مجتمع

مختصون: هذا مايدفع “مدمني” لعبة الحوت الأزرق للانتحار

أفادت منابر إعلامية محلية، في الأيام الأخيرة، خبر انتحار مراهق  بأكادير، بعدما رمى بنفسه من سطح العمارة حيث يقطن، استجابة لأوامر لعبة “الحوت الأزرق”، وقبلها أخبار بانتحار أطفال في كل من سلا والخنيفرة والدار البيضاء، بينما نفت السلطات الأمنية أن تكون الحالات المسجلة بسبب اللعبة.

وتتكون لعبة “الحوت الأزرق”، التي طالبت الجمعية المغربية لحماية المستهلك بالتدخل العاجل لحجبها من غوغل، من 50 تحديا (تحد كل يوم) يبدأ بطلب رسم الحوت على ذراع اللاعب بآلة حادة، ثم طلب الانتحار في التحدي النهائي.

وسجلت في الجزائر خمس حالات انتحار لأطفال بسبب اللعبة. هي وحش أصبح يتسلل إلى حياة المراهقين ويؤرق بال الأباء، فما هي آراء المختصين في هذه اللعبة؟ وكيف تنجح في التأثير على الأطفال وتدفعهم لوضع حد لحياتهم؟

التحديات ونفسية الطفل

من بين أهم قواعد اللعبة أن الاشتراك فيها سري، وهذا يلعب دورا كبيرا في التأثير على ممارسيها، حسب الأخصائي النفسي رضا امحاسني، والذي يشير إلى أنه “بعيدا عن فكرة الانتحار، هناك خلف الشاشة شخص معين يهتم بالطفل، بنفسيته، يتفقد وضعيته، يشجعه، يكونه، ويرفع له تحديات ويثمن مجهوداته، كما يحصل على المعلومات والصور الخاصة بالطفل و عائلته”.

ويوضح امحاسني، أن “رفع التحدي إلى درجة الانتحار، لا يكون فقط من أجل وضع حد مؤلم لحياة مراهق، بل هناك فكرة الخلاص، أي أنه من خلال هذا الانتحار سيصبح الطفل كائنا متطورا جدا متخلصا من أعباء الحياة على الأرض”.

ويعتبر رضا أن المشاكل والصدمات النفسية، التي يعيشها الطفل، تجعله ينجذب إلى مواضيع الموت والغموض، “ولن تكون مفاجئة إن قرر تحقيق كل التحديات”.

ويؤكد رضا على عوامل التربية قائلا “من بين عوامل الخطر التي يجب الانتباه إليها هي التربية على العنف، الصراعات العائلية، الصعوبات المدرسية، الخوف من العقاب، الإحساس بالقهر والعزلة الإجتماعية”.

ويختم المحلل النفسي “التغلب على المشاكل النفسية والفكرية يأتي من تأسيس التربية على الثقة في النفس والحس النقدي، والتنشئة على المنطق والعقل ونبذ الخرافة والعنف منذ السنوات الأولى من حياة الطفل”.

قرصنة الحاسوب.. عامل رئيسي

يقول الشاب المغربي عماد الدين غابون، الذي اطلع على تفاصيل اللعبة وشارك فيها، إن “الطفل والمراهق يحب دائما أن يظهر نفسه بمظهر الشخص القوي والمتغلب على المصاعب في التحديات التي يواجهها، إضافة إلى الرغبة في تحدي أصدقائه الذين يلعبون نفس اللعبة”.

ويرى عماد، الذي تغلب على “إدمان الحوت الأزرق” أن المشاكل العائلية والنفسية من بين أخطر الأسباب التي قد تدفع باللاعب إلى الانصياع لأوامرها حد الانتحار.

عماد (22 سنة) يؤكد أنه “من السهل جدا قرصنة الحاسوب والكاميرا وميكروفون الشخص الذي يجلس قبالة الشاشة، واستعمال المعلومات الشخصية ضده، وهذه أهم الأمور التي يجهلها الطفل وتستغلها اللعبة”.

ويضيف عماد، أنه بإمكانه “اجتياز كل مراحل اللعبة السهلة دون أن أؤذي نفسي وصحتي، عكس باقي المراهقين الذين تخلق اللعبة لديهم إحساسا بالالتزام، فيحاولون قدر المستطاع اجتياز جميع التحديات ليثبتوا أنفسهم”.

غياب المناعة النفسية

من جانبه، يعتبر المختص في علم النفس الاجتماعي، مصطفى الشكدالي، أن الطفولة والشباب من المراحل الحرجة في التكوين النفسي لأي شخص “بما أن هذه اللعبة تعتمد على التحديات فهذا يعني أن المراهق من مرحلة إلى أخرى، وبالتالي فالمشكل لا يقتصر فقط على التحدي بقدر ما يتوسع ويصيب نفسية الطفل”.

ويضيف الشكدالي، أن “المرور بمراحل حرجة يجعل المستهدف لقمة سائغة في يد اللعبة، المبنية على فكرة التحدي، كما أن غياب المناعة النفسية للفئة المستهدفة غير مكتملة النمو نفسيا وعاطفيا ووجدانيا وعقليا، تجعل المستهدف جزءا من اللعبة واللعبة جزءا من نفسيته، وفي حالات عديدة يصبح مدمنا وفي حالات أخطر يصل إلى الانتحار، كما في لعبة الحوت الأزرق”.

ويشدد الشكدالي على ضرورة مراقبة الطفل “فليست كل لعبة متأقلمة مع الطفل ونموه النفسي، ويجب أن تخضع اللعب الإلكترونية لمراقبة سيكولوجية لكي لا تخرج عن نطاق اللعبة لنطاق آخر يصل إلى الانتحار”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *