ثقافة وفن | هام

فن النقش على الحجر بالصحراء.. أسئلة ورهانات

ترجمة جزئية من إنجاز: محمد عالي الحيرش، عن مركز الأبحاث والدراسات الصحراوية الميدانية بأسا.

عرض تاريخي للأبحاث

الموقع معروف من وقت بعيد. يُحتمل أن يكون من بين أول المواقع الصخرية المرصودة بالمغرب (رودرﯿﮔ 2007). تمت الإشارة إليه لأول مرة من طرف الحاخام مردوخي في 1875. هو الذي أعطى اسم آزرو كلان للموقع (دوﭬيريي 1875). تمت أيضا الإشارة إليه في بعض الكتب  المنشورة (مونتاي 1940، موني 1954). لكن، رغم غناه وتنوعه، لم يسبق أن حظي بدراسة دقيقة وشاملة. وحدها النقوش التي ترجع للقرون الوسطى، خصوصا تلك التي ربما تصور سفينة شراعية (مارتيني 1996) ووجوها بشرية (رودرﯿﮔ 2007) قد أثارت الانتباه. يبدو أن النقوش الأقدم، التي تعود إلى الحقبة البقرية، والتي يصعب تمييزها بفعل تأثير الزمان عليها، لم ينتبه لها أحد إلى الآن.

منهجية

ثلاث حملات استكشافية قد تمت في أبريل 2013، مارس 2014 ونونبر 2015. الاستكشاف الشامل للبلاط الصخري هو في طور الإنجاز. حملة أخيرة مبرمجة خلال نونبر 2016. تشمل الأشغالُ مَسحاً طوبوغرافيا كاملا ذا أبعاد ثلاثة للبلاط الصخري مع تحديد دقيق بواسطة نظام التموضع العالمي التفاضلي GPS. مَكنَ هذا المسحُ من إنشاء نموذج رقمي ميداني للبلاط الصخري. وسوف يتم تغليف هذا النموذج الرقمي الميداني بغلاف فوتوغرافي رقمي ذي جودة عالية HD. علاوة على أنه يمثل أرشيفا كاملا ودائما، فإنه يصلح كأساس لرسم بياني توجيهي يقدم رؤية واضحة للبلاط الصخري، في مجمله أو بدلالة الحقب التاريخية (البقرية، الليبية الأمازيغية، المعاصرة..) أو حسب نوع المنظر (تموضع الفرسان، الأبقار، الأسلحة..) هذا من شأنه أن يؤدي في الأخير إلى رؤية شاملة وإلى ضبط توزع النقوش في الصخرة. كل هذه الإجراءات تُمَكن من الوقوف على العمل الذي يقود من عملية التسجيل إلى عملية التأويل.

من أجل إنجاز هذا الكشف، لابد من تقسيم البلاط الصخري إلى وحدات في شكل مربعات بيانية، وترقيم كل نقطة بعد تحديدها. وفعلا تم إنجازُ تغطية فوتوغرافية لكل وحدة ورسمُ تصاميم عامة وتفصيلية لكل مربع. وهكذا أخِذ ما يقرب من 4000 صورة (كليشيه) للبلاط الصخري. وهذا سيفيد في المرحلة اللاحقة للعمل الميداني، الذي دام شهورا، من أجل وضع رسومات رقمية منجزة مربعاً بعد مربع، ثم مجموعة حسب الرؤية العامة للنموذج الرقمي المنبثق من الكشف الطوبوغرافي. لقد تم عرض الزيارات الافتراضية °360، الصور والتركيب الرقمي خلال ندوات دولية، والفكرة مطروحة لتقديم كل هذا على الشبكة الدولية وإنجاز مونوغرافيات ومشاريع أخرى تتعلق بالعمل المتحفي.

كرونولوجيا النقش الصخري في موقع آرزو كلان

أربع مراحل أسلوبية على الأقل يُمكن رصدها على البلاط الصخري. هي عبارة عن نقوش بعضها فوق بعض، تسمح بوضع كرونولوجيا تقريبية. مشكل فن النقش على الحجر في الصحراء يكمن في صعوبة تحديد التواريخ. وحدها ظروف وتشكلات خاصة تسمح، بشكل استثنائي، بالحصول على تواريخ محددة بواسطة القياس الإشعاعي، وهذه التشكلات غير متوفرة الآن في الفن الصخري المغربي، وبالتالي تبقى مسألة الكرونولوجيا معلقة.

الأسلوب الأقدم الموجود في البلاط الصخري هو المسمى بقري، المعروف في الصحراء الوسطى، ويقدر أنه يرجع إلى نهاية ما قبل التاريخ، ما بين 3000 و1000 قبل الميلاد.

مرحلة متوسطة توافق الحقبة الأمازيغية أو قل الليبية البربرية، وهي تماثل تقريبا القرون الوسطى، أي ما بين 500 و1500 للميلاد.

وتأتي المرحلة الحديثة والمعاصرة. وقد أضيفت بعض النقوش خلال حملات الاستكشاف المتتالية للبلاط الصخري، الشيء الذي يُظهر أنه في تطور دائم.

نقوش معاصرة

النقوش المعاصرة متنوعة ويصعب وضع تصنيف لها. لكن، يمكن تمييز أربعة أنواع من النقوش المتأخرة: علامات (صلبان، سنابك، نجوم..)، أشياء وأجزاء من الجسم (نعل، قفل، مفتاح، أثر قدم أو يد..)، مشاهد مرسومة (كالتي تتعلق بالعرس)، كتابات (بالعربية أساسا). من بين العلامات، نجد حضور رسوم تمثل الوسم بالنار من طرف القبائل البدوية للمنطقة في رقاب أو قوائم الجمال. حرف عربي أو صليب، بنقاط في الأعلى أو الأسفل أو بدونها، رِجل طائر، كل هذه الأنواع من الوسم لها دلالة خاصة بالنسبة للقبائل. فيما يخص الكتابات الحديثة بالعربية، وأيضا بالبربرية والفرنسية، بعضها مجرد أسماء شخصية يرافقها تاريخ، وبعضها عبارة عن آيات من القرآن، والبعض الآخر يبقى غير مفهوم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *