مجتمع

أبو الحقوق: المادة 9 تمس بهيبة الدولة والاحترام اللازم للقضاء

اعتبر يوسف أبو الحقوق، المحامي بهيئة أكادير، أن المادة 9 من مشروع قانون المالية لسنة 2020 تمس بهيبة الدولة والاحترام اللازم للقضاء ولسيادة حكم القانون وتحقيق الامن الاجتماعي المطلوب، مؤكدا أن المادة المشار إليها مخالفة لمقتضيات الفصل 126 من الدستور الذي يتضمن حمولات حقوقية عكست الارادة القوية لتعزيز دولة الحق والقانون حيث ينص على أن «الاحكام النهائية الصادرة عن القضاء ملزمة للجميع».

وأوضح أبو الحقوق في تدوينة له عبر فيسبوك أن “هذه المادة تتناقض والمقتضيات القانونية التي جاءت بها القوانين التنظيمية للجماعات والجهات ومجالس العمالات والاقاليم التي تنص في القسم المتعلق بالنظام المالي للجماعات ومصدر مواردها المالية حيث تنص المادة 181 على أن النفقات المتعلقة بتنفيذ القرارات والاحكام القضائية الصادرة ضد الجماعة تعتبر من النفقات الاجبارية التي يجب أداؤها إلى جانب رواتب الموظفين وتعويضاتهم والمصاريف المتعلقة باستهلاك الماء والكهرباء والمواصلات وغيرها”.

وتساءل المحامي “هل الحكومة والبرلمان على علم بهذه المقتضيات الواجبة التطبيق والتي تأتي في الرتبة الثانية بعد الدستور في الالزامية؟ وهل تم استحضار هذه المقتضيات عند انزال المادة 9 من مشروع قانون المالية والتي تتعارض وأهداف هذه القوانين التنظيمية؟”.

وأكد أن “هذه المادة تمس بالخطابات الملكية خاصة الخطاب الملكي برسم افتتاح الدورة الاولى من السنة التشريعية العاشرة بتاريخ 14 اكتوبر 2016 الذي جاء فيه بالحرف «المواطن يشتكي بكثرة من طول وتعقيد المساطر القضائية ومن عدم تنفيذ الاحكام وخاصة في مواجهة الادارة فمن غير المفهوم أن تسلب الادارة المواطن حقوقه وهي التي يجب أن تصونها وتدافع عنها وكيف لمسؤول أن يعرقل حصوله عليها وقد صدر بشأنها حكم قضائي نهائي»”.

وشدد على أن “ما تضمنته المادة 9 من مشروع قانون المالية لهو ظلم عظيم وكبير باعتبار الدولة والجماعات من المفروض أن تكون مليئة الذمة وبالتالي هي قادرة على الوفاء والرسول صلى الله عليه وسلم قال «مطل المدين ظلم وإذا اتبع أحدكم على مليء فليتبع» حديث صحيح متفق عليه رواه أبو هريرة، أي بتعزير المدين والحجز على أمواله وبيعها جبرا لاستيفاء الدين”.

وأبرز أن “المادة 9 من المشروع بتنصيصها على استثناء أموال الدولة والجماعات على عدم امكانية الحجز عليها يشكل استثناء في عدم الانصياع لأحكام القانون مما سيؤدي الى نظرة سيئة لدى باقي المواطنين والتمرد على سلطة القانون وتكون المحسوبية والزبونية والولاءات والرشوة هي الفيصل في تنفيذ الاحكام القضائية وبالتالي زعزعة ثقة المواطن في السلطة القضائية وهيبته ومكانته”.

واعتبر أن “انزال المادة 9 من مشروع قانون المالية والاجماع عليها من طرف نواب الامة ليست له الا قراءة واحدة وهي أنها وسيلة لإيقاف وتأجيل الاحكام القضائية والحيلولة دون تحميل المسؤولين ورؤساء الجماعات والامرين بالصرف والمحاسبين العموميين مسؤولية الامتناع عن التنفيذ، خاصة بعد استقرار القضاء الاداري على الحكم عليهم بغرامات تهديدية شخصية أو متابعتهم بتحقير مقررات قضائية وخير دليل على ذلك أن الحكومة أو البرلمان لهما من الحلول المثلى لتجاوز أسباب نزول هذه المادة المتمثلة في عرقلة السير العادي للإدارات، باعتبار الامر يتعلق في جميع الاحوال، بناء على الاحصائيات الرسمية بتنفيذ أحكام قضائية ضد الادارة والجماعات في ملفات التعويض عن نزع الملكية أو الصفقات أو تسوية وضعية الموظفين وهي قضايا في علم الادارة والجماعات وتروج في المحاكم على مختلف درجاتها لسنين طويلة وبالتالي فهي ليست فوجائية في حقها وكان حريا بالحكومة والبرلمان سن مادة قانونية تلزم الادارة بتخصيص اعتمادات مالية في كل ميزانية سنوية لأداء التعويضات المحكوم بها قضائيا أو تخصيص اعتمادات مالية خاصة بنزع الملكية سواء مباشرة أو الغير المباشرة وكذا تخصيص مبالغ الصفقات التي لا يمكن اعلانها الا بعد ترصيد المبالغ المالية الخاصة بها مسبقا، ونفس الشيء بالنسبة لحقوق الموظفين اللذين يعتبر راتبهم الشهري مصدر رزقهم خاصة اذا علمنا أن الدولة والادارة تعتبر مليئة الذمة وتوصف بالرجل الشريف كما جاء في اجتهاد قضائي صادر عن محكمة الاستئناف الادارية بمراكش بتاريخ 12/2/2007 تحت عدد 53 الذي جاء فيه «اذا كان لا يجوز الحجز على أموال المؤسسة العمومية لكونها مليئة الذمة ولا يخشى اعسارها وليس لكون أموالها أموالا عمومية ،ولكن إذا ثبت امتناع المؤسسة العمومية عن تنفيذ حكم قضائي بدون مبرر فإن ملاءمة الذمة تصبح غير مجدية بالنسبة للتنفيذ الذي يرغب فيه من صدر الحكم لفائدته، وفي هذه الحالة يجوز الاتيان بالتنفيذ الجبري على أموال المؤسسة العمومية نظرا لصبغة الالزام الذي تفرضها بحكم قانون الاحكام القضائية القابلة للتنفيذ».

كما أن امتناع الادارة عن تنفيذ حكم قضائي، يضيف أبو الحقوق، يعتبر خطأ جسيما وغير مبرر طبقا لمقتضيات الفصل 79 من قانون الالتزامات والعقود ولما استقرت عليه محكمة النقض في العديد من القرارات ومنها القرار الصادر بتاريخ 3/5/2012 تحت عدد 1689، مبرزا أن القرار عدد 538 بتاريخ 23/9/2014 الذي اعتبر «ثبوت امتناع الادارة عن تنفيذ حكم قضائي حائز لقوة الشيء المقضي به يشكل خطأ مرفقيا يرتب للمتضرر حق طلب التعويض عن الاضرار التي تسببها اعمال ونشاطات أشخاص القانون العام عملا بمقتضيات المادة 8 من قانون 90-41 المحدث للمحاكم الادارية». الامر الذي سيحمل للدولة والجماعات مصاريف اضافية ناتجة عن التعويض عن عدم تنفيذ الاحكام مما سيثقل كاهل الدولة والجماعات من جديد.
وشدد على أنه “لابد من مواجهة اقرار هذه المادة بكل الوسائل المشروعة وبالحوار لأنها لا تشرف الدولة المغربية كدولة حداثية ديمقراطية تؤمن بحقوق الانسان وتبحث عن جلب الاستثمارات الكبرى خاصة الاجنبية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *