آخر ساعة

معطيات واضحة تحكم على جبهة البوليساريو بالاندحار

جبهة البوليساريو الانفصالية لم يرتبط تأسيسها بمعطيات التاريخ و الجغرافيا؛ التي يمكنها أن تمنحها الشرعية السياسية، بل ارتبط بمعطيات إيديولوجية وسياسية، و لذلك فإن المسوغ الوحيد لاستمرارية أطروحة البوليساريو، هو استمرارية وضعية الحرب الباردة، والصراع الإيديولوجي بين المعسكرين الغربي والشرقي. وهذه معطيات لا تستند الآن إلى الواقع، لأن العالم خرج من زمن هذه الحرب نهاية الثمانينات من القرن الماضي، مع انهيار نظام الاتحاد السوفييتي، وتربع الولايات المتحدة الأمريكية كقوة وحيدة تحكم العالم. فنهاية المسوغ الإيديولوجي الاشتراكي الذي استندت عليه أطروحة الانفصال في الصحراء، يعني نهاية المشروع السياسي للبوليساريو.

جبهة البوليساريو تعيش الآن وضعا مأزوما يرتبط بتحولات دولية، تؤشر جميعها على نهاية المنظومة الإيديولوجية، التي ساهمت في تأسيسها ، الشيء الذي خلف فراغا كبيرا لم يتمكن قادة الانفصال ومن يدعمهم من جنرالات الجارة الشرقية ،من تعويضه إلى حد الساعة، رغم ما يبذلونه من مجهودات جبارة، عبر محاولة ضخ دماء جديدة في شرايين المشروع الانفصالي، الذي دخل مرحلة الموت الإكلينيكي.

هذا الوضع المأزوم تؤكده معطيات على أرض الواقع، فالاستنزاف البشري وصل أبعد مداه، حيث أفواج الصحراويين تفد كل يوم لتعانق الوطن الأم ، هاربة من جحيم الاحتجاز القسري، الذي يمارس عليها داخل سجن ”الستالاك الكبير” إضافة إلى أن المشروع الانفصالي ينفضح أمام العالم، الشيء الذي تعبر عنه المبادرات المتوالية لمجموعة من الدول، بسحب اعترافها بالكيان الوهمي، لان هناك مجموعة من الحقائق كان العالم يجهلها كالاغتناء اللا مشروع لرموز الانفصال، على حساب المحتجزين من الصحراويين المغاربة على الأراضي الجزائرية، وذلك عبر المتاجرة في المساعدات المقدمة للسكان و تورط البوليساريو في علاقات مشبوهة مع تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي؛ بل والمشاركة الفعلية في الأعمال الإرهابية، تم  إفلاس شعار حقوق الإنسان الذي رفعته البوليساريو إضافة إلى ترحيب المنتظم الدولي بالمقترح المغربي للحكم الذاتي، باعتباره مقترح حقيقي وواقعي لإنهاء هذا النزاع المفبرك.

المغرب ربح المعركة ضد أطروحة الانفصال، منذ السقوط المدوي للإيديولوجية الاشتراكية/الشيوعية دوليا و إقليميا. والمرحلة التي تمر بها الآن قضية الصحراء، ما هي سوى مرحلة فاصلة بين مرحلتين متناقضتين، مرحلة الانفصال، ومرحلة الوحدة وفرض السيادة الوطنية على الأرض المسترجعة من الاستعمار الإسباني فالمغرب يمتلك الآن أوراق رابحة كثيرة؛ تدعمه في مواجهة خيار الانفصال، وتكريس خيار الوحدة و السيادة الكاملة على كامل ترابه الوطني، و على أراضيه المسترجعة بوجه خاص كإشراك جميع الفاعلين. في ملف الصحراء والقطع مع كل أساليب احتكار القرار السياسي من طرف  الدولة. هدا المنطق هو الذي تحكم إلى أبعد الحدود في صياغة مبادرة الحكم الذاتي، التي تقدم بها المغرب إلى الأمم المتحدة، وحصلت على تأييد دولي واسع، وخصوصا لدى الدول الفاعلة في صناعة القرار الدولي. وقد نجح هذا المقترح في جر البساط من تحت أقدام عصابة الرابوني ومن يدعمها من بقايا الدكتاتورية الاشتراكية؛ من خلال إشراك الساكنة في تسيير شؤونها بشكل ديمقراطي؛ يمكنها من انتخاب أجهزة تمثيلية تقودها.

 

إن الأطروحة الانفصالية تعيش أيامها الأخيرة، ولا يمكن إنقاذها من موتها المحقق، و هو موت حتمي يجد تفسيره أكثر في المعطيات الدولية الجديدة، التي تفرض نفسها، رغم العناد الجزائري الداعم لأطروحة الانفصال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *