متابعات

بركة: الحاجة إلى ضمير مناخي مشترك لضمان بيئة سليمة مستدامة

أكد  نزار بركة، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، اليوم الخميس بفاس، أن هناك حاجة ملحة لمواكبة تعاقدات الأطراف ب”ضمير مناخي” لمواجهة تحديات تغير المناخ.

وقال  بركة، في افتتاح “قمة الضمائر” التي ينظمها المجلس تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، إن حاجة ملحة، اليوم، لمواكبة تعاقدات الأطراف ب”ضمير مناخي” يرتسي على القيم المشتركة للتجربة الإنسانية برساميلها الروحية والوجدانية والثقافية، في تعبئة الإرادات وتجميع الطاقات على نطاق واسع، وإضفاء المعنى على مختلف مستويات التدخل الرامية إلى مواجهة التحديات المناخية.

كما أكد على ضرورة انبثاق “ضمير مناخي مشترك” لبلورة النهج الأمثل والأنجع في التفكير والسلوك القمين بتمليك الجميع هذا الحق التضامني الذي يقضي بوجوب ضمان بيئة سليمة مستدامة، مشيرا إلى أن هذا الحق لا يتأتى إلا من خلال المصالحة مع الطبيعة واستدامة فضائل الأرض، وتوفير شروط العيش المشترك تشمل مجموع الكائنات الحية فيما بينها.

وشدد رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي على أن حوار الأديان والثقافات مدعو في هذه اللحظة الفارقة، بما ترصد لديه من مكتسبات بناءة وإنسية متجددة، إلى توسيع مساحة التفاهم والتقارب والتعاون المتبادل بين أطرافه، عبر توجيه اشتغاله صوب إشكالية المناخ بمختلف مظاهرها وأبعادها الأخلاقية والفلسفية والحقوقية، على اعتبار أن التحديات المرتبطة بالتغيرات المناخية توجد اليوم في مقدمة المخاطر التي تهدد التعايش والتساكن والسلم العالمي المنشود، إن لم تكن تهدد مآل البشرية والحياة عامة.

ورأى أنه من الأهمية أن ينفتح هذا الحوار على الفعاليات الحقوقية والبيئية والتربوية والإبداعية والإعلامية، حتى يصبح فضاء للاجتهاد الفكري والعلمي والمبادرات المبتكرة في هذا الصدد، وللترافع عن ضرورة الالتزام بنزاهة المعارف ونتائج البحث والتطوير والابتكار في المجالات ذات الصلة بالمناخ.

وعبر  بركة عن الرغبة في أن تكون “قمة فاس” فرصة سانحة للتفكير والتبادل والذكاء الجماعي الخلاق، في أفق بلورة أرضية حيث تنصهر كل الضمائر القادمة من ضفاف دينية وحضارية وحقول مختلفة في “ضمير مناخي مشترك” من أجل تحصين المستقبل، مستحضرا، في هذا السياق، رصيد الأسلاف من القيم والمعارف والممارسات الإيكولوجية الجيدة، لاسيما ما يتعلق منها بالتراث الروحي والصوفي المشترك بين الأديان والعقائد والحضارات، “في التربية على الابتعاد عن الأنانية والإسراف والتبذير والحث على احترام الطبيعة وتوقير الكائنات الحية والانتماء إلى الأرض”.

وأضاف أن “قمة فاس”، التي تتغيى “إسماع صوت الضمائر وضخ أنفاس الأمل والشروع في صناعة التغيير”، تنعقد في سياق استثنائي بالنسبة للمملكة المغربية التي تمضي ب”إرادية” في تنفيذ انتقالها الإيكولوجي والتنموي المستدام، تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، لاسيما على مستوى الاستثمار في الطاقات المتجددة والنظيفة وكذا الانخراط الاستراتيجي في الالتزامات والمجهودات الدولية لمكافحة التغيرات المناخية.

وسجل أنه ليس صدفة أن تستضيف فاس هذه القمة “وهي الحاضرة التي تعتبر من أكبر العواصم التاريخية تجسيدا للتعايش والتسامح بين الأديان والعقائد واحترام التنوع البشري والثقافي وغيرها من مقومات النموذج الديني والمجتمعي المغربي القائم على الوسطية والاعتدال والانفتاح”، خالصا إلى أن الأمل يحذو المشاركين في القمة إلى أن تخلص إلى جملة من التوصيات التي سترفع إلى رئاسة مؤتمر (كوب 22) بمراكش في صيغة نداء “يضع المبادئ والأرضية التأسيسية للضمير المناخي المشترك الذي نتطلع إلى إرسائه”.

وتأتي “قمة فاس” التي تنظم عشية احتضان مدينة مراكش لقمة المناخ (كوب22)، وبتنسيق مع الرابطة المحمدية للعلماء، في أعقاب “قمة الضمائر” الأولى التي نظمها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الفرنسي في شهر يوليوز 2015، على هامش قمة (كوب21).

وتراهن دورة فاس من “قمة الضمائر” التي تعرف مشاركة قيادات دينية وروحية وفلاسفة وشخصيات رسمية، بالإضافة إلى ممثلي منظمات معروفة بالتزامها ذي الصلة، على تسخير التراث الروحي والوعي الأخلاقي في تنوعه في سبيل بلورة أسس وعي إيكولوجي مشترك جديد.

وتهدف هذه القمة، التي ستواصل أشغالها على شكل جلسات عامة وورشات عمل، إلى تسليط الضوء على الوعي الجماعي في خدمة العمل الفردي، تحت شعار “أقوم بحصتي”، وعلى الحوار الإنساني كأرضية لبدائل بيئية، بالإضافة إلى تقاسم المعارف بخصوص الممارسات الإيكولوجية من منطلق أن الحق في البيئة السليمة يعتبر حقا مكفولا للجميع ويدخل ضمن مقومات الكرامة الإنسانية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *