ملفات | هام

الانتخابات البلدية بالمغرب .. صلاحيات جديدة واختبار للـ PJD

يستعد المغرب لتنظيم أول انتخابات بلدية وجهوية في ظل قيادة حزب إسلامي للحكومة وفي ظل الدستور الجديد الذي رأى النور من رحم الحراك الذي شهدته المملكة في خضم الربيع العربي. ويمنح ذلك الدستور صلاحيات واسعة للمجالس البلدية والجهوية.

يشهد المغرب مطلع الشهر القادم تنظيم أول انتخاب للبلديات والجهات في ظل دستور 2011 الذي تمخضت عنه قوانين تمنح البلديات والجهات صلاحيات هامة، وهي أول انتخابات يخوضها حزب العدالة والتنمية من موقع رئاسة الحكومة بعد أن ظل حزبا معارضا لسنوات.

ووضع المغرب ترسانة من القوانين تنتقل بموجبها عدة اختصاصات من الدولة إلى البلديات والجهات، وتسمح بأن تمارس هذه الأخيرة اختصاصات مشتركة مع الدولة.

ويرى أستاذ التواصل السياسي بجامعة محمد الخامس في الرباط ميلود بلقاضي في حديث للجزيرة نت أن هذه الترسانة قوية لكنها لم تأخذ الوقت المستحقّ من النقاش بين الدولة والفاعل السياسي والمجتمع المدني، كما أن الأحزاب لم تناقشها في شموليتها.

تطاحن وتأثير

ولا يرى بلقاضي أن هناك استعدادا بما فيه الكفاية لإجراء هذه الانتخابات في جو سليم “ففضلا عن تأخرها عن موعدها المحدّد، فإن الأحزاب بدل أن تتنافس على البرامج والأفكار أضاعت -منذ 2012 على الأقل- وقتا كثيرا في تطاحن ومواجهات تفتقد إلى ثقافة الاختلاف واحترام الأشخاص والمؤسسات، ومن الطبيعي أن يؤثر ذلك في نظرة المواطن إلى الفاعل السياسي”.

وفيما يرى المحلل السياسي محمد بودن أن أكثر الأحزاب المغربية لم يكن مستعدا موضوعيا وإجرائيا لهذه الانتخابات، يعتبر أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض في مراكش محمد الغالي -بحديث للجزيرة نت- أن الاقتراع تمرينٌ هام لكل الفاعلين لقياس مدى الجاهزية لإعطاء معنى للانتخابات يتماشى وتطلعات المجتمع.

وأشار بودن إلى أن نظام الاقتراع الجديد يسمح بالتصويت على أعضاء مجالس الجهات بشكل مباشر من الناخبين، ويمنح صلاحيات جديدة للمجالس البلدية والجهوية بالرفع من مصادر تمويلها، وتكريس أسلوب الشراكة مع الدولة.

إهمال ومتغيرات

من جانب آخر انتقد بلقاضي مراهنة المغرب إستراتيجيا على الانتخابات التشريعية التي تفرز 375 نائبا برلمانيا، وإهمال الانتخابات البلدية التي تفرز أزيد من 26 ألف مستشار جماعي، “ففئة عريضة من المواطنين لا يكترثون لوظائف البرلماني بقدر ما يهمّهم قضاء مصالحهم المحلية، ومعالجة إشكالات الإنارة والنظافة والصحة والطرق والتعليم والخدمات الإدارية، والبلديات الحالية لا تقدّم في عمومها نموذجا يغري بمشاركة المواطنين”.

وبينما يرى الغالي أنه من الصعب الحديث بشكل علمي ودقيق عن توجهات عامة للناخبين بحكم تأثرها بعوامل ومتغيرات غير مؤطرة مؤسساتيا، يتوقّع بلقاضي أن تجد الأحزاب صعوبة في إقناع الناخبين بالتوجه نحو صناديق الاقتراع بسبب ضعف الخدمات المقدمة في البلديات، كما يعتقد بودن أن كتلة مهمة من الناخبين غالبا ما تحدد توجهها في آخر اللحظات التي تسبق يوم الاقتراع.

شعبية على المحك

وحول مدى تأثر شعبية حزب العدالة والتنمية في هذه الانتخابات بنتائج قرارات الحكومة التي يقودها، توقّع بودن عدم تصدّره للنتائج بناء على تلك المحقّقة في 2009 والتي حصل فيها على الرتبة السادسة (1135 مقعدا)، فضلا عن تأثره بمشاركته الموسعة في العمل الحكومي الذي ستستثمره المعارضة، إلا أن هذا لا ينفي -حسب بودن- تحسّن ترتيبه في هذه الانتخابات.

ومن وجهة نظر الغالي فإن نتائج حزب العدالة والتنمية في عشر السنين الأخيرة في تصاعد مهم، ورئاسته للحكومة “أعطته كسبا معنويا تمثل في كسر حاجز التخوف من هذا الحزب الذي يعتبر إسلاميا، مما سمح له بتوسيع قاعدة المتجاوبين مع مشروعه المجتمعي”.

كما توقّع ميلود بلقاضي أن يبقى حزب العدالة والتنمية من الأحزاب الأساسية في المعادلة الحالية بالمغرب بناء على مؤشرات منها النتائج الإيجابية التي حققتها مؤخرا النقابة المقرّبة منه، والتي أصبحت من النقابات الأكثر تمثيلية، والتقدّم الذي أحرزه في انتخابات الغرف المهنية مقارنة بـ 2009، فضلا عن “احتفاظه بكتلة ناخبة ثابتة وتعاطف فئات جديدة معه”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *