ملفات

صفحات “الفايسبوك” بأكادير .. أصوات حرة أم تكريس للرداءة الإعلامية

تتناسل صفحات وحسابات على شبكات التواصل الإجتماعي، لأشخاص بمدينة أكادير، منهم من وضع قانون الصحافة والنشر حدا لإدارة موقعه الاليكتروني، ومنهم من لم يجد موطأ قدم في المشهد السياسي والجمعوي بالمنطقة، ليؤسس ويمول حسابا على الفايسبوك من أجل الإيصال “القسري” لأنشطته إلى عموم ساكنة مدينة الانبعاث.
وبين هؤلاء، أصوات حرة، لم تستوعبها المؤسسات الإعلامية، لاحتضان أرائها ومواقفها من الشأن المحلي.

“المعارضون الجُدد” على الفايسبوك

إذا كانت أدوات تعبئة الرأي العام، من أجل قضية معينة، تستدعي في السابق، حشد إمكانيات بشرية والنزول إلى الشوارع والأحياء للتواصل مع الساكنة، مع ما يترتب عن ذلك من ملاحقات سلطوية ونقاشات ميدانية تصل إلى حد الصدام المباشر، فإن تقنية “اللايف” على الفايسبوك لا تكلف أكثر من تعبئة رصيد الأنترنيت على الهاتف المحمول، وإزالة أي محتوى تفاعلي في التعليقات لا يرضي صاحب الصفحة.
ويحرص مستشار جماعي على توثيق كل تحركاته، والقيام بجولات في شوارع المدينة، بل والاعتماد على صفحات “الفايسبوك” للتواصل مع “أنصاره” في الانتخابات المقبلة، التي لايخفي أكثر من مرة أنها رهانه الأول.
ويتميز هذا المستشار باستثمار تقنية الدفع المالي لترويج محتوى الفايسبوك، للوصول إلى أكبر عدد ممكن من الفايسبوكيين بأكادير.

سب وتجريح وأحكام قضائية

وسبق لمحاكم أكادير، أن أصدرت أحكاما بالإدانة، في حق عدد من هؤلاء النشطاء، تتراوح بين الغرامة والسجن النافذ، بسبب بث فيديوهات تتضمن عبارات السب والقذف ونشر معطيات غير “صحيحة”، بل إن أحدهم، كشف، في صفحته على الفايسبوك، بعد خروجه من السجن، أنه كان ضحية بعض الأشخاص، تكون أدلتهم ضعيفة أمام القضاء ويتقدمون إلى صفحته الفايسبوكية ليتم توريطه !

“مّالِين اللايف” ..

ينطلق بعض أصحاب هذه الخدمات، من قاعدة أن لكل عمل أجر، وبصرف النظر عن طبيعة العمل والخدمة المقدمة من طرفهم، حيث كشف مصدر لجريدة “مشاهد” أنه في ظل غياب أي أفق برنامجي أو مجتمعي لبعض أصحاب صفحات الفايسبوك، سرعان ما يرتمون في أحضان من يدفعون أكثر، ويؤدون خدماتهم بالمقابل، ويستعرضون بطريقة غير مباشرة، قدرتهم على إمكانية تحويل أحداث ثانوية إلى قضايا الرأي العام، بنقرة على صفحاتهم الفايسبوكية، ويشفع لهم ذلك في ابتزاز رجال المال والسياسة، بل ومواطنين بسطاء لنشر حالاتهم الانسانية على أمل استدرار عطف المحسنين وكبار المسؤولين للحصول على “كريمة” ولم لا؟!
وفي السياق ذاته، كشف مُنظم تظاهرة فنية بأكادير، أن “موالين اللايف” لهم دور كبير في إشعاع تظاهرته، نظرا لتكلفتهم المالية المحدودة جدا، والتي لاتتعدى في بعض الأحيان 200 درهم، ونقلهم المباشر لحظات المهرجان، بأسلوب حماسي ودعائي، على خلاف الصحفيين الذين يواكبون المهرجان بحس نقدي.

خرق للقانون وتطاول على مهنة الصحافة

إذا كان قانون الصحافة والنشر، ألزم الشركات الناشرة للجرائد الالكترونية الراغبة في نشر المحتوى السمعي البصري، الحصول القبلي على ترخيص سنوي يمنح من المركز السينمائي المغربي التابع لوزارة الاتصال، يتم الحصول عليه وفق مجموعة من الإجراءات والشكليات، تحت طائلة المساءلة التأديبية والقانونية، فإن أصحاب هذه الصفحات يمارسون عملهم بمنأى عن أي مساءلة كيفما كان نوعها.

وبعد صدور قانون الصحافة والنشر ودخوله حيز التنفيذ، اضطرت بعض المواقع إلى إغلاق مواقعها الاليكترونية، لعدم ملاءمتها مع هذا القانون، غير أن بعض مدراء هذه المواقع تحولوا إلى مسيري صفحات وحسابات على الفايسبوك، ليمارسوا مهنة الصحافة، الذي اضطروا إلى مغادرتها من الباب ليعودوا إليها من النافذة.
وساهم في استشراء هذه الظاهرة، تساهل السلطات الإدارية والقضائية والأمنية ومنظمي التظاهرات والهيئات السياسية والمنتخبة، لتعُم الفوضى قطاع مهني له خصوصياته، فوضى تجعل مستوى احترام الأخلاقيات ومحاربة الرداءة الإعلامية في مهب الريح.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *