جهويات

أكادير .. اختلالات مالية وتدبيرية بجماعة أقصري تسائل حماة المال العام

كشفت مصادر حقوقية متخصصة في حماية المال العام بأكادير، مجموعة من “الإختلالات المالية والتدبيرية” بجماعة أقصري التابعة إداريا لعمالة أكادير اداوتنان.

وذكرت ذات المصادر، أن الجماعة الترابية أقصري  التابعة لعمالة أكادير إداوتنان أقدمت على تغيير شاحنتين (citernes) صهريجيتين مخصصتين لتزويد الساكنة بالماء الصالح للشرب، إلى شاحنات لنقل مواد البناء للمواطنين بالمقابل.

وهذا ما أكدته برقية والي جهة سوس ماسة عامل عمالة أكادير إداوتنان، رقم 1662 بتاريخ 14 أبريل 2017، الموجهة إلى رئيس الجماعة تأمره بالكف عن استغلال شاحنات الجماعة في غير ما خصصت لهما.
هذا علما أن هذه الشاحنات الصهريجية، موضوع الشكاية، كانت الأولى منها، المرقمة 162401 ج، عبارة عن هبة مشروطة بتخصيصها لتزويد الساكنة بالماء الصالح للشرب من مجلس عمالة أكادير إداوتنان، والثانية، المرقمة 191951ج, تم اقتنائها من طرف وزارة الداخلية لنفس الغرض، جوابا على طلب لجماعة أقصري يلتمس من خلاله مسؤولو الجماعة من الوزير توفير شاحنة صهريجية إضافية، تحت ذريعة أن الشاحنة الصهريجية الأولى لا تكفي لسد خصاص الساكنة من الماء.
وبعد الحصول على الشاحنات(citernes) الصهريجية، عمد مسؤولو الجماعة إلى تحويل الشاحنات الأصلية إلى شاحنتين لنقل مواد البناء للغير بالمقابل، دون احترام الاتفاقيات و الوثائق الإدارية التي استفادت من خلالها الجماعة من الشاحنات، وحملوا ميزانية الجماعة مصاريف التغير دون المصادقة عليها من طرف المجلس، وأكتفوا بإدراج نفقات التغيير الهيكلي للمركبات في بند الصيانة، وفي غياب تام للمصادقة التقنية علي تغيير الخصائص التقنية للشاحنات و هذا ما يتعارض مع أحكام المادة 111 من القانون 116.14 المتعلق بمدونة السير على الطرق.
وفي السياق ذاته تداول المجلس الجماعي لأقصري في غير اختصاصه، وأقر وفرض قرار جبائي رقم 01/2012لاستخلاص رسوم خدمة نقل مواد البناء للمواطنين بواسطة شاحنات الجماعة، بالرغم من أن خدمة نقل مواد البناء للمواطنين بالمقابل لا تندرج ضمن الاختصاصات الذاتية ولا المنقولة ولا المشتركة للجماعات الترابية المحددة في القانون التنظيمي المتعلق بها.
ورخصت بذلك الجماعة، من تلقاء نفسها، لنفسها لمزاولة نشاط نقل مواد البناء لفائدة الغير بالمقابل، دون التوفر على التراخيص القانونية اللازمة لذلك، من الوزارة الوصية على قطاع النقل، طبقا للقانون16.99 المتعلق بعمليات النقل بواسطة السيارات عبر الطرق ومراسيمه التطبيقية، الذي يشترط لمزاولة هذا النشاط التوفر على شهادة التقييد بسجل ناقلي البضائع لحساب الغير وأن تكون مسجلا بذات السجل. وتبرر الجماعة دائما ذلك، بتوفرها على مصادقة الوالي على قرارها الجبائي السالف الذكر، والذي لا يخرج عن نطاق كونه مجرد ترخيص لتحصيل رسوم جبائية وليس بترخيص لمزاولة نشاط منظم بنص قانوني صريح.
و دخلت بذلك جماعة أقصري، بطريقة عشوائية، الي سوق نقل مود البناء للخواص وبالمقابل، عن طريق تكليف أخ الرئيس، الموظف بالجماعة، ومستخدم آخر لقيادة الشاحنتين، دون التوفر على الشروط القانونية المطابقة لنوع النشاط وفقا للقوانين الجاري بها العمل، والتي تستلزم التوفر على شاحنات « bennes » ذات البطاقة :« Transport de marchandises pour autrui »،وليس التوفر فقط على شاحنات ذات البطاقات : الصهاريج (citernes) التي تخصص عادة لنقل الماء الصالح للشرب.
وتجدر هنا الإشارة إلى أن كل هذه العمليات التدلسية والاحتيالية، الغرض منها ايجاد أرضية سهلة للوصول الى تحصيل أموال عمومية بطريقة غير مشروعة وتبديدها خارج إطار القانون.

ورغم النشاط اليومي لشاحنات الجماعة، إلا إن مداخيلها المصرح بها من هذه الخدمة تبقى هزيلة جدا و لا يتعدى معدلها السنوي 26.896,36درهم، وبناء على ما سبق فإن طريقة مسك سجلات الحسابات المتعلقة بتدبير مداخيل هذه الخدمة يفقد مصداقيته، خصوصا أن السائقين ينقلون حملات الرمل والحصى من مقالع مقاولة الأشغال مسكينة لاستغلال المقالع -المتواجدة بواد سوس بجماعة أزرو بعمالة إنزكان- أيت ملول، ومواد البناء الأخرى من المنطقة الصناعية تاسيلا بأكادير، وكل نقط شحن الحمولات تتواجد خارج نفوذ جماعة أقصري, والمسافة المتوسطة التى تقطعها الشاحنين تقدر ب 60 كلومتر في كل حمولة وهي المسافة المتوسطة بين موقع الشحن ونقط الوصول. وبالرجوع الى القرار الجبائي رقم 01/2012 ,الذي أقرته وفرضته الجماعة لاستخلاص رسوم هذه الخدمة و الذي حدد 10 دراهم عن كل كيلومتر، فإن معدل المدخول المفترض لكل حمولة هو 600 درهم، ما يعنى أن المعدل السنوي لعدد الحملات ,التي يتم استخلاص رسومها في السنة حسب وتائق الجماعة, لا يتجاوز 22 حمولة للشاحنة الواحدة، وهو ما لا يتعدى معدل حمولتين اثنتين في الشهر، والواقع غير ذلك مقارنة مع بيانات عدادات الشاحنات و كمية الوقود المستهلكة .
ويكفي الاطلاع على سجلات مقاولة الأشغال “مسكينة” لاستغلال المقالع، المتواجدة بمقلع واد سوس، للوقوف على العدد الحقيقي للحمولات من مواد البناء التي نقلتها شاحنات الجماعة الى زبنائها خلال سنوات اشتغالها 2016، 2015، 2014، 2013، 2012 و 2017 من هذه الشركة لوحدها، لكي يتم التأكد بوضوح من أن شاحنتي جماعة أقصري تحققان مداخيل هامة ولا يتم التصريح بها. ونشير هنا، أن القانون 27.13 يفرض على جميع الشركات المستغلة للمقالع مسك سجلات تدبيرها وفق المرسوم رقم .2.13.134
ويكفي أيضا مقارنة ما تصرح به الجماعة، بخصوص هذا الموضوع, مع بعض الشركات أو الأشخاص العاديين الذين يشتغلون في نفس الظروف وبإمكانياتهم الخاصة للوقوف على الفرق المهول بين ما تصرح به الجماعة وما تحققه من هذه الخدمة.

و من جهة تانية، لقد سبق للمجلس الجهوي للحسابات بأكادير أن قام بافتحاص ومراقبة التسيير المالي والإداري لجماعة أقصري ماي .2013و يمكن الوقوف عند الاختلالات التي رصدها التقرير المذكور والتي تتعلق أساسا باختلالات واضحة في مالية الجماعة واستغلال ممتلكاتها، حيث يلاحظ أن هناك تبذير كبير لمالية الجماعة فيما يخص استغلال الشاحنة لنقل مواد البناء للمواطنين والتزويد بالماء.

وحسب التقرير ذاته, فإن مداخيل الجماعة من هذه الخدمة هزيلة جدا مقارنة مع نفقات الشاحنة من الوقود ودون احتساب المصاريف الأخرى، من أجرة السائق وصيانة وتامين، و كل النفقات المختلفة المتعلقة بتغيير الشاحنة الصهريجية الى شاحنة لنقل مواد البناء، فحسب التقرير، فالوقود بمفرده كلف ميزانية الجماعة من المال العام، برسم السنة المالية2012 مبلغ 28.765,00درهم، ما يناسب مسافة مقطوعة تبلغ 21.751,72 كلومتر. والحال أن المداخيل المحصلة خلال 2012 لم تتجاوز6.250,00 درهم ما يناسب مسافة 600 كلومتر. وهذا ما يطرح التساؤول عن مصير الفرق الشاسع في المسافة، الغير مبررة في التقرير، الذي يساوي 21.051,72 كلومتر و المطابق لمبلغ 210.051,72 درهم من المداخيل غير المستخلصة وفق التعريفة المحددة في المقرر الجبائي للجماعة رقم 1/2012 الذي يحدد أجر ومقابل خدمة نقل مواد البناء للمواطنين بواسطة شاحنة الجماعة .
ونفس الملاحظة، حسب التقرير المذكور ، تنطبق على استغلال سيارة الإسعاف، إذ أن اللجنة المكلفة بمراقبة تسيير الجماعة وقفت على نقص كبير في تدبير استغلال سيارة الإسعاف يقدر ب 97.998,00 درهم.
وهو الأمر نفسه ينطبق بخصوص عدم تحميل الضريبة على محلات بيع المشروبات والمؤسسات الفندقية. وعلى عدم استخلاص رسوم استهلاك الماء من بعض الزبناء المشتركين في شبكة الجماعة لتوزيع الماء الصالح للشرب, من ضمنهم مسؤولين و مستخدمين بجماعة أقصري ذاتها )حسب التقرير.
و حسب نفس التقرير دائما، فإن هذا النوع من التدبير ضيع على خزينة الجماعة مبلغ 48.720,00 درهم في كراء محلاتها التجارية و مبلغ 37.680,00 درهم في تدبير سكنياتها.
ومن الخرقات التي وقف عليها الافتحاص، استخلاص واجبات الربط بشبكة الماء من طرف مستخدم جماعي دون أهلية قانونية وعدم تفعيل حق المراقبة على محلات بيع المشروبات وليالي المبيت المدلى بها لدى وكالة المداخل، واستخلاص الرسم على المشروبات من محلات تجارية غير مرخصة.

وبخصوص تلاعبات واختلالات بمجال التعمير، قد وقفت لجنة المجلس الجهوي للحسابات على عدة خروقات في ميدان التعمير، حيث منح الرئيس رخص البناء رقم 02/2010 بتاريخ 05/07/2010 دون الحصول على رأي اللجنة المختصة خلافا للمادة 43 من القانون 12.90 احترام القوانين الجاري بها العمل، كما منح الرئيس الرخص رقم 09/2008 ورقم 07/2009 دون التأكد من تحقيق الشروط الموضوعة من طرف اللجنة المكلفة بدراسة المشاريع الصغرى، ومنح الرئيس لنفسه الرخصة رقم 01/2008بتاريخ 28/02/2008 دون التأكد من تحقيق الشروط الموضوعة من طرف اللجنة المكلفة بدراسة المشاريع الصغرى، كما منح الرئيس شواهد ادارية غير قانونية كالشهادة رقم 10 بتاريخ 16/05/2011والشهادة رقم 31بتاريخ 31/10/2011 و الشهادة رقم 33 بتاريخ .21/11/2011، دون الحديث عن تفاصيل عدم إحالة بعض المخالفات لميدان التعمير على القضاء .

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *