آراء

السباعي : بعد 44 سنة البوليساريو في حاجة إلى شجاعة الاعتراف بالفشل

كثيرة هي الأقلام والمنابر التي ستحدثكم قراءنا الأعزاء عن النجاح الديبلوماسي للمغرب بعد صدور القرار الأممي رقم2468 والصادر يوم 30 ابريل 2019، واليوم سنتناول قضية الصحراء ومستجدات القرار لكن ليس بمنطق النجاح ولكن الفشل الدبلوماسي لقيادة البوليساريو.
قد لا يزورهم الخجل، ولا يعرفون طعم الصراحة، ولم يمتلكوا شجاعة الاعتراف بالفشل ولو لمرة واحدة خلال كل السنوات الفارطة، نحن أمام ظاهرة تستحق الدراسة تحت عنوان عريض: متى ترتدي قيادة البوليساريو برقع الحياء !!!
قائمة المعنيين بالفشل السياسي، تضم كثيرا ممن استحلوا لقب القيادي والناشط السياسى والمناضل والحقوقي، يجتمعون في طابور واحد، يصطف فيه كل هؤلاء الذين استنزفوا مرات رسوبهم في الحياة السياسة ونجحوا في تغويل انتصاراتهم، دون أن يعترفوا ولو لمرة واحدة أو على استحياء، بأنهم فشلوا في كل التجارب والمعارك التي خاضوها، فشلوا في كل شيء، حتى إنهم فشلوا أن يفشلوا.
خلال 44 سنة كاملة أفسدت جبهة البوليساريو، ومعها الانفصاليون كل شيء وأضاعوا كل الفرص، ولم يتركوا لأنفسهم بابا يطرقون عليه ومنه يمرون سريعا إلى عقول وقلوب العقلاء، وأصبحت ادعاءاتهم مثيرة للشفقة، لا منعشة ولا ضاحكة تحرج قادة الانفصال وتدعو المواطن المعني بالصراع إلى التفكير.
واقع الصحراء اليوم، يتحدث من خلال التدقيق في مضامين التقرير، ونبتدئ في تحليلنا بالفقرة 26 من التقرير، أنه خلال المباحثات التي أجراها المبعوث الشخصي للأمين العام إلى الصحراء مع المسؤولين في الاتحاد الإفريقي والاتحاد الاوربي، ” أكدوا دعمهم لجهود المبعوث الشخصي، وأقروا بالدور القيادي للأمم المتحدة في المسلسل”. وحينما نسقط هاته الفقرة في واقع حجج الأطراف المعنية، نجد ان المغرب وبقرار من أعلى سلطة في البلاد يؤكد أن لا حوار إلا تحت غطاء الأمم المتحدة، بعد محاولة جبهة البوليساريو الدفع بالإتحاد الإفريقي في الصراع وذلك لاستغلال الجزائر ودعمها داخل أروقة الإتحاد الإفريقي، بيد أن موازين القوى اختلت، وصار للمغرب قوة سياسية بعد العودة التاريخية والانتصار الإفريقي من داخل أروقة الإتحاد الإفريقي. ولم يشر التقرير إطلاقا إلى اتصال المبعوث الشخصي بمفوض السلم والأمن بالإتحاد الإفريقي، الجزائري اسماعيل بن شرقي.
التقرير أدرج الجزائر وموريتانيا كأطراف في نزاع الصحراء وهو ما لا يتوافق مع رغبة الإنفصاليين، لأنه في هذا الوصف يكون الخلاف مغربيا جزائريا يقف على معطيات الواقع والتاريخ التي تقول أن القضية الصحراوية هي قضية صراع اقليمي، وهو ما يتأكد بقرار اعتزام المبعوث الشخصي دعوة المغرب وجبهة البوليساريو والجزائر وموريتانيا إلى الاجتماع مرة أخرى.
القرار الجديد أكد على ضرورة الاحترام التام للاتفاقات العسكرية التي جرى التوصل إليها مع بعثة المينورسو بشأن وقف إطلاق النار، ودعا الطرفين إلى التقيد التام بها، وهي إشارة ان مجلس الأمن يؤكد كون مسؤولية بعثة المينورسو لا تتجاوز الوقوف على وقف اطلاق النار وليس تنظيم الإستفتاء.
القرار يؤكد مشروعية الحكم الذاتي وعدم قابلية تحقق الإستفتاء في فقرته 13 إذ نجد الفقرة تتفاعل مع المقترح المغربي كالتالي ” يحيط علما بالمقترح المغربي الذي قدم إلى الأمين العام في 11 أبريل 2007، وإذ يرحب بالجهود المغربية المتسمة بالجدية والمصداقية والرامية إلى المضي قدما بالعملية صوب التسوية؛ وإذ يحيط علما أيضا بمقترح جبهة البوليساريو المقدم إلى الأمين العام في 10 أبريل 2007”.
لم تعرب قيادة جبهة البوليساريو عن ترحيبها بالقرار الجديد لمجلس الأمن الدولي، حيث أكد محمد عمار، ممثل جبهة البوليساريو لدى الأمم المتحدة، إن جبهة البوليساريو تحيط علماً بتبني قرار مجلس الأمن الأممي رقم 2468 (2019) الذي مُددت بموجبه ولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء (المينورسو) لفترة ستة أشهر. ويضيف، أيضا، إن جبهة البوليساريو تحيط علما أيضاً بدعوة مجلس الأمن للطرفين، جبهة البوليساريو والمغرب والجزائر وموريتانيا، لاستئناف المفاوضات تحت رعاية الأمين العام دون شروط مسبقة وبحسن نية بهدف التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول للطرفين.
المعطيات التي ذكرها مجلس الأمن، في قراره الجديد، تتفق إلى حد كبير مع الموقف المغربي، كما أن مصطلح “التسوية” تم ذكره 5 مرات على الأقل في القرار، كما تتكرر فكرة “الواقعية” لأزيد من أربع مرات. وفي المقابل، “تقرير المصير”، تم ذكره لمرة واحدة، مع الغياب التام لأي إشارة إلى مطلب “الاستفتاء”.
ما لا يمكن أن ينكره أحد هو الترابط الوثيق والعلاقة الطردية بين الجانب السياسي والجانب الواقعي، وعليه فإن فشل أي سياسة واقعية مرتبطة بالمناخ السياسي الموجود، وعليه فإن خلفيات الأزمة السياسية حتى من داخل تندوف لا تتوقف عند الأسباب المباشرة التي ذكرناها سالفا، بل تتعداه إلى أسباب أكثر أهمية وأكثر ترابط حتى ولو بدى لنا أنها بعيدة، مرتبطة بالشخصانية من داخل قيادة البوليساريو وتصفية مصالح على حساب الإتحاد المغاربي بحد ذاته، وتتضح الصورة بأن غاية سلطة البوليساريو لا خدمة الإنسان وإنما الاستغناء على حساب المحتجزين بتدوف، ويبقى السؤال الأهم للمصطفين في طابور الفكر الإنفصالي هل يمكن أن تخبرونا: لماذا تستبدلون استغلالكم للعقول السياسية التي تنتمون إليها بتزوير الحقائق وتبحثون عن شماعة لفشلكم؟
الجواب عزيز القارئ هو أنهم وجدوا أحزابا وتنظيمات سياسية ونشطاء يمدحون في إنسان، إن سار وفق هوى مصالحهم هم، ويذمون فيه إن خالف هواهم، ومن قبل ذلك وجدوا نشطاء وحركات سياسية لا هم لهم سوى المصالح المكتسبة في حساباتهم البنكية أو لصالح تياراتهم السياسية حتى ولو تحقق ذلك على حساب الوطن ذاته.
الحسين بكار السباعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *