آخر ساعة

البوليساريو والمستقبل الغامض

يرى بعض المتتبعين الدوليين بأن مستقبل جبهة البوليساريو قد حسم أمره مند وفاة رئيسها محمد عبد العزيز، لان هذه الجبهة أصبحت تفتقد إلى أسباب صيرورة تواجدها، فهي تتواجد بين أمرين واضحين لا ثالث لهما، فهي إما أن تتحول إلى حزب أو تنظيم سياسي مدني في إطار المبادرة التي تقدم بها المغرب أمام مجلس الأمن وهي مقاربة الحكم الذاتي لإنهاء ملف الصحراء المغربية وتفكيك مخيمات تندوف، وإما أن تتحول الجبهة إلى تنظيم إرهابي ينشط في الصحراء وعلى الشريط الساحل الإفريقي من اجل القيام بتنفيذ عمليات إجرامية معينة في المحيط الإقليمي وضد الجميع بدواعي توفير الدعم المالي للبوليساريو الذي فقد أغلبية مصادر تمويله.

فبالنظر إلى التراجع الخطير الذي عرفته ينابيع الموارد المالية للبوليساريو من فائض المساعدات الغذائية والإعانات المالية، التي كان يدرها عليها نظام معمر ألقذافي البائد وعائدات البترودولار الجزائية والمساعدات الجنوب افريقية، كل هذه عوامل ألقت بظلالها على منافذ الموارد المالية للجبهة وطرحت تداعيات حقيقية حول ضرورة إعادة تدبير بوصلة الخط السياسي لجبهة البوليساريو، قبل أن تنعطف في اتجاه تنظيم راديكالي وإرهابي لميليشياته المسلحة في الصحراء، والتي ربطت علاقات مع قياديي الحركات الإسلامية الراديكالية التي تصول وتجول في المخيمات، حيث اتخذتها كمكان لاصطياد الشباب الذي سئم الوضع في المخيمات ويبحث عن ملاذ للخروج والحصول على المال لتلبية أغراضه الشخصية، إذ وجد ضالته المنشودة في الانضمام إلى الحركات الإرهابية في الصحراء والساحل.
ويقول أحد المحللين إن مؤشرات توجه البوليساريو نحو خيار العمل الإرهابي تتقوى لدواع موضوعية، منها تراجع التأييد الدولي لموقف جبهة البوليساريو من الناحية السياسية، وكذا لارتفاع حدة الاحتقان الاجتماعي داخل مخيمات تندوف في ظل اختلالات تدبيريه وتنظيمية وعسكرية، إضافة الى حدة الضغوط الداخلية ومتطلبات تأمين حراكها الاجتماعي والسياسي كالمطالبة بتحسين عيش سكان المخيمات المهمشين مما يزيد من راديكاليتهم وتطرفهمً وخاصة بعد ان تيقنوا ان قيادة البوليساريو قد غادرت المخيمات صوب العواصم العالمية للعيش فيها بعيداً عن الواقع البئيس للمخيمات.
إن مستقبل تنظيم البوليساريو اليوم في مهب الريح وهذا ما تفرضه المتغيرات الدولية والإقليمية خاصة بعد رحيل جل الديكتاتوريين في العالم ومنهم محمد عبدالعزيز المراكشي الذي سير لسنوات متعددة الجبهة بقبضة من حديد، وهذه مؤشرات لا تبشر بالهدوء المنشود في المنطقة إقليمياً ومحلياً ، لأن الجبهة وفي ظل تراكم نكساتها الدبلوماسية الدولية والمحلية، فضلاً عن ما تعيشه من نقص في المساعدات الغذائية والمالية وفضلاً عن عزلة أعضاء القيادة عن السكان للعيش في القصور بالعواصم الأوربية، من شأن كل ذلك أن يفجر الوضع الداخلي للجبهة، لاسيما داخل مكونها المسلح، وكذلك الصراع حول القيادة الذي مازال لم يتم الحسم فيه الأمر، الشيء الذي يستحيل معه التحكم في الترسانة العسكرية لجبهة البوليساريو الانفصالية وان كانت قديمة ومهترئة، مما سيترتب عنه من تحول عناصر البوليساريو الى مليشيات إرهابية في الصحراء والساحل وهذا ينتج عنه تحدي للجميع لما يشكله من خطر على البلدان المجاورة وكذلك على أوروبا ككل.

ويضيف نفس المحلل أن ما يهدد البوليساريو اليوم ليس تفاعلات صراع الدبلوماسية المغربية والجزائرية على خلفية النزاع حول الصحراء المغربية، ولكن تحدي الاستقرار الداخلي لمخيمات تندوف وثكنات مليشيات البوليساريو، بعد تقليص الدول المانحة من الإنفاق الموجه للمساعدات الإنسانية بصفة خاصة، لاسيما المساعدات المخصصة للساكنة في المخيمات، إضافة إلى سنوات الجفاف المتتالية، وتراجع العمل الطوعي المنتج.كل هذه العوامل إضافة الى دور الدبلوماسية المغربية في تقزيم البوليساريو دوليا، تعتبر تحديات خطيرة على مستقبل البوليساريو التي حرقت كامل أوراق مناوراتها داخلياً وخارجياً، نتيجة العديد من الصعوبات المتعلقة بالتحرك الدبلوماسي لها، بحيث عرف العمل الدبلوماسي تراجعاً مهولاً نتيجة وضعية التراخي لما يسمى بالدبلوماسيين وسفراء البوليساريو،مما ينبأ باقتراب زوال هذا الكيان الانفصالي الذي فقد كل مقومات الاستمرار والحياة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *