آراء

الفيلالي : قانون 22.20 انتقام من التعبير الحضاري للمغاربة

يقول الرَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَجْمَعُ أُمَّتِي عَلَى ضَلَالَةٍ ، وَيَدُ اللَّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ )
و عرف الدستور المغربي القانون بكونه أسمى تعبير عن إرادة الأمة من خلال منطوق الفصل 6 من الدستور الذي ينص على مايلي:
القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة. والجميع، أشخاصا ذاتيين أو اعتباريين، بما فيهم السلطات العمومية، متساوون أمامه، وملزمون بالامتثال له. تعمل السلطات العمومية على توفير الظروف التي تمكن من تعميم الطابع الفعلي لحرية المواطنات والمواطنين، والمساواة بينهم، ومن مشاركتهم في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية.
و تنص المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على ما يلي
1. لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة.
2. لكل إنسان حق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها.
و بناء عليه و منذ خروج الإنسان من حالة الطبيعة ارتبط القانون بمصلحة الجماعة (شعب، أمة) باعتباره ترجمة موضوعية لإرادة الأفراد في تحقيق مكنة العيش المشترك وفق ضابط يوازي بين مصلحة الفرد الخاصة و مصلحة المتجمع عامة
الأكيد أن القانون كمجموعة قواعد تحكم الأفراد و تحدد مساحات حريتهم و حقوقهم و واجباتهم لم يكن قط بفهومه الحداثي آلية فئوية لخدمة فئة محددة و تحقيق مصالحها على حساب حرية عامة الأفراد في التعبير و إبداء الرأي.
وقد ظهر اليوم مولود قانوني مسخ و خدج من منطلق روح القانون سمي بالقانون رقم 20,22 المتعلق باستعمال شبكات التواصل الاجتماعي وهو القانون الدي يجرم الدعوة إلى مقاطعة المنتوجات أو البضائع أو الخدمات و كما جرم التشكيك في جودتها و سلامتها
و البين من هذا القانون في صيغته الحالية أنه افترض في كل الأفعال موضوع التجريم توفر نية إجرامية لداع إلى المقاطعة و مبدي الرأي فيها بل و افترض مصلحة و صفة ملاك المنتوجات و البضائع والخدمات المحمية بموجبه في تقديم شكايات و المكتبة بتعويض بموجبها دون إعطاء المواطن المستهدف بهذه السلعة بشكل اصيل حقه في إبداء ملاحظاته و رأي مما تضرر منه بخصوصها سواء تسمم من استهلاكها و ارتفعت أسعارها أو تدنت جودتها
إن هذا القانون الذي وضع انتقاما من تعبير حضاري للمغاربة فيما سبق من أجل مقاطعة مجموعة من المنتوجات التي أثقلت كاهله بغلاء أسعارها و ضعف جودتها يشكل انتكاسة حقوقية و بداية لعصر من جمر و سجون و تراجع مخزي لمنسوب الحرية في عهد حكومة متناقضة الأفكار تجاه خدمة المواطن ومنسجمة في كل ما يلجمه
و على كل فالعقوبات المقررة بنص هذا القانون تقتضي من كل ذي عقل واع ربطها بأفعال تشكل خطورة كبيرة كالاتجار بالمخدرات أو المس بسلامة الأفراد الجسدية أو غيرها من الأفعال بخطورتها لا أن تكون عقوبات على متعلقة بالتعبير راي أو موقف
و اخيرا فإن القانون المذكور أعلاه و الثابت لا دستوريته و الذي تعتزم الحكومة طرحه للمصادقة أمام البرلمان لا يمكن إلا أن يوصف بأنه تعبير عن إرادة سياسية رجعية متخلفة عن ركب الإنسانية في تكريس الحرية و صون الحقوق و المكتسبات و تعود لزمن القمع في محاكم التفتيش و هيئات الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر لزمن اباده تقدم الإنسانية و سمو حرية الإنسان عما سواها من المصالح الضيقة.

محمد الفيلالي/ محام بهيئة أكادير وكلميم والعيون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *