متابعات

مجلس المستشارين .. الأغلبية تشيد بالحفاظ على التوازنات الماكرو-اقتصادية والمعارضة تنتقد غياب رؤية الواضحة لدى الحكومة

تباينت مداخلات الفرق والمجموعات البرلمانية بمجلس المستشارين، خلال الجلسة العمومية التي انعقدت اليوم الاثنين، وخصصت للمناقشة العامة لمشروع قانون مالية 2015، ففي الوقت الذي أشادت فيه فرق الأغلبية بجهود الحكومة لضبط التوازنات الماكرو-اقتصادية مع الحفاظ على عدم المس بالتوازنات الاجتماعية، انتقدت المعارضة غياب الرؤية الواضحة لدى الحكومة في المجال الاقتصادي وفي معالجة المعيقات البنيوية التي تكبل الاقتصاد الوطني.

وفي هذا الصدد، نوهت فرق الأغلبية بمجلس المستشارين بالمجهود الحكومي المبذول على مستوى السعي لضبط التوازنات الماكرو-اقتصادية مع الحفاظ قدر الإمكان على عدم المس بالتوازنات الاجتماعية، باعتبارها المعادلة الصعبة التي تواجه السياسة المالية للحكومة خاصة في ظل الخصاص الاجتماعي الكبير وسوء توزيع ثمار التنمية مجاليا وجهويا.

وسجلت أن التأثيرات السلبية للأزمة العالمية على الاقتصاد الوطني تمت مواجهتها من طرف الحكومة التي تمكنت، على الرغم من الظروف الصعبة، من استعادة التوازنات المالية والاقتصادية الكبرى، وتثبيت مناعة الاقتصاد الوطني والاستعادة التدريجية لعافية المالية العمومية، مبرزة تحسن عدد من المؤشرات الاقتصادية وكسب هوامش في الميزانية لتوجيهها نحو الاستثمار والقطاعات الاجتماعية.

كما ثمنت إرادة الحكومة مواصلة تفعيل المحركات الأساسية للاقتصاد الوطني، عبر مشروع قانون المالية، والمتمثلة في الاستثمار في البنيات التحتية والأشغال العمومية، والمهن العالمية، ودعم المخططات القطاعية الاستراتيجية، ودعم المقاولة باعتبارها رافعة أساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية بإجراءات اجتماعية متعددة.

وسجلت، بإيجاب، عزم الحكومة تنزيل توصيات المناظرة الوطنية حول الإصلاح الجبائي، من خلال مراجعة نظام الضريبة على القيمة المضافة، معربة، من جانب آخر، عن تطلعها إلى مراجعة جذرية للمنظومة الجبائية قائمة على أسس العدالة والإنصاف وضمان حقوق الملزمين وتوفير إطار لتوسيع الوعاء الضريبي.

وأكدت أيضا على أهمية توجه الحكومة نحو تحصين مكاسب النموذج التنموي عبر تطعيمه بالعديد من الإجراءات لتقويم اختلالاته، وذلك من خلال اعتماد سلسلة من الإجراءات التي تذهب في اتجاه دعم المقاولة والاستثمار على السواء في أفق تحقيق نمو متوازن بين مختلف الجهات.

كما أبرزت أهمية توجه تعزيز التماسك الاجتماعي ومحاولة تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية التي تعد أحد العوائق الكبرى لتطور النموذج التنموي، داعية الحكومة إلى الاشتغال عليها في أفق تبني نظام جهوي جديد، وكذا المضي قدما في مباشرة الإصلاحات الهيكلية الكبرى من قبل التقاعد والمقاصة، وتنزيل ميثاق إصلاح منظومة العدالة، وتفعيل اللاتمركز الإداري مع مواصلة إصلاح النظام الجبائي، والتنزيل التدريجي لمقتضيات إصلاح القانون التنظيمي للمالية.

وشددت فرق الأغلبية على أن هذه الحكومة ليست فقط حكومة تدابير جريئة وزيادات، كما يتم الترويج لذلك، بل هي حكومة إنجازات ومكتسبات اجتماعية هامة، في انسجام والتزام بتوجهاتها المتضمنة في البرنامج الحكومي.

وخلصت إلى أن هذه الأخيرة هي كذلك ليست حكومة قطيعة مع حكومات سابقة قامت بجهد إصلاحي لا يمكن نكرانه، بل حكومة إصلاح في إطار الاستقرار والاستمرارية، لكن بنفس إصلاحي أقوى، وإرادة في التقدم إلى أمام للاندراج ، بالفعل ، ضمن الدول الصاعدة.

من جهتها، اعتبرت فرق المعارضة أن الحكومة لا تتوفر على رؤية واضحة في كيفية تسيير الاقتصاد وبدون اختيار ما بين المحركات الأساسية التي يمكن لها أن ترفع من نسبة النمو وخلق مناصب شغل إضافية، مبرزة أن الحكومة فشلت في معالجة المعيقات البنيوية التي تكبل الاقتصاد الوطني وتمنعه من تقوية تنافسيته.

وأشارت، في هذا الصدد، إلى إشكالية عدم التناسب بين المجهود الاستثماري المبذول ونسب النمو المحققة، معتبرة أن هذه واحدة من الاشكاليات الموروثة والتي فشلت الحكومة فشلا ذريعا في تسجيل أي إنجاز يستحق الذكر، حيث أنه بمجهود استثماري ضخم يضاهي 36 في المائة من الناتج الداخلي الخام يتم، بالكاد، تحقيق نسب نمو تتراوح بين 2 و4,5 في المائة.

وأعربت فرق المعارضة عن الأمل الكبير الذي كان يحدوها في أن يشكل مشروع قانون المالية فرصة للحكومة لتتدارك أخطاءها وتضاعف جهودها، وأن تنتقل إلى السرعة القصوى في إنجاز برنامجها، وتسرع بإعمال مقتضيات الدستور، من أجل تعزيز المسار الديمقراطي وتعزيز الحكامة المؤسساتية والتسريع بإنجاز الأوراش الكبرى المهيكلة، معتبرة أن المشروع جاء منفصلا عن الانشغالات الاساسية للمجتمع المغربي.

وأشارت إلى أن الأرقام المتضمنة في مشروع قانون المالية ستبقى أرقاما بدون عمق تنموي ما دامت الحكومة غير قادرة على إيجاد حلول حقيقية للاختلالات المطروحة، وما دامت بدون وقع إيجابي على جيوب المواطنين وعلى معيشتهم وعلى تنافسية المقاولات الصغيرة والمتوسطة والصغيرة جدا، مضيفة أن ما يزيد من عدم واقعيتها هي الطريقة التقليدانية التي لا تزال تعتمد في اعداد المشروع، والتي تعمل على تغييب دور البرلمان كهيئة رقابية تشريعية في المشاركة الحقيقية والفعلية في المراحل الاولى لإعداد الفرضيات والتوقعات.

وسجلت أن الفرضيات المقدمة سواء فيما يتعلق بمعدل النمو ونسبة العجز، تبقى أرقاما غير واقعية، يصعب تحقيقها في ظل الإشكاليات المطروحة، المتعلقة، على الخصوص، بالظرفية المناخية المتقلبة، وانخفاض كبير في السيولة الداخلية، وغياب إجراءات عملية محفزة على الانتاج والتصدير وخلق ثروات جديدة، واستمرار ارتفاع مستوى المديونية بسبب لجوء الحكومة في كثير من الأحيان على تمويل ميزانية التسيير بالالتجاء إلى الاقتراض من السوق الداخلي والخارجي.

ودعت إلى إدخال تحولات هيكلية على الاقتصاد الوطني، بما يسمح ببروز قطاعات جديدة مصنعة وفروع جديدة ذات نسبة نمو عالية، والاسراع بتفعيل وتنفيذ الاستراتيجيات القطاعية المعتمدة، بهدف تنويع وتحديث البنيات الإنتاجية، وإحداث مناصب الشغل، وتعزيز القدرات التصديرية والتنافسية، وتقوية الاستقلالية في مواجهة التقلبات المناخية، حتى لا يرتهن الاقتصاد الوطني ومعدل النمو بنتائج القطاع الفلاحي، الذي يبقى أداؤه غير مستقر بفعل التغييرات المناخية.

كما أشارت إلى أن النمو الاقتصادي بالمغرب يعمق الفوارق الاجتماعية ويكرس الفوارق المجالية، مسجلة كذلك أن دعم الطلب الداخلي لم يواكبه، بالقدر المأمول، نمو وتطور ومتانة على مستوى النسيج الاقتصادي الوطني.

كما نبهت فرق المعارضة إلى مخاطر المديونية واستمرار ارتفاع حصيلة الاقتراض العمومي، محذرة من خطر ارتفاع كلفة هذه الأخيرة بوتيرة أسرع من وتيرة النمو.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *