اقتصاد

أنبوب الغاز المغرب-نيجيريا..لماذا تتخوف منه الجزائر؟

أنبوب الغاز الذي سبق الإعلان عنه دجنبر 2016 بمناسبة زيارة الملك محمد السادس لأبوجا حيث التقى الرئيس محمد بخاري، فيما تم إطلاق دراسة الجدوى في ماي 2017، قبل أن يتم التوقيع رسمياً على الاتفاقية، الأحد 10 يونيو 2018 بمناسبة زيارة رسمية قام بها الرئيس النيجيري للمغرب.ومن المتوقع أن تمر الأنابيب عبر 12 دولة إفريقية، انطلاقاً من نيجيريا ومروراً بكل من بينين وتوغو وغانا وبوركينا فاسو ومالي وساحل العاج وليبيريا وسيراليون وغينيا وغينيا بيساو وغامبيا والسنغال وموريتانيا وصولاً إلى المغرب قبل أن تعبر صوب الدول الأوروبية خلال 25 سنة المقبلة.

مسؤولون من البلدين يرون أن اختيارهم لمسار مختلط يضم عدداً كبيراً من الدول بَرّاً وبحراً جاء لأسباب ذات أبعاد اقتصادية وسياسية وقانونية وأمنية، فيما سيتم تشييد المشروع العملاق على عدة مراحل حتى يستجيب للحاجيات المتزايدة للدول التي سيعبر منها سواء كانت إفريقية أو أوروبية.

ترجمة المشروع على أرض الواقع ستجعل من المغرب قطب الرَّحى بالمنطقة، وهو ما سار إلى تأكيدها الدكتور الموساوي العجلاوي، الباحث في معهد الدراسات الإفريقية، مبرزاًأن المغرب يعزز عودته للقارة الإفريقية ويؤكد على نموذجه الاندماجي.

الخبير المغربي قال إن المملكة تشهد دينامية جديدة وفعالة خاصة عقب انضِمامه من جديد للاتحاد الإفريقي تُوِّج بتوقيع المغرب على اتفاقية منطقة التبادل الحر القارية الإفريقية فضلاًعن تقديمه رسمياً طلب الانضمام للمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا ( سيدياو)، التي تُعد نيجيريا أحد أعضائها الرئيسيين.

اختيار نيجيريا كنقطة بداية لأنابيب الغاز لم يكن اعتباطياً، يقول العجلاوي، مشيراً إلى أن نيجيريا تعد القوة الاقتصادية رقم 1 فيما يخص الناتج الداخلي الخام بـ 405 مليارات دولار أميركي فيما لا يتعدى ناتج المغرب 105 مليارات دولار. ومن جهة أخرى يحاول محمد بخاري رئيس نيجيريا الاستفادة من تجربة المغرب الفلاحية وتوظيفها خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة.

واعتبر المتحدث أن المزايا السياسية لهذا المشروع العملاق لا تتوقف فقط عند المغرب ونيجيريا بل تمتد للمنطقة بأكملها، فكلما ارتفع منسوب الاستقرار بهذه الدول تدفقت الاستثمارات صوب هذه الدول الفقيرة، موضحاً أن من شأن مد أنابيب الغاز العمل على تحسين اقتصادات هذه الدول ودر أباح كبيرة.

ولفت الخبير المغربي إلى أن المشروع من شأنه قلب الموازين بالمنطقة برمتها، موضحاً أن الغاز مادة استراتيجية في ظلِّ خلافات متنامية بين روسيا والدول الأوروبية ما يجعل هذه الأخيرة تبحث عن سُبل أخرى لتنويع مصادر تزودها بالغاز، فيما تعاني الجزائر من شيخوخة حقولها الغازية زيادة على الإشكالات المرتبطة بصعوبات تلبية “سونطراك” الجزائرية لحاجيات عملائها بالمنطقة.

هذا المشروع العملاق.. هل يضر الجزائر؟

منذ الإعلان عن مشروع أنابيب الغاز، تناسلت الأسئلة حول وضعية الجزائر التي تُعدّ دولة مُصدِّرة للغاز الطبيعي نحو أوروبا، وإن كانت مصالحها ستتضرر، وهو ما أكَّده إدريس فينا الخبير الاقتصادي بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي بالرباط، وإن كان ذلك بشكل نسبي.

وأوضح الخبير الاقتصادي أن الجزائر ستتضرر نسبياً بسبب المنافسة ما سيجعلها مضطرة لتخفيض أثمنتها، في وقت ستكون الدول الأوروبية أكبر المستفيدين ممن يبحثون عن مُصدِّرين آخرين لحاجِياتهم المتزايدة من الغاز الطبيعي.

وكانت الحكومة النيجيرية قد وقعت مع الجزائر مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء الكبرى، الرابط بينها وجنوب أوروبا عبر كل من الجزائر والنيجر، فقد أعلن الرئيس المدير العام للمؤسسة الوطنية النيجيرية للنفط، مايكانتي كاكالا بارو، ومنسقة مبادرة الشراكة الجديدة لتنمية أفريقيا بنيجيريا، غلوريا أكوبوندو، حسب جريدة الشروق الجزائرية، أن الحكومة النيجيرية متمسكة بمشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء الكبرى، الذي يمتد على مسافة أربعة آلاف و128 كلم، ويكلف ما بين 10 و12 مليار دولار، قبل أن يعود الرئيس النيجيري ويختار المغرب من جديد بدلا عن الجزائر.

إدريس فينا تحدث عن المزايا الاقتصادية لهذا المشروع المترقب أن يحظى بها المغرب، لافتاً إلى أن المملكة زيادة على الدول التي تمر منها الأنابيب جميعها مستهلكة للمحروقات الطاقية، مبرزاً أن المشروع من شأنه تعزيز القدرة الإنتاجية والصناعية، كما يعطي المغرب إمكانية لتزويد الصناعات بالغاز بأثمنة منخفضة.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *