متابعات | هام

سوس.. تقلبات الأسواق وارتفاع كلفة الإنتاج تنذران بموسم فلاحي كارثي

يعيش قطاع الحوامض بسوس ماسة أوضاعا استثنائية، رغم وفرة الإنتاج بكافة أصنافه، إلا أن القطاع تأثر بجائحة كوفيد 19،  وبإشكالات أخرى تتعلق بشح التساقطات المطرية وانخفاض حقينة السدود،وارتفاع كلفة الإنتاج والزيادة في تكاليف النقل البحري بواسطة الحاويات وضعف الطلب على مستوى الأسواق الدولية، واشتداد حدة المنافسة بين المنتوج الوطني ومنتوج الدول المنافسة الأخرى في الأسواق الدولية.

قلة التساقطات وانخفاض حقينة السدود

أوردت النشرة الداخلية لوكالة الحوض المائي بسوس، أن نسبة ملء السدود الثمانية المتواجدة بحوضي سوس وماسة، وصلت نسبة الملء إلى 15.48 في المائة إلى غاية 24 دجنبر الجاري.

أشارت النشرة أن الحجم الحالي لسد المختار السوسي هو 8.5 مليون متر مكعب بنسبة ملء تصل إلى 21.07 في المائة وسد اولوز حجمه الحالي يصل إلى 18.7 مليون متر مكعب بنسبة 21.87 في المائة وسد مولاي عبد الله ب 13.3 مليون متر مكعب بنسبة تصل الى 14.88 في المائة. أما بالنسبة لسد عبد المومن فالحجم الحالي لا يتجاوز 8.8 مليون متر مكعب بنسبة ملء تصل إلى 4.49 في المائة، وسد الدخيلة يصل حجمه الحالي 0.209 مليون متر مكعب بنسبة ملء تصل إلى 104 في المائة، و إمي الخنك فيبلغ حجمه الحالي 5.59 مليون متر مكعب بنسبة ملء تصل إلى 62.10 في المائة، و3.3 مليون متر مكعب كحجم حالي لسد اهل سوس بنسبة ملء مئوية تصل إلى 82.85 واخيرا حسب نفس النشرة فإن نسبة ملء سد يوسف بن تاشفين تصل 18.26 في المائة وبحجم يبلغ 54.4 مليون متر مكعب.

وتظهر هذه الاحصائيات حجم الخصاص المسجل في التجمعات المائية بحوضي سوس وماسة بعد توالي سنوات الجفاف، مما يفسر ازمة العطش التي تجتاح منطقة سوس، وفي هذا الإطار قال يوسف الجبهة رئيس الغرفة الفلاحية بسوس في تصريح لمشاهد،إن “الوضعية المائية بسوس جد مقلقة وانخفاض نسبة التساقطات أدى إلى انخفاض حاد لنسبة ملء السدود” ودعى الجبهة إلى ” وجوب مراجعة السياسة المائية والبحت عن حلول جدرية للحيلولة دون وقوع الأسوأ”.

وكانت لجنة التتبع الجهوية قد قامت بزيارة للمجمع المائي اولوز في 17 دجنبر الجاري،باعتباره سد يسقي ازيد من 10000 هكتار بتارودانت، وخلصت اللجنة في تقريرها أن مخزون حقينة هذا المجمع سيوفر ماء السقي للضيعات الى غاية نهاية شهر ابريل من السنة المقبلة.

وعلق يوسف الجبهة على هذا الأمر بالقول إن “تاريخ نهاية ابريل يتزامن مع فترة ازهار الحوامض بكافة أصنافها مما يؤثر سلبا على المنتوج في السنة المقبلة” مضيفا أن هذا المعطى يتطلب اتخاذ اجراءات استباقية للتقليل من آثار السلبية على الموسم الفلاحي المقبل”.

وفرة منتوج الحوامض..وضعف الجودة

تشكل زراعة الحمضيات واحدة من الأعمدة التي يتأسس عليها النشاط الزراعي بجهة سوس ماسة، سواء بالنظر للمساحات المزروعة، أو بالنظر إلى حجم الإنتاج، وأهميتها التصديرية فيما يتعلق بجلب العملة الصعبة.

ويقدر منتوج الحوامض للموسم الفلاحي 2021/2022، حسب احصائيات رسمية، 820 الف طن بزيادة تصل إلى 20 في المائة عن الموسم الفلاحي الفارط، وتنتج الجهة ازيد من 40 في المائة من المنتوج الوطني،وأزيد من 65 في المائة من الصادرات المغربية من الحوامض. وتمتد ضيعات الحوامض على مساحة تقدر بازيد من 42000 هكتار.

هذه الأهمية التي يحتلها قطاع الحوامض في الدورة الإنتاجية، أعطى للقطاع الفلاحي بسوس اهمية قصوى في النسيج الاقتصادي الجهوي والوطني، إلا أن مشاكل عدة أصبحت تؤثر على مكانته الاقتصادية والاستثمارية.

وقد تسبب تراجع جودة بعض أصناف الحوامض إلى المساس على قدرتها التنافسية بالاسواق الدولية، حيث سجلت مراقبة معيارية جودة المنتوجات، داخل محطات التلفيف، إلى استثناء 40 في المائة المنتوجات،بسبب ضعف جودتها، بعد عملية الفرز. وهذه الكميات يتم تسويقها بالسوق الداخلي بثمن يتراوج مابين 0.20 درهم و0.50 درهم، فيما يوجه قسط منها إلى معملي العصير المتواجدين باقليم تارودانت باثمان مرجعية تتراوح مابين 0.20 درهم و0.30 درهم.

وفي هذا الاطار صرح يوسف الجبهة لمشاهد أن “هذه الوضعية تساهم في تأزيم وضعية الفلاحين حيث أن ثمن البيع الحوامض لنسبة 40 في المائة من المنتوج لا تغطي تكلفة الجني دون احتساب مصاريف التلفيف”.

وأشار “الجبهة” أن هذه المعطيات، المتعلقة بنسبة جودة المنتوجات، تزيد من ارتفاع التكلفة المعتمدة عند نهاية عملية التصدير، ويقلص من هامش الربح عند تحديد ثمن البيع بالأسواق الدولية.

ارتفاع كلفة الإنتاج..وانخفاض هامش الربح

تعرف كلفة انتاج الحوامض ارتفاعا قياسيا بفعل تظافر مجموعة من العوامل المتعلقة بغلاء فواتير مياه السقي والزيادة في كافة مدخلات مسارات الانتاج.

وفي هذا الاطار، أصبح الفلاحون يؤدون الضريبة على القيمة المضافة المرتبطة باقتناء كافة المدخلات الزراعية من الأسمدة والمبيدات وهي العوامل الرئيسية في عملية تجويد الإنتاج الفلاحي. وهذا الأمر أدى إلى ارتفاع كلفة الانتاج وتقليص هامش الربح في ظل غياب اجراءات مرافقة، اقرار الضريبة المضافة على المدخلات الزراعية، لتجويد مسارات التصدير.

ويخوض منتجو ومصدرو الحوامض بسوس حملة تصدير تعد الأكثر صعوبة، في ظل تداعيات أزمة كورونا، بسبب الزيادات الكبيرة في تكاليف النقل البحري بواسطة الحاويات، حيث عرفت مسارات اللوجستيك، استعمال الحاويات، زيادة في كلفة النقل تتراوج مابين 20 و50 في المائة مقارنة مع السنة الفارطة. كما سجل تكلفة النقل البواخر زيادة تراوح 50 في المائة من التكلفة الاعتيادية مقارنة مع السنوات الماضية.

وهذه الزيادات في مجالات الإنتاج والتلفيف والنقل واللوجستيك تؤثر سلبا على هامش الربح لدى المصدرات والفلاحين، خاصة وأن الأثمان في الاسواق الدولية غير مستقرة ولا يتم الإفصاح عن قيمتها إلا في نهاية الموسم الفلاحي.

وخلقت هذه الوضعية أزمة بين الفلاحين والبنوك بالمنطقة،حيث أن ارتفاع نسبة الديون المتراكمة على الفلاحين بسبب تراجع مداخيلهم لسنوات عدة، وهذا الامر قلص من عمليات تسديد مستحقاتهم في الآجال المحدد. 

ومن تجليات هذه الأزمة، ارتفاع عدد الدعاوى القضائية ضد الفلاحين والمنتجين،والمتعلقة بالشيكات بدون رصيد الخاصة، وكذا تسجيل تزايد عدد الكمبيالات غير المؤداة.

وقد أدت هذه الوضعية إلى توقف البنوك عن إجراء عمليات الاقتراض الموجهة للفلاحين، منها المتعلقة بالقروض الموسمية. وقد سببت قلة السيولة المالية لدى الفلاحين إلى عدم دفع مستحقات الموردين بالنسبة لتعاملات الموسم الفارط. وهذه النقطة أرهقت كاهل الفلاحين مما أدى إلى تهيئ سيئ للمواسم الفلاحي المقبلة، مما قد ينذر بنقص مهول في بعض المزروعات كالخضروات مثلا.

 

عدم تأهيل الاسواق الداخلية.. يؤرق المنتجين

رغم أن ثمن بيع أنواع من الحوامض لا يتعدى 30 سنتيما في الضيعات، إلا أن سعره في أسواق سوس يتراوح يزيد عن 5 ودراهم، مما يمكن الوسطاء تحقيق هامش للربح يتجاوز 1000 في المائة. وقد دفعت هذه الوضعية مجموعة من الفلاحين إلى التخلص من كميات كبيرة من الحوامض كرد احتجاجي على هذه الوضعية، حيث تحول مجهود سنوات من الاستثمار إلى كابوس.

وأرجع بعض المتتبعين ارتفاع اسعار الحوامض الموسمية باختلاف أنواعها في السوق الداخلية إلى تحكم لوبي السماسرة والوسطاء في مسارات التسويق، بالإضافة إلى غياب أسواق للجملة في كافة مناطق المغرب.ويتخوف عدد من الفلاحين من إشكالية تسويق الحوامض، خاصة وأن الموسم الفلاحي عرف زيادة إنتاج الحوامض بنسبة 20 في المائة.

وقد أرخت إشكالية تسويق الحوامض بظلالها على وضعية المنتجين، مرة أخرى، في ظل غياب إجراءات عملية من الوزارات المعنية بغية تأهيل أسواق الجملة وتقييد تدخل الوسطاء في تحديد أثمان، مما يزيد من الأمر تعقيدا صعوبة تحديد مسارات التسويق المنتوجات الفلاحية التي يتحكم فيها القطاع غير المهيكل.

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *