وطنيات

هل مغادرة سعد الدين العثماني لوزارة الخارجية قرار عنصري؟

نشرت بعض وسائل الإعلام أن رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، أكد بالرباط، خبر مغادرة سعد الدين العثماني لمنصبه كوزير للشؤون الخارجية والتعاون، وحسب ما ورد على لسان بنكيران في دردشة مع عدد من الصحفيين على هامش لقاء حول المرأة، بمناسبة اليوم الوطني للمرأة المغربية، “العثماني مَشَا، وخًصُّو يمشي مرفوع الرأس”، كان الأمر اجبري على العثماني دون الأخريين.

بل يؤكد أن تأخير النسخة الثانية للحكومة، ربما يكون سببها فشل رئيس الحكومة ذو الأصل الفاسي في إزاحة سعد الدين العثماني رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية من منصب وزير الخارجية، فهل هناك دواعي مخفية وراء هذا الإجراء الذي قال عنه، أحد “صقور” العدالة والتنمية والمحسوب على منطقة سوس “بوانو”، في تصريح للصحفيين على هامش ذات اللقاء، أن “المهم أننا سنفقد رجلا اسمه العثماني، ووزارة في غاية الأهمية هي الخارجية”.

إقالة العثماني وزير الخارجية من منصبه، يعطي انطباعات، أن هناك مساعي من دوائر القرار، ترفض أن يتقاسم، ليس فقط حزب “البيجدي”، الدبلوماسية مع محتكريها منذ الخمسينات القرن الماضي، بل أيضا التيار الأمازيغي داخل الحزب الذي يقوده سعد الدين العثماني، رئيس المجلس الوطني “للبيجدي”، أمازيغي الانتماء وهو الذي فجر ، قنبلة من العيار الثقيل حينما دعا، خلال ندوة أقيمت في 9 أكتوبر بالناظور2011، إلى تطبيق نظام الحكم الذاتي على منطقة الريف شمال المغرب.

وقال القيادي في العدالة والتنمية ذو الأصول الامازيغية “سوس”، إنه إذا كان ينبغي تطبيق نظام الحكم الذاتي بالمغرب فيجب تطبيقه بأقاليم الصحراء زيادة على منطقة الريف، وفي سياق آخر أشبه بزلة لسان لسعد الدين العثماني، خلال المؤتمر الوزاري لإتحاد دول المغرب “العربي”، الذي انعقد بالرباط، طالب العثماني بإسقاط لفظ “العربي” من تسمية المنظمة وكلنا نتذكر الردود التي خلفها آنذاك وقد اعترض وزير الخارجية التونسي، رفيق عبد السلام، على تغيير الإسم الحالي للإتحاد، معتبرا أن لفظ “عربي” في التسمية لا يحيل إلى تصنيف عرقي بذاته.

إقالة العثماني من منصبه، يطرح تساؤلات مبهمة أيضا، تستحضر اختراق المخزن للحزب الاسلاموي، وتوجيهه عبر تكتلات، لفئات “أمازيغية” يمثلها تيار العثماني، وفئات “العروبية” التي يمثلها الرميد وزير العدل الحالي، وفئات “أهل فاس” التي يمثلها رئيس الحكومة بن كيران.

ولعل تشكيلة حكومة الإسلاميين الحالية تعكس صورة واضحة عن هذا التفيئ على مستوى التوزير، ومن المحتمل أن يتم التعد يل الحكومي بنسخته الثانية قبل افتتاح الدورة الخريفية للمؤسسة التشريعية، من طرف الملك محمد السادس، ومن المنتظر أن يكون هناك إجحاف محسوبة على “فئة الامازيغ” من وزراء “البيجدي” دو الإنتماء الامازيغي.

وهذا التناقض ذو الصبغة العنصرية، ظل يروج في كواليس الحزب الإسلامي، ولم يكن يظهر الى العلن، وكلنا نتذكر كيف أن أحد البرلمانيين من أصول امازيغية -لم يتم استوزراه “-، عبد الجبار القسطلاني النائب البرلماني عن حزب العدالة والتنمية، وحليف وزير الخارجية العثماني داخل الحزب، عندما دافع عن حق الحزب الديمقراطي الأمازيغي في الوجود أسوة بغيره من الأحزاب، موضحا أمام وزير الداخلية الطيب الشرقاوي في 29 شتنبر 2011، أن العبرة في منع تأسيس الأحزاب هو ما تنص عليه وثائقها وقوانينها الأساسية وليس أسماؤها فقط، مؤكدا أنه مطلع على وثائق الحزب الديمقراطي الأمازيغي ولم يجد فيها سوى أنه حزب ليبرالي علماني يدافع عن الأمازيغية، وأنه لم يجد ما يفيد أنه مؤسس على أساس لغوي أو جهوي.

إقالة سعد الدين من وزارة الخارجية، ليست إلا جبل منغمس في البحر لا يظهر منه إلا جزء بسيط من قمته. فهل هي بداية الانشقاق داخل الحزب؟، خاصة وان أطيافا محسوبة على تيار سعد الدين العثماني لن تكون راضية على القرار الجائر الذي لحق وزيرهم؟ وهل ذكر بن كيران أن “العثماني مَشَا، وخًصُّو يمشي مرفوع الرأس” أليس تحيزا للتماسيح، كما يحلو له تكرارها ويوهم الناس بخرافاتها؟ وهو بذالك جزء منهم، ويكشف في العمق المحنة التي عان منها وزير الخارجية سعد الدين العثماني في صراعه وزميله الوزير المنتدب لديه يوسف العمراني، ويقال أن الخلاف بين العثماني والعمراني وحسب معلومات رائجة، تقول أن العمراني يقدم نفسه لمحاوريه من الدبلوماسيين الأجانب بأنه هو رقم واحد داخل الوزارة اعتمادا على علاقاته الوطيدة مع أحد مستشاري الملك محمد السادس، في إشارة إلى الطيب الفاسي الفهري، وزير الخارجية السابق، وان العثماني اتصل بالمستشار الملكي وسأله غاضبا إن كان هو رئيس الدبلوماسية المغربية الفعلي أم أن هناك شخصا آخر.

إقالة العثماني من منصبه، تطرح أسئلة تفضي الى إجابة واحدة هو إفشال تجربة حكومة ، أصلا فاشلة أمام فشل “الربيع العربي”، و”الإسلامي”، بداء باعتقالات المناضلين والصحفيين ومحاكمة أنوزلا بالقانون الوهابي ، وبخلق احتجاجات “بنورماتية”، في القاعات مثل الاستعراضات حزب الوردة، و”مسيرة الحمير” الطائشة، في شوارع الرباط ، إلى تشجيع “الفن المخزني” في القاعات في ربوع الأقاليم، بداء بمسرحية “حكومة شو”، الى انشقاق ممكن في ظل خروج وزير الخارجية سعد الدين العثماني، وانتهاء بمشروع “ثورة القبل” العلمانية، التي غضت عن “القانون الوهابي”، والخوض في حكاية أضحية “عيد المشارقة “.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *