مجتمع

التبرع بالدم في رمضان.. سلوك إنساني يجمع بين العمل النبيل والأجر العظيم

تجمع مبادرة التبرع بالدم، خلال شهر رمضان، بين نبل هذا السلوك الإنساني بصفة عامة وعظيم الأجر الذي يناله المتبرع خلال شهر المودة والرحمة بشكل خاص، حيث يقبل الكثير من المغاربة على هذا العمل التضامني، وعيا منهم بأهميته بالنسبة للمرضى والمصابين الذين هم في أمس الحاجة لهذه المادة الحيوية.

وبتزامن تنظيم الحملة الوطنية للتبرع بالدم مع حلول شهر رمضان المبارك، تحت شعار “ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا”، تتجدد المساعي الرامية إلى دعم بنوك الدم وتزويدها بالكميات الضرورية لتحقيق الاكتفاء الذاتي، ومعها ترسيخ هذه الثقافة الإنسانية. فالشهر الفضيل يشكل فرصة سانحة لتجديد التأكيد على أهمية البذل والعطاء الدائم، على امتداد السنة.

ومنذ إطلاق هذه البادرة، التي تقام للمرة السادسة على التوالي، بمجموعة من المساجد بعدد من مدن المملكة، ابتداء من فاتح رمضان وطيلة الشهر الفضيل، يحرص المركز الوطني لتحاقن ومبحث الدم على نشر ثقافة التبرع بالدم، ونشر الوعي بضرورة وفوائد ممارستها بشكل منتظم.

وتتمثل الأهداف الخاصة للحملة، حسب المركز الوطني لتحاقن ومبحث الدم، في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الدم خلال شهر رمضان المعظم والوصول إلى 100 في المئة من التبرعات الطوعية، والحصول على 25 ألف كيس دم كامل و13 ألف كيس دم كامل بالمساجد.

وأعربت فوزية، وهي ربة بيت تبلغ من العمر 43 سنة جاءت للتبرع بدمها بأحد مساجد حي اشماعو بسلا، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، عن سعادتها الكبيرة بالتبرع بالدم خلال الشهر المبارك الذي يكتسي التبرع فيه طابعا خاصا.

وأكدت فوزية أنها تحرص على التبرع بالدم بانتظام، خاصة خلال الشهر الفضيل، وذلك بالنظر لما لهذه العملية من فوائد صحية عديدة”، مضيفة أن “ما تقوم به هو صدقة أرجو أجر الله منها، كما آمل أن يكون سببا في إنقاذ حياة شخص لا أعرفه”.

أما ياسر (20 سنة)، فيعتبر أن “التبرع بالدم عمل إنساني نبيل وأجره عند الله عز وجل، مضيفا “قد يأتي اليوم الذي أحتاج فيه بدوري إلى قطرة دم فأجد من ينجدني بها”.

وبالنسبة لمحمد (43 سنة)، فإنها المرة الرابعة التي يتبرع فيها بدمه، مضيفا أنها بادرة محمودة لها فوائد صحية عديدة، معربا عن أمله في أن “تنقذ كل قطرة من دمه حياة المرضى المحتاجين”.

وفي هذا الصدد، قالت بوكزول عزيزة، مسؤولة بمركز تحاقن الدم ومبحث الدم بالرباط، إن هذا الشهر الفضيل يعرف إقبالا على التبرع بالدم، داعية المواطنين إلى المزيد من الانخراط في هذه العملية لسد العجز المسجل في هذه المادة.

وأضافت أن كل شخص (رجل أو امرأة) يبلغ من العمر أكثر من 18 سنة وأقل من 60 سنة، ويتمتع بصحة جيدة، يمكنه التبرع بدمه، بعد أن يقرر الطبيب المسؤول عن التبرع قبوله، حيث يمكن للرجل أن يتبرع بدمه 4 مرات في السنة، والمرأة 3 مرات سنويا، مشيرة إلى أن كل كيس دم (450 مل) يخضع لتحاليل يستفيد منها المتبرع والمستفيد على حد سواء.

وتتمثل الفوائد الصحية للتبرع بالدم في زيادة نشاط الدورة الدموية، والتقليل من نسبة الحديد في الدم، مما يساعد على التخفيف من مخاطر الإصابة بأمراض القلب وانسداد الشرايين، وعلاج حالات النزيف وخاصة نزيف الأنف، وعلاج مرض الصداع النصفي والتخلص من آلامه، وتنشيط نخاع العظم لإنتاج خلايا دم جديدة تستطيع حمل كمية أكبر من الأكسجين إلى أعضاء الجسم الرئيسية مثل “الدماغ”، وهذا يساعد على زيادة التركيز والنشاط والحيوية.

يذكر أن هذه الحملة تنظم بشراكة بين وزارة الصحة ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية والمجلس العلمي الأعلى، والمجالس العلمية المحلية، ومندوبيات الشؤون الإسلامية والمركز الوطني لتحاقن ومبحث الدم ومؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للقيمين الدينيين، والرابطة المغربية لجمعيات المتبرعين بالدم، والفدرالية المغربية لجمعيات المتبرعين بالدم.

ويأتي هذا المشروع تفعيلا لمضامين اتفاقية الشراكة المبرمة في يونيو 2011 بين مؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للقيمين الدينيين والمركز الوطني لتحاقن ومبحث الدم، وتحفيزا للمواطنين للتبرع بالدم خلال شهر رمضان المعظم، واعتبارا لما يعرفه هذا الموسم من نقص حاد في عدد المتبرعين، إذ تتمثل خصوصية شهر رمضان بالنسبة للموظفين بالوحدات المتنقلة، بكونه مرحلة صعبة تتميز بنقص كبير في كمية الدم، وتزامنه مع فصل الصيف، كما أنه لا يمكن للصائم التبرع بالدم خلال فترة الصيام.

وقد تمت برمجة عدد من الأنشطة خلال شهر رمضان، بمجموعة من مساجد المملكة، تهم تقديم دروس وعظية يلقيها القيمون الدينيون للتحسيس بفضل التبرع بالدم، وخطبة منبرية موحدة يلقيها خطباء الجمعة بالمناسبة، ومحاضرات (قبل تنظيم الحملة بالمساجد) تتطرق لأهمية التبرع بالدم من الناحية الصحية من أجل تصحيح بعض الأفكار الخاطئة، يؤطرها أطباء متخصصون في مجال التبرع بالدم.

وتظل ثقافة التبرع بالدم رمزا للتكافل الذي يجسد روح التضامن بين مكونات المجتمع، ومظهرا من مظاهر الأخوة الإيمانية النافعة ودليلا أيضا على المشاركة الفاعلة في تنمية المجتمع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *