مجتمع

بنعتيق: ينبغي معالجة ملف المهاجرين المغاربة غير النظاميين بألمانيا في إطار تشاركي

بعد أعمال العنف والتحرش الجنسي بمدنية كولونيا في سهرة ليلة رأس العام في 2016، وتوجيه أصابع الاتهام للعديد من طالبي اللجوء و المهاجرين غير النظاميين ـ غالبيتهم من بلدان مغاربية ـ ارتفعت الأصوات المطالبة بترحيل المتورطين بشكل خاص وطالبي اللجوء المرفوضة طلباتهم من تلك الدول بشكل عام. ولقيت تلك المطالب معارضة من منظمات حقوقية ك “هيومن رايتس ووتش” بسبب ما أسمته “عدم إعطاء كل ملف حقه من الوقت أثناء معالجته”.

وخلال زيارة متبادلة بين وزيري داخلية البلدين بعيد تلك الأحداث عبر المغرب عن استعداده للتعاون مع ألمانيا لاستقبال المواطنين المرحلين.

ووفق إحصائيات من وزارة الداخلية الألمانية، تم ترحيل 113 مغربيا خلال العام الماضي، بينما وصل العدد ما بين شهري يناير وماي   من العام الجاري الى 196 شخصاً.

وتفيد إحصائيات المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين  أن عدد المغاربة الذين دخلوا إلى ألمانيا بشكل غير قانوني وصل إلى 10 آلاف شخص، جزء كبير منهم من القاصرين. أما حظوظ قبول طلبات اللجوء في ألمانيا فتصل بين المغاربة إلى 3،7 بالمئة. غير أن حملة المداهمات الأمنية واتفاق البدلين على تطبيق خطط الترحيل أدى إلى انخفاض عدد الوافدين إلى ألمانيا خلال العام الجاري.

تزايد عدد المرحلين بشكل طوعي

وحسب متحدث باسم المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين، فان 113 من المغاربة المرحلين خلال العام الماضي “رحلوا طواعية في إطار البرامج المخصصة لمساعدة المهاجرين غير النظاميين واللاجئين المرفوضة طلباتهم”. وأضاف ذات المصدر أن السلطات الألمانية تتحمل تكاليف السفر حيث “يحصل المرحلون على دعم مالي تتراوح قيمته ما بين 250 إلى 500 يورو للشخص الواحد”.

 ويركز الجانبان المغربي والألماني على العودة الطوعية للمعنين. في هذا الصدد يقول غوتسه شميدت بريمه، من وزارة الخارجية الألمانية: “الترحيل موضوع صعب، ونحن عموماً نفضل العودة الطوعية لأنها تسهل الأمور للبلدين”. لكنه يضيف أن الفئة التي تقيم في ألمانيا بشكل غير قانوني وتقوم بأعمال إجرامية “يجب ترحيلها لأن ذلك يصب في مصلحة الجالية المغربية المندمجة بشكل جيد في ألمانيا”.

وأشار غوتسه شميدت بريمه الذي يرأس إلي جانب محمد الحبيب من وزراة الخارجية المغربية المنتدى الدولي للهجرة والتنمية، (أشار) إلى الإسهامات الإيجابية للجالية المغربية في ألمانيا منذ عقود في مختلف المجالات.

المغرب يتعهد بإنجاح عملية الترحيل وإعادة الاندماج

وزير الهجرة المغربي عبد الكريم بنعتيق الذي شارك في المنتدى الدولي للهجرة والتنمية ببرلين ما بين 28 و30 يونيو  2017، أكد بدوره على أن الجانبين الألماني والمغربي “متفقان على الجوانب السياسية لملف ترحيل المهاجرين غير النظامين وطالبي اللجوء المرفوضة طلباتهم من المغرب”. وأوضح الوزير أن “الجانب التدبيري للملف يتطلب الحيطة والحذر في ظل احترام تام لكرامة المهاجرين المعنيين”.

وشدد المسؤول المغربي على أهمية معالجة الملف “خارج دائرة وسائل الإعلام وفي إطار تشاركي وتكاملي بين دول الشمال والجنوب”.

 وبعد لقائه بوزير الداخلية المغربي السابق محمد حصاد، قال وزير الداخلية الألمانية توماس دي ميزير شهر فبراير 2016 من العام المنصرم إن نظيره المغربي ” تعهد بالنظر في طلبات إعادة اللاجئين المغاربة من ألمانيا في غضون 45 يوماً”.

وقالت متحدثة باسم القسم الإعلامي لوزارة الداخلية الألمانية إن أحد أوجه التعاون الإيجابي بين الجانبين المغربي يتجلي في “سرعة تحديد هويات المعنين بسبب توفر المغرب على نظام جمع البيانات البومترية عكس تونس مثلا الذي لا تتوفر عليه”.

رغم الضمانات الكثيرون يفضلون البقاء بشكل سري

ورغم الضمانات التي يقدمها الجانبان المغربي والألماني لتسهيل عمليات الترحيل في ظروف إنسانية، إلا أن الكثير من المهاجرين غير النظاميين ليسوا متحمسين للرحيل. أحد هؤلاء الشاب حفيظ الذي يعيش في مدينة برلين منذ ثلاث سنوات ونصف. يقول: “الكل يتحدث عنا ولا أحد يتحدث معنا ليعرف مشاكلنا الحقيقية. السياسيون ينظرون إلينا كأرقام وليست هناك ضمانات لمساعدتنا بعد العودة”.

ويرى عبد الفتاح الزين الأستاذ الجامعي المتخصص في قضايا الاندماج بجامعة محمد الخامس بالرباط أن دعم المجتمع المدني في المغرب وألمانيا عامل مهم في أنجاح العملية. وقال على هامش مشاركته في المنتدى الدولي للهجرة والتنمية ببرلين: “لا يجب على المجتمع المدني الألماني معاملة المهاجرين غير النظاميين من المغرب كعبء يجب التخلص منه، كما لا يجب على المجتمع المغربي خصوصا العائلات النظر إلى العائدين كفاشلين”. كما يرى عبد الفتاح الزين أن الوقت سابق لأوانه “لتقييم نجاح أو فشل تجرية إعادة إدماج المرحلين”

مطالب بحل ظاهرة الهجرة غير النظامية في إطار شامل

وتأتي الرئاسة المشتركة بين ألمانيا والمغرب للمنتدى العالمي للهجرة والتنمية ببرلين في لدعم الجهود بين الدول المصدرة للهجرة ودول العبور والاستقبال لمعالجة مشاكل الهجرة “في إطار تشاركي وكواقع إنساني عالمي”، كما تنص عليه اتفاقية نيويورك التي تم التوصل إليها العام الماضي.

وبمقتضى هذه الاتفاقية أصبحت الأمم المتحدة معنية بقضايا الهجرة واللجوء في العالم. وأكد وزير التنمية والتعاون الألماني غيرد مولر في كلمته خلال أشغال المنتدى العالمي للهجرة والتنمية ببرلين أن “موضوع الهجرة سيكون حاضرا خلال قمة مجموعة العشرين في 7 و8 يوليوز القادم”.

وطالب الوزير الألماني المجتمع الدولي ب “إنشاء خلية أزمة خاصة بمشاكل الهجرة لمحاربة العوامل التي تدفع الناس للهجرة غير النظامية والتدخل بشكل فوري عند الحاجة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *