متابعات | هام

عندما تتسول “برغوثة’ و”بغداد” بشوارع أكادير .. فإنّ كلّ سوريا تتألّم

ترتديان من الملابس ما يستر جسديهما النحيفين من أخمص الأصابع إلى شعر الرأس، فتاتان سوريتان منحدرتان من مدينة “حماه” تقفان في ملتقى أحد شوارع مدينة “أكادير”، تمدان يديهما إلى السيارات المتوقفة للحظات للعبور، عسى نظرات عينيهما المترجية و جوازي سفرهما السوريين، يقنعان البعض برمي بعض الدراهم.

“برغوثة” و”بغداد”، تحملان اسمين غريبين، قرنهما القدر والمصير ذاته الذي حملتهما رياحه لتقفا تحت شمس قائظة، تتلمسان بعض الدراهم في بلد غريب، تبلغ “بغداد” من العمر 15 سنة، بينما تكبرها “برغوثة” بسنتين فقط، رفضتا رفضا تاما ظهورهما في شريط، لكنهما لم تمانعا سرد حكايتهما لنا.

آخر محطة حملتهما إلى مدينة “أكادير”، هي مدينة “الدار البيضاء” .. تقول “برغوثة: “جينا من كازا .. ما صار لنا أسبوع، اليوم سنغادر ليلا .. “ستي” تعبانة هي هناك هي وأختي الكبيرة وزوجها وأبي وأمي .. لازم نروح نشوفها قبل ما تموت.”

تصمت “برغوثة” قليلا، تحاول أن تخفي ألمها بالهروب والنظر أرضا، فتلتقط “بغداد” خيط الحديث بعدها: “دخلنا للمغرب تهريب عن طريق الجزائر … مشينا شوية على رجلينا .. وبعدها نقلونا بالسيارة ووصلونا لمدينة وجدة .. دفعنا فلوس “حمراء” جزائرية .. ما عارفة كم .. بس هي حمراء .. لحتى نجي المغرب .. ندور رزق …”.

تحكي “بغداد” ذات الخمس عشرة ربيعا ببراءة وعفوية، لم تفلح الظروف القاسية في انتزاعهما منها .. تواصل “برغوثة” التي عاد لها شبح ابتسامتها: “نكتري غرفة هنا بمنازل البحرية، تسكنها كلتا الأسرتين.. هي وزوجها وأنا وزوجي، بمئة درهم… (تواصل وقد افتض ثغرها عن ابتسامة واسعة وهي تتذكر) عرسي وعرسها عملناهم سوى هنا بكازا، أزواجنا أبناء عمومتنا”.

زواج القاصرات كما أخبرتنا الفتاتين، ليس أمرا مستهجنا بمجتمعهما، “برغوثة” ذات السبع عشرة ربيعا، التي تبدو أكثر حزما من “بغداد” وتتحمل قيادة الحديث، حامل بطفلها في شهره الثاني، تلمس بطنها وهي تبتسم رغم وحشة الظروف، إلا أنها تنتظر المولود بلهفة .. وعن صعوبة الوقوف تحت الشمس الحارقة، وهشاشة جسدها الضعيف البنية، وحملها، تبتسم وهي تكرر: “ربما كان هذا المولود.. مفتاح رزقنا .. ربما”.

ودعنا الفتاتين وهما تتمنيان أن تعود “سوريا” إلى سابق عهدها، رغم أن الأفق لا يشي بفرح قريب، لكن جذوة الأمل لازالت تداعب مخيلتيهما،.. تصرح “برغوثة” بنبرة حزن، وهي تودعنا: “ما عندنا تلفزيون لحتى نشوف شو بيحصل بسوريا.. وما فينا نفوت لسوريا الحين .. أزواجنا مطلوبين من النظام .. مجرد يرجعوا يمسكوهم، لحتى يجندوهم .. بس مين ما يتمنى يعيش ببلاده؟؟ ! ”

و قد صرح  جون بول كاليفيري ممثل مفوضية شؤون اللاجئين في المغرب، في وقت سابق لبعض المنابر الإعلامية،  إن “مساعدة اللاجئين السوريين الفارين من جحيم الحروب (تمثل) أولوية وتكون بحسب حالة كل شخص حيث تعطى الاسبقية للنساء والاطفال.”

ويضيف: “أن المفوضية تخصص مبلغ 300 درهم لكل لاجئ بحيث أسرة مكونة من أربعة أشخاص تتلقى نحو 1200 درهم” لكن هذا المبلغ لا يصرف بانتظام وقد يصرف مرة كل ثلاثة أشهر.

وقال كاليفيري إن المفوضية لها شراكات مع منظمات غير حكومية مغربية لتوفير المساعدات للاجئين لكنه رفض الافصاح عن حجم المساعدات التي توفرها الامم المتحدة لفرع المفوضية في المغرب قائلا إن “هذا ليس مهما.”

كما أشار إلى امتيازات أخرى توفرها لهم المفوضية كالحق في العلاج والزيارة الطبية المنزلية مجانا بالإضافة إلى الالتحاق بالمدارس المغربية العمومية؛ لكنه قال إن السكن الاجتماعي المجاني لا يتوفر في المغرب حتى بالنسبة لأبنائه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *