؤكد هذا المنحى الجديد للناخبين الإسبان.

وخسر الحزب الشعبي رغم حصوله على 28,76 بالمائة من الأصوات (122 مقعدا)، بعد فرز 90,39 بالمائة من الأصوات المعبر عنها، الأغلبية المطلقة التي سمحت له في 2011 بأن يحكم وحده، بـ 44,63 بالمائة من الأصوات و186 مقعدا من مقاعد مجلس النواب (الغرفة السفلى).

متبوعا بالحزب الجديد بوديموس أقصى اليسار، الذي حصل على 20,61 بالمائة من الأصوات، أي 69 مقعدا، لم ينجح، الحزب الاشتراكي العمالي الإسباني، هو الآخر، في تحقيق الاختراق المطلوب، مكتفيا بالمرتبة الثانية غير المريحة تماما ب22,19 بالمائة من الأصوات و91 مقعدا.

وسيكون للحزب الليبرالي سيوددانوس الشباب الذي تأسس سنة 2006، والذي حصل على نحو 14 بالمائة من الأصوات، كلمته، أيضا، في تشكيل الحكومة الجديدة.

وعلى كل حال، فإن الوضع الجديد الذي نشأ بإسبانيا عقب نتائج الانتخابات التاريخية لـ 2015 وضع الأحزاب الأربعة الأولى أمام تحد كبير يتمثل في ربط التحالفات الحزبية اللازمة لتشكيل الحكومة المقبلة.

وجاءت الانتخابات الإسبانية لتختتم سنة التغيير الانتخابي ببعض بلدان جنوب أوروبا، بعد انتصار حزب سيريزا اليساري بزعامة أليكسيس تسيبراس باليونان مطلع السنة الجارية، والبرتغال بعد مجيئ ائتلاف الأحزاب اليسارية إلى السلطة في أكتوبر الماضي.

هبت إذا رياح التغيير إذا، أكثر من أي وقت مضى، وستفرض دون شك على الأحزاب تقديم تنازلات، وتوفيق وجهات نظرها بشأن القضايا المصيرية بالنسبة للبلاد، من أجل تجنب انسداد الجمود السياسي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *