آراء

مجاهد يكتب: تفكيك خطاب الإرهاب

أثارت العملية الإرهابية، التي كان ضحيتها سائحتان إسكاندينافيتان، نقاشاً داخل العديد من أوساط الشعب المغربي، بخصوص الخلفيات الإيديولوجية، التي كانت وراء إرتكاب هذه الجريمة الوحشية، والصورة التي ترسمها حول الإسلام والمسلمين، وهو نقاش طبيعي، من المؤكد أنه ينبغي أن يستمر ويتواصل، بشكل بناء، على أسس علمية ومنطقية، لأن بلادنا في حاجة لهذا النوع من الجدل، وقد أكدت العملية المذكورة، أَن التطرّف الديني مازال منتشرا داخل بعض الجهات، وقد يؤدي للإرهاب.

ويمكن القول، إن الفكرة التي أثارت ردود فعل كثيرة، هي ربط الإرهاب بالإسلام، وهذا الرفض طبيعي، لأن المؤمنين بأية ديانة معينة، لا يمكن أن يتحملوا وِزْرٓ المتطرفين والمتشددين، الذي يفسرون تلك الديانة بالتفسير الذي يساير أهدافهم السياسية وقناعاتهم الشخصية، وهو ما يحصل اليوم بالنسبة للإسلام، حيث لا يمكن وصم المسلمين بالإرهابيين أو بالمتطرفين، ففي ذلك تجني كبير عليهم.

ويعلمنا التاريخ والواقع، أن العديد من الإيديولوجيات، قد تتعرض لنفس ما يحصل اليوم بالنسبة للإسلام، فهناك متطرفون يهود ومسيحيون وماركسيون وبوديون وقوميون… بل حتى الليبرالية أنتجت تيارات يمينية عنصرية ومحافظين متطرفين، ومن كل هذه الإيديولوجيات وغيرها، خرجت تيارات تدعو للكراهية وتصفية الآخر وتمارس العنف.

غير أن هذه المُسٓلّمة لا تلغي مسؤولية المسلمين، اليوم، في مراجعة الخلفيات والمبررات التي تُسٓوّغُ التطرّف والإرهاب، باسم الإسلام، حيث أَن المتشددين يستندون في الإيديولوجية التي تشكل مصدر شحنهم وتعبئتهم، على نصوص دينية من القرآن والسنة، وعلى شيوخ مثل إبن تيمية، وعلى فتاوي الوهابية، ليستقطبوا أعضاءهم وليوجهوهم نحو إرتكاب الجرائم التي يقومون بها.

لذلك لا يمكن أن نتفق مع أولئك الذين يدعون أن “الإسلام براء” من هؤلاء، لأن الإيديولوجية التي تروج اليوم، مازالت في حاجة إلى فرز واضح، بين إسلام التدين والأخلاق، وإسلام الجهاد والتشدد والظلامية، الذي أصبح يتغلب على كل التفسيرات الأخرى، بحكم آليات الدعاية الرهيبة التي رصدت له. ومادمنا غير قادرين على تفكيك خطاب الجهاد والظلامية، ومراجعة خلفياته بمنهج نقدي، فإن التهديد سيتواصل، من طرف جماعات متشددة، لن يجد عامة المسلمين الأدوات الفكرية لتحصينهم من تأثيراتها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *