متابعات

لماذا يهيمن الرجال على رئاسة الأحزاب السياسية بالمغرب دون النساء؟

باستثناء حزبين ترأسهما امرأتان، يهيمن الرجال على زعامة جل الأحزاب المغربية.

وحتى حينما يحتدم الصراع على كرسي إدارة أحزاب، كما هو حاصل داخل حزب الاستقلال هذه الأيام، قليلا ما تتردد أسماء نساء على طاولة المرشحين.

لماذا لا توجد، على امتداد الخريطة الحزبية المغربية، سوى امرأتين زعيمتين لحزبين، ويتعلق الأمر برئيسة حزب المجتمع الديمقراطي المغربي، زهور الشقافي، والأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد نبيلة منيب؟

منيب: السبب غياب الديمقراطية

تترأس نبيلة منيب حزب الاشتراكي الموحد منذ نحو أربع سنوات. صعودها إلى قمة هذا الحزب اليساري خلق نقاش، كما ظل حضورها في الساحة السياسية مثار جدل.

تقول تعليقا على غياب النساء في قيادة الأحزاب السياسية بالمغرب: “لا أريد أن أتدخل في الشؤون الداخلية للأحزاب، وما يهمني هو الحزب الذي أنتمي إليه، وهو أول حزب بالمغرب تقوده سيدة”.

بيد أن الأمينة العامة لحزب الاشتراكي الموحد تعود لتؤكد أن ما يعيق وصول المرأة إلى رأس قمة التنظيم السياسي الحزبي هو “غياب الديمقراطية بمفهومها الثقافي والتي لا تعني دمقرطة الدولة لمؤسساتها فقط، ولكن دمقرطة المجتمع”.

هناك مانع ثانٍ مفسر لغياب نساء عن قمة الهرم الحزبي في المغرب، حسب منيب. هذا العامل يكمن، كما توضح، في غياب ما سمته ‘المواطنة الكاملة’.

وتردف منيب، وهي أيضا أستاذة للعلوم السياسية، قائلة: “ما يظهر في المغرب هو أننا نعيش في نظام ‘باترياركي’ (ذكوري) يسعى إلى فرض هيمنة ذكورية اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وثقافيا”.

وتشدد السياسية المغربية ذاتها على ضرورة استعمال آليتين بكيفية صحيحة لتجاوز هذه الهيمنة الذكورية على المناصب السياسية: الآلية الأولى هي المدرسة العمومية والمناهج التي يتلقاها الأطفال في المدارس، والتي يمكن أن تؤسس لثقافة المساواة، أما الآلية الثانية فهي الإعلام، خاصة الإعلام المرئي الذي “يشتغل وفق النمط القديم الذي يرسخ للامساواة بين المرأة والرجل”.

​الدجالي: الأحزاب تعكس المجتمع

إذا كان إبعاد المرأة عن مركز الأضواء داخل الساحة الحزبية بالمغرب مرتبطا بديمقراطية الأحزاب وبنية المجتمع، وفق منيب، فإن هذا الوضع يشمل كل الأحزاب في نظر الباحث في علم السياسة، أيوب الدجالي.

“الواقع المغربي يفرض الإشارة إلى أن أيديولوجية الأحزاب وكيفما كانت، لا بد أن تتأثر بالمجتمع المغربي، فالأحزاب هي امتداد للمجتمع”، يردف الدجالي.

ويستطرد الباحث الجامعي نفسه قائلا: “مثلا حزب العدالة والتنمية يقول عن نفسه إنه حزب محافظ، وبالتالي يمكن أن نقبل عدم دفعه بامرأة لترأس الحزب، أما حزب التقدم والاشتراكية أو أحزاب أخرى تقول عن نفسها إنها أحزاب يسارية تقدمية، فيُطرح لديها هذا الاشكال بشكل واضح”.

يعود الدجالي إلى دراسة للمندوبية السامية للتخطيط قبل 2011، والتي ورد فيها، على حد قوله، أن الشباب يتوقعون أن تصل المرأة المغربية إلى رئاسة الحكومة ما بين 2020 و2030.

“من الممكن أن نلاحظ كم من الوقت سنستغرق من أجل أن تصل المرأة عندنا إلى رئاسة الحكومة، وهي المدة نفسها تقريبا التي استغرقناها لنرى المرأة تصل إلى مناصب شغل كانت حكرا على الرجال”، يضيف الدجالي.

الوفي: إبعاد المرأة تاريخي

نزهة الوفي هي، وقبل أن تكون كاتبة للدولة (منصب وزاري) لدى وزير الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة المكلفة بالتنمية المستدامة، فاعلة سياسية منتمية لحزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة.

ورغم استوزارها، إلا أنها تقر بوجود حاجز في طريق المرأة نحو الزعامة الحزبية اسمه “الذكورة”.

تعود الوفي لتفسير هذا العامل إلى التاريخ السياسي المغربي. تقول: “وهو تاريخ بكل صراحة ذكوري باستثناء مرحلة الحركة الوطنية، وكانت النساء في أغلب الحالات يمثلن الفئة الصامتة أو الفئة التي تُستعمل أثناء الحملة الانتخابية أو فئة يتم النظر إليها ككتلة ناخبة فقط”.

وتضيف الوفي، أن “العهد الجديد مع الملك الحالي محمد السادس أتاح آلية ‘الكوطا’ التي منحت بروزا أكبر للنساء داخل البرلمان منذ سنة 2002”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *