آخر ساعة

عند رفع الستار عن البوليساريو .. وما خفي كان أعظم

صدر عن دار النشر نيبون هيورن كتابا تحت عنوان “ما وراء الستار : دراسة استكشافية لمخيمات تندوف من الداخل”، وهو عبارة عن دراسة موثقة و بحث جماعي شارك فيه باحثون من المغرب و اليابان، يغطون قطاعات معرفية متنوعة تشمل القانون الدولي والإنساني و علم الاجتماع و الانتروبولوجيا و العلاقات الدولية و إدارة الأزمات وعلم النفس.

ففيما يخص علاقة البوليساريو بالإرهاب الدولي واعتمادا على تقارير رسمية واستخباراتية و مراسلات ودراسات استند عليها مؤلفو الكتاب، تمت الإشارة إلى “احتمال وجود تقاطعات بين مقاتلي جبهة البوليساريو و الجماعات الإرهابية التي تنشط على طول الشريط الممتد من الجنوب الغربي من ليبيا و تحديدا من منطقة فزان إلى الساحل” حيت إن تنظيم القاعدة يستقطب مقاتلي الجبهة بعد اختراقه للمخيمات ، وهدا ما تم نشره سابقا لمراكز علمية ووكالات استخباراتية دولية.

كما أن المنظر و القيادي الجهادي في تنظيم القاعدة “أبو سعد العاملي”، اعتبر مخيمات تندوف عبارة عن “جبهة جديدة ستعزز صفوف القاعدة لتكون بمثابة النواة الأولى لدولة الخلافة القادمة، بعد الدور البارز الذي لعبته الحركة الإسلامية في إحداث نقلة في أفكار العديد من المقاتلين الصحراويين الشباب و عقائدهم ووعيهم السياسي”.

الكتاب يسلط كذلك الضوء على لجوء البوليساريو للعنف من اجل تحقيق أهداف سياسية، مذكرا بعملية اختطاف عدد من البحارة الأسبان في سبعينيات القرن الماضي، وقتل فرنسيين اثنين، واختطاف ستة آخرين سنة 1977، و إسقاط سنة 1988 لطائرتين الأولى أمريكية و الأخرى كندية أسفرت عن قتل العديد من الركاب.

فالعنف عند جبهة البوليساريو يعتبر عقيدة ، فهي تلجا إليه كلما ضاقت بها السبل، كما أنها لا تتوانى بالتهديد بالعودة إلى السلاح و الحرب ضد المغرب مع علمها بان حل النزاع أصبح تحت إشراف الأمم المتحدة. فميول البوليساريو المتطرفة عبر تبنيها العنف كآلية للتدبير السياسي يجعل منها واحدة من ابرز الحركات المتطرفة المؤمنة بالعنف في العالم.

وفيما يتعلق بوضعية المحتجزين في تندوف، يشير الباحثون إلى المعايير و الأنظمة القانونية التي تضعها المفوضية الدولية للاجئين، ليخلصوا إلى وجود مفارقة للوضع بين هاته المعايير والحالة التي تعيشها الساكنة في المخيمات ، التي تقدمها البوليساريو ككتلة بشرية ضحية، بينما تتم ممارسة عملية ضبط قسري لحرية التنقل وفق منظومة شبه عسكرية يحد فيها البوليساريو وبرعاية من الدولة المضيفة من حريات الصحراويين، الذين يتعرضون لكل أشكال الابتزاز و التخويف إضافة إلى فصل العائلات و التجنيد القسري للشباب و الأطفال في الجيش، و العمل تحت الإكراه و الاستغلال الجنسي للأطفال الذين يتم إرسالهم إلى كوبا، إلى جانب منع اللاجئين من مغادرة المخيمات، والاحتفاظ بالقوة بأي فرد من أي أسرة، وممارسات أخرى مشينة كالعبودية التي تعتبر جريمة ضد الإنسانية.

إن الخلاصات التي وصلت لها هذه الدراسة الموثقة، في فضح الجوانب الغير قانونية وضد الإنسانية و الأعراف الدولية التي تمارسها جبهة البوليساريو وتبنيها لمواقف تسير في اتجاه خلق منطقة غير آمنة و بؤرة للتوتر لا يستفيد منها إلا الجماعات الإرهابية، لا يمكنها أن تحيط بكل أشكال التجاوزات الممارسة على شريحة كبيرة من ساكنة المخيمات، و خاصة تلك التي تعبر عن مواقف وآراء مخالفة لتوجهات القيادة، وذلك بسبب سياسة التعتيم والتخويف و القمع و الحصار المضروب على المخيمات.

ورغم وجود بعض الشهادات الموثقة لأشخاص تمكنوا من خرق هذا السياج الحديدي وفضحوا بعض تلك الممارسات الحاطة من الكرامة الإنسانية، فان ذلك يبقى نزرا قليلا و بعيدا عن واقع و حقيقة هذا الكيان الستاليني معرفة كاملة، لان ما خفي كان أعظم، والأيام كفيلة بإسقاط ورقة التوت التي يتستر بها البوليساريو ليظهر أمام العالم على صورته البشعة التي طالما حاول النظام الجزائري أن يخفيها بالمساحيق التي بدأت تذوب تحت نار شمس الحقيقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *