متابعات

أعضاء دواوين الوزراء..تكريس لنوع من الريع السياسي

مع ترقب أسماء الوزراء الجدد الذين سيعوضون سالفيهم الذين غادروا الحكومة إثر ما عرف بـ”الزلزال السياسي”، يبرز ترقب أيضا لأسماء الأشخاص الذين سيختارهم الوزراء الجدد أعضاء داخل دواوينهم. كيف يجري اختيار هؤلاء؟ لماذا يختارهم الوزير من الحزب الذي ينتمي إليه حصرا؟ وألا يعني تعيينهم المباشر من طرف الوزير من بين أعضاء وشبيبات الأحزاب التي ينتمون إليها تكريسا لنوع من الريع السياسي؟

وظيفة سياسية

“الوزير له وظيفتان، وظيفة سياسية ووظيفة مرتبطة بمجال شؤون القطاع الحكومي الذي يشرف عليه” يوضح أستاذ العلوم السياسية بجامعة طنجة، محمد العمراني بوخبزة، الذي يردف مؤكدا أن ذلك الأمر “يفترض توفر جهازين للإشراف على تلك الوظيفتين”.

ويتابع المتحدث أن “الجهاز المتعلق بتدبير شؤون القطاع مرتبط بالكاتب العام للوزارة” وهي “وظيفة إدارية” يقول بوخبزة إن التعيين فيها غير مرتبط بالوزير، بينما “الجهاز المرتبط بما هو سياسي مرتبط بشخص الوزير” وهي مهمة مسندة للديوان “الذي يأتي مع الوزير ويغادر معه”.

وحسب بوخبزة فإن “الديوان يهتم بالقضايا السياسية وأيضا بالأمور الشخصية للوزير” بالتالي “فالوزير هو الذي يختار أعضاءه” ما يعني حسب المتحدث أن “الاختيار بطبيعة الحال في غالب الأحيان يكون من الحزب الذي ينتمي إليه الوزير”.

ولا يرى بوخبزة في اختيار أعضاء الدواوين من الحزب الذي ينتمي إليه الوزير نوعا من “الريع السياسي”، إذ يوضح أن ذلك الأمر “طبيعي” وأنه “مرتبط بطبيعة مهام الدواوين التي تشمل الجانب السياسي والشخصي للوزير”.

وعلاقة بالمعايير المعتمدة في عملية الانتقاء، يرى بوخبزة أن الأمور “قد تغيرت شيئا ما مقارنة بما كان عليه الحال في السابق”، إذ يشير إلى ما صار يفرضه ظهير ذي صلة، من توفر أعضاء الدواوين على شواهد عليا “لضمان حد أدنى من الكفاءة والمقدرة على التدبير”، وذلك، بعدما كانت عملية الانتقاء لا تأخذ أحيانا بعين الاعتبار هذا المعيار، حسب ما يوضحه المتحدث.

حرية مطلقة

بدوره يذهب، المحلل السياسي والأستاذ الجامعي، عمر الشرقاوي في نفس الاتجاه، إذ يوضح بأن “أعضاء الديوان هم أعضاء ذوو طابع سياسي” وأن “للوزير حرية مطلقة في اختيارهم”.

وعن المعايير التي يعتمدها الوزراء في انتقاء أعضاء دواوينهم يوضح الشرقاوي أن الأمر يعتمد على “الكفاءة والقدرة على كتمان الأسرار” إلى جانب عنصرين آخرين يرى أنهما “حاسمين” هما “الثقة والولاء” اللذين يبرزان بشكل أكبر في عملية انتقاء رئيس الديوان، على اعتبار أن هذا الأخير هو “كاتم أسرار الوزير” حسب وصف المتحدث.

وفي سياق حديثه عن معايير الانتقاء، يوضح المتحدث أن ديوان الوزير يتضمن عددا من المهام، منها ما يتطلب مواصفات معرفية معينة كما هو الحال بالنسبة لوظيفة المستشار القانوني والمستشار في الشؤون التقنية، ومنها ما له طبيعة “سياسية محضة” كما هو الحال بالنسبة للمستشار المكلف بالتواصل والمستشار المكلف بالشؤون البرلمانية.

وإن كانت “جميع المناصب في الإدارات تبنى على المباريات والترشيحات” فإن التعيين في الديوان، حسب الشرقاوي “يُبنى على السلطة التقديرية للوزير”.

وحسب المتحدث فإن الإشكال الذي صار يُطرح علاقة بالتوظيف في الدواوين أن “بعض الوزراء في إطار الحروب الداخلية للأحزاب صاروا يوظفون مناصب الديوان”، بحيث “تم تحويلها إلى سلاح لبسط القوة في الحزب ولضمان المناصرين والمؤيدين”.

ضرورة الانفتاح

المحلل السياسي، وأستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية في جامعة الحسن الثاني في المحمدية، سعيد الخمري، من جهته، يوضح بأن “مؤسسة ديوان الوزير أو رئيس الحكومة أمر معمول به في أكبر الديمقراطيات”، مؤكدا أن “ما يمكن أن يسجل في ما يخص الحالة المغربية هي طريقة التوظيف داخل تلك الدواوين”.

وحسب المتحدث فإن “الإشكال يُطرح على مستوى معايير الانتقاء والتوظيف التي لا تقوم أساسا على الكفاءة لوحدها بل يدخل في إطارها أيضا الحساب السياسي” على حد تعبيره.

ويتابع الخمري موضحا أنه “في الغالب يتم إسناد هذه المناصب للقيادات من شبيبات الأحزاب التي ينتمي إليها الوزراء المعنيون”، وهي المسألة التي لا يرى أنها تطرح إشكالا إلا في حال كان ذلك الإسناد “قائما على أساس الولاءات والزبونية والتوظيف السياسي”.

في المقابل لا يرى الخمري أن ذلك الإسناد يطرح إشكالا إذا كان “يخضع للأجهزة التقريرية والتداولية للحزب” مع الأخذ بعين الاعتبار معيار “الكفاءة”.

وعلاقة بمبدأ “الكفاءة” لا يرى المتحدث ضيرا من الانفتاح على أطر من خارج الحزب في عملية التوظيف في الدواوين “فقد نجد كفاءات خارج الأحزاب ولكن لها خبرة ودراية وممارسة عميقة في القطاع ما من شأنه أن يسهم في تقدم العمل الذي يرأسه أو ينسقه الحزب” يقول الخمري.​

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *