متابعات

بروفيسور مغربي يوجه رسالة مفتوحة وساخنة إلى بان كي مون

مصطفى عزيز
مصطفى عزيز

بعث المفكر المغربي البروفيسور مصطفى عزيز رئيس مركز الدراسات الدولية الاستراتيجية في باريس برسالة مفتوحة إلى أمين عام الأمم المتحدة، شكك فيها بنوايا بان كيمون المتعلقة بالصحراء  المغربية، خاصة وأن البروفيسور عزيز كان على معرفة، خلال اقامته في نيويورك في مطلع التسعينات ببان كيمون الذي شغل آنذاك وظيفة بسيطة في سفارة بلاده في الأمم المتحدة.

وأشار عزيز إلى وجود صفقة مشبوهة ترتبط بزيارة بان كيمون الأخيرة للمنطقة من أجل تأمين مستقبله بعد انتهاء مهامه على رأس منظمة الأمم المتحدة.

وفي مايلي نص الرسالة:

سعادة الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة السيد بان كيمون

بعد التحية والسلام

أخاطبك في هذا الكتاب وطائرتك الإسبانية تقلع من نواكشوط في اتجاه تيندوف معقل البوليساريو. أخاطبك كمواطن مغربي ضمن 36 مليون مواطن تاركا ورائي كل الصفات الدبلوماسية التي حملتها و لا زالت أحملها خلال الأربعين سنة الأخيرة. منذ كنت أنت موظفا بسيطا في خارجيتك وممثلا دائما لبلادك في الأمم المتحدة، ووزيرا لخارجيتها.

أخاطبك و أنا ابن قاع المجتمع المدني المغربي الذى ضحى بالغالي و الرخيص لشرح قضية وحدته الترابية للقاصي والداني منذ أن نقلها إلى جدول اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار في بداية الستينات.

أخاطبك و أنت تصول وتجول في ربوع منطقتنا في عملية شبه استفزازية ظاهرها دبلوماسي و باطنها ابتزازي لأن اجندة القيادة المغربية لم تسمح بلقائك في هذه الظروف. واقترحت عليك مناسبة أخرى في شهر يوليوز المقبل.

سيادة بان كيمون

أنت من كوريا التي يشبه وضعها إلى حد كبير وضع المغرب مع جارته الجزائر.

حدود مغلقة منذ عقود و هما الحدودين الوحيدين المغلقين في العالم نتيجة تعنت وجور وغنجهية كوريا الشمالية والجزائر.

بلدك يا سيدي تسعى لتوحيد شطريها منذ حربها الأخيرة إلا أن المغرب وحد بلاده لعلمك منذ 1975 بعد مسيرة شعبية خضراء وسلمية استرجع فيها الجزء المحتل من صحرائه و طوى ملفها إلى الأبد، وترك الجزائريين وأذنابهم “يفبركون” الكيانات المصطنعة ويطعمونها، ويسلحونها ويوجهونها لضرب استقرار الوطن الأم. هذا هو وضع جماعة البوليساريو فوق أرض جزائرية. “جماعة” رفضت حتى احصاء محتجزيها رغم توصياتكم الكثيرة. واطلقت على نفسها صفة “جمهورية وهمية”.

فبالله عليك متى صادفت في قاموس منظمتك جمهورية لا أرض لها و لا كيان، ومقامة على أرض أجنبية، إلا إذا تنازلت لها الجزائر على سيادتها على تيندوف دون علم أحد أو باعتها لها نتيجة شح المداخيل النفطية.

المهم مرحبا بك في جمهورية الوهم، وباسم محتجزين يحاولون فك الحصار عليهم. وجئت أنت غير عابئ بمصيرهم لتساند جلاديهم وتطيل عذابهم ومعاناتهم.

سيد بان كيمون

نعرف أنك تعيش آخر لحظات فترة تواجدك على رأس المنظمة، ونعرف أنك تبحث عن موطئ قدم كغيرك من الأمناء السابقين بعد تقاعدك.

ونعرف أكثر من هذا أن الشركات الكورية العاملة في الجزائر تحتاج مشورتك وقد اكتشفت هذا خلال زيارتي الأخيرة إلى كوريا ولقائي مع شخصيات وازنة في هذا المجال.

شعب المغرب لا اهتمام له بمستقبلك المهني بعد رحيلك ولن يحاسبك على طموحك بل سيحاسبك قطعا على مواقفك الشاذة والمجازفة من قضية وحدته الترابية التي تشتم من ورائها رائحة المصالح المادية والشخصية.

نريد منك أن تبقى على الحياد لجمع أطراف النزاع حول طاولة المفاوضات واقناعها بأن التحايل على التاريخ والجغرافية لن يفيدها في شيء وأن الحكم الذاتي الموسع الذي اقترحته المغرب أرضية صالحة للتفاوض وهذا بشهادة الدول العظمى التي نصبتك لخدمة أجندتها دون تحريفها، وتأويلها.

أبريل قادم كباقي السنوات الماضية  ستنشر تقريرك حول الصحراء المغربية وهو الأخير قبل رحيلك رغم غياب المحطة المغربية عنه. وسيتضمن لا محالة بعض الأكاذيب والأراجيف التي أوحت بها الجزائر لممثلك الخاص ومبعوثك كريستوفر روس. سنقرأ تحريفا ممنهجا لواقع القضية. كما حصل مع حكم المحكمة الأوروبية البئيس والسخيف حول الاتفاقية الزراعية مع المغرب.

المغاربة -طبعا – سيواجهون هذه المؤامرة بصلابة وإرادة قوية، وحجة دامغة وسيرفعون التحدي بفضل ريادة قائدهم وحكمته ونبل قضيتهم.

ننصحك يا سيد بان كيمون بأن لا تتأثر كثيرا بالخطاب الحاقد لزميلك رمطان العمامرة وزير خارجية بوتفليقة الذي فقد البصر و البصيرة، و أعلن حربا خاسرة على السيادة المغربية.

ولأن فاقد الشيء لا يعطيه فلا أحد من حكماء العالم يسمع للأسطوانة المشروخة للنظام الجزائري إلا من له مصلحة معينة فيها.

سيادة الأمين العام

منذ أن حللت بالأمانة العامة للمنظمة والوطن العربي كله يعاني من الفرقة والحروب الأهلية والتمزق. وأنت تعرف أكثر من غيرك أن مبعوثيك ما حلوا أبدا عقدة بل زادوا الطين بلة. من ليبيا إلى سوريا إلى اليمن مرورا بالعراق ولبنان وغيرهما.

بالله عليك وحتى باسم بوذا إلاهك أنت، هل تريد أن تصل نيران هذه الدول المشتعلة والفاشلة إلى منطقة شمال افريقيا. هل تريد أن تزرع لنا قنبلة موقوتة في قلب منطقة متوترة في الأساس نتيجة التعنت الجزائري وأخطار الإرهاب الدولي؟

أصلح أمور منطقتك أولا يا بان كيمون والتي تعرف أبعادها وخفاياها قبل أن تدفع دفعا للإفتاء في قضية الصحراء المغربية التي حسمها شعبها وقائدها وحولوها إلى خلية نحل للبناء والتشييد لا للتآمر والتخريب.

مبعوثوك كلهم فشلوا في مهاماتهم ونجحوا في توسيع دائرة الفتن وبقى مبعوثك في الصحراء المغربية السيد روس الذي كشف قناعه بنفسه يبحث عن أساليب جديدة لاستفزاز المغرب وابتزازه تحت ذرائع واهية. وهو الآن بصدد كتابة آخر فصل في مسرحية هزلية عبثية سيتنكر لها حتى العبثي الكبير فرانز كافكا وفي قبره.

سيادة الأمين العام

لقد سبق لي أن راسلت في نفس الموضوع وبنفس اللغة المباشرة كريستوفر روس والرئيس أوباما. وراسلتهم أيضا بصفتي مواطنا غيورا على وطنه وسيادته وليس دبلوماسيا تعامل معهم في كواليس السياسية الدولية.

أنا مواطن عادي من قاع المجتمع المدني المغربي الذي ينطلق من إحساسه بعدالة قضيته وظلم القربى ومؤامرة الكائدين.

صدقني أن لا مصلحة لك و ا للمنظمة التي تقودها في آخر مراحل قيادتك في السقوط في الفخ الذي نصبه نظام الجزائر البعيد عن كل مبادئ الديمقراطية وحقوق الانسان للمجتمع الدولي.

شعب المغرب ومجتمعه المدني النشيط مستعدان للترحيب بك ووضعك في الصورة الحقيقية لهذا المشكل المزمن والمستهلك والمفبرك. ستكتشف أن أكثر من ثلثي من يسمونهم “بالشعب الصحراوي” يعيشون في أمن وأمان واستقرار في ربوع الصحراء المسترجعة أو في أقاليم وطنهم الأم الأخرى وأن البقية الباقية من المحتجزين والمغرر بهم خلال الحرب الباردة يعيشون مأساة رهائن قيادات انتهازية مجرمة تشبه القيادات الإجرامية التي تتحكم في مصير شعب كوريا الشمالية التي تسعى أنت وبقية الشعب الكوري لفضحها أمام الرأي العام الدولي.

ستكتشف يا بان كيمون في تيندوف الجزائرية أوجه الشبه بين قضيتنا وقضيتك أنت الكوري الغيور على سيادة ووحدة ترابه.

ولك مني فائق التحيات والسلام على من اتبع الهدى.

المواطن المغربي: مصطفى عزيز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *