متابعات

أم الوزارات.. هل مازالت للداخلية المغربية قوة مؤثرة كما في السابق؟

ما تزال هيبة وقوة وزارة الداخلية بالمغرب حاضرة لدى الحديث عنها في الأوساط السياسية وحتى بين المواطنين، خاصة لما لعبته من أدوار بعدما كانت تُسيّر من طرف إدريس البصري، وزير الداخلية القوي في نظام الملك الراحل الحسن الثاني.

تلقب الداخلية في المغرب بـ”أم الوزارات” نظرا إلى حضورها الطاغي في النظام المغربي، وشمول تدخلها المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية وحتى الثقافية.

فهل ما زالت وزارة الداخلية أما للوزارات؟ هل قلص الدستور الجديد شيئا من نفوذها؟ هل تدار بشكل مستقل عن رئاسة الحكومة؟

بودن: دور الداخلية ما زال مهما”:

يرى رئيس مركز “أطلس” لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، محمد بودن، أن “وزارة الداخلية ما تزال أما للوزارات الأخرى لجمعها بين العديد من الأدوار المهمة، فضلا عن تجربتها المهمة في التعامل مع مختلف المراحل التي يمر منها النظام السياسي بالمغرب”.

ويشدد بودن، على أن دور وزارة الداخلية ما زال مهما جدا في سيرورة النظام العام بالبلاد، خاصة على الصعيد الأمني، وأيضا في الجانب المتعلق بضمان استمرارية المرافق الحيوية خلال الفترات الانتقالية التي تعرفها الحكومة.

ويرفض المتحدث ذاته تعزيز ما يعتبره صورا نمطية قال إنها تشاع عن وزارة الداخلية، معتبرا أن هامش الخطأ وارد في تعامل سلطات هذه الوزارة على مستوى التدبير الترابي لبعض الجهات والأقاليم.

العمراني: وزارة الاقتصاد سحبت البساط

من جهة أخرى، يقول أستاذ العلوم السياسية، محمد العمراني بوخبزة، إن التحول الذي حصل في عهد حكومة عبد الإله بنكيران الأولى “سحب البساط من وزارة الداخلية، التي فقدت هذا الدور لصالح وزارة أخرى، هي وزارة الاقتصاد والمالية”.

ويؤكد بوخبزة، أن دور وزارة الاقتصاد والمالية أصبح يتقوى في ظل الإصلاحات الهيكلية التي تعرفها البلاد على مستوى وظائف جميع القطاعات.

ويفسر المتحدث ذاته فكرته، التي تفيد بأن وزارة الاقتصاد والمالية هل التي صار ينطبق عليها لقب “أم الوزارات”، بالقول: “وقع تحول على مستوى مفهوم الرقابة أو الوصاية، وهو الدور الذي منح لسلطة وزارة المالية التي لها سلطة إيقاف مجموعة من الملفات الكبيرة والاستثمارات”.

ولم يسقط الباحث في العلوم السياسية استمرار قوة وزارة الداخلية بشكل كامل، معتبرا أن لهذه المؤسسة حضورا نوعيا وقويا في جميع الأنظمة والدول، لكونها تجمع بين الأدوار الأمنية وتلك المرتبطة بالجماعات المحلية.

الكتاني: ما زالت الداخلية تتحكم في الاقتصاد:

في المقابل، لم يسر أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس، عمر الكتاني، في الاتجاه نفسه، نافيا أن تكون لوزارة الاقتصاد والمالية قوة أكبر من وزارة الداخلية لدرجة تسميتها بـ”أم الوزارات”.

ويرى الكتاني، أن سلطة وزارة الداخلية أكبر من المالية، “ويكفي التذكير بأن الداخلية هي التي تقدم الرخص للمشاريع الاقتصادية أو للمستثمرين الأجانب الراغبين في القيام بنشاط اقتصادي بالمغرب”.

المتحدث ذاته يشير إلى أن وزارة الداخلية تتحكم في الاقتصاد عبر منحها الرخص، التي من المفترض أن تقدمها المؤسسات الاقتصادية كما هو الشأن في تجارب دولية أخرى، لافتا في الوقت ذاته إلى أن الإصلاح بالمغرب لا يمكن أن يقوم إلا عبر رفع سلطة منح التراخيص للمشاريع الاقتصادية من تحت يد الداخلية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *