متابعات

داريا مبارك سلمى .. مشهد جديد لمسلسل قديم

تعتبر جبهة البوليساريو من الكيانات الاكثر صخبا وضجيجا بالحديث عن حقوق الإنسان وشعاراته، كما أنها الأكثر استخداما لورقة حقوق الإنسان في سياستها الخارجية بمباركة عرابتها الجزائر، التي تنزعج من الإيقاع الذي يتطور به المغرب على المستوى الحقوقي ومن انفتاحه على الآليات والمؤسسات الحقوقية الدولية.

ومن يقرا اليسير عن تاريخ البوليساريو يدرك بكل وضوح زيف الشعارات التي تتبجح بها عن قضية حقوق الإنسان. وان هذه المسالة كانت هي اللافتة التي اتخذتها قيادة الرابونى ستارا لارتكاب أبشع الممارسات اللاانسانية و الانتهاكات الجسيمة للحقوق المدنية.

ففي الوقت الذي تتعالى فيه الأصوات المطالبة باحترام حقوق الإنسان، بادر المغرب إلى إثبات حسن نواياه في التزامه النموذجي بالمبادئ الأساسية لحرية التعبير وحقوق الإنسان كما هو متعارف عليه دوليا.

في المقابل تسبح جبهة البوليساريو عكس تيار تطبيق ولو أبجديات المواثيق الدولية، واحتقارالحقوق الإنسانية الاكثر أساسية.

تعتبر قضية احتجاز الشابة محجوبة محمد حمدى الداف مأساة تعكس وضعية حقوق الإنسان في تندوف، فهي القضية التى حشدت تعبئة دولية كبيرة، وأعطت فكرة عن المعاناة الإنسانية التي تكابدها الساكنة المحتجزة بمخيمات تندوف.

وعلى عكس ما كان مأمولا من قضية محجوبة محمد حمدى الداف فى إيقاف مسلسل الانتهاكات لحقوق الإنسان، وأخد العبرة منها، تتفجر قضية جديدة لسيناريو قديم عنوانه ٌ الاحتجاز ومصادرة حرية التنقل.

يتعلق الأمر بالشابة داريا مبارك سلمى البالغة من العمر 25 سنة والمحتجزة منذ نحو سنة من قبل عائلتها البيولوجية في المخيمات بتواطؤ مع قيادة الفساد بالرابوني والتي منعتها ضدا عن رغبتها من العودة والالتحاق بابويها بالتبني في جزيرة تينيريفي الاسبانية لتبقى بذلك دار لقمان على حالها، ويدق المنتظم الدولي ناقوس الخطر من جديد حول التدهور الخطير لوضعية حقوق الإنسان في مخيمات تندوف والانتهاكات المتواصلة التي تدمي القلب، حيت أصبحت قاعدة أساسية وعملة رائجة في فلك البوليساريو الى حد ان المتتبعين للشان الصحراوي لم يتفاجؤوا هذه المرة بهده المأساة الجديدة اقتناعا منهم ان هناك المئات من الحالات الشبيهة التي لم تفضح بعد كون قيادة الرابونى دأبت على ممارستها أمام صمت منذ زمن بعيد مقابل صمت رهيب لدعاة الحقوق في العالم.

فمعاناة الاحتجاز يشاركها مع داريا ألاف الصحراويين الذين يعيشون داخل حصار وطوق عسكري حول ذلك السجن الكبير الذي يذكرنا “بستالاكات” العهد النازي    معزز بحقول متفجرة تمنع العبور منها وتجعله بالأمر المستحيل مما يجعل المحتجزين يرضخون للأمر الواقع في انتظار الغيث والمساعدة للخروج من هذا ”المستنقع الموجود” على الأراضي الجزائرية.

واهم و مخطئ من يتصور ان هده الممارسات الوضيعة ستغير في محيط حدف من قاموسه كلمة ٌحق ٌ ومرادفاته لان الجلادين والمسؤولين عن الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان بالمخيمات من اختطافات, اعتقالات, تعذيب واغتيالات هم من لا يزالون في مقاليد السلطة. فكيف نريد من الذئاب التحول الى خرفان وديعة.

ان مسؤولية هده الفضاعات التى ترتكب على الأرض الجزائرية, تتحملها في المقام الأول السلطات الجزائرية التي تصر على تحدي المنتظم الدولي, وقادة جبهة البوليساريو الذين نصبوا أنفسهم ممثلين للسكان بل اولياء امورعديمي الاهلية, والذين لم يحملوا معهم إلا البؤس, المعانات, الفراق. تشتيت الشمل, وهجر الأهل و الأحباب.

وهدا ما يدفعنا للتساؤل عن الاختفاء المفاجئ لكوكبة الجمعيات الحقوقية و الصحراوية التي كانت تتبجح بالدفاع عن حقوق الإنسان والدين لا يفوتون أي فرصة للانخراط في الدعاية المعادية والمغرضة للمغرب في حين يصمون أدانهم ويختارون الهروب إلى الأمام عندما يتعلق الأمر بحقوق الصحراويين المحتجزين بمخيمات القهر بتندوف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *